الأحد 2017/08/06

آخر تحديث: 14:46 (بيروت)

"تقبرني يا حبي"..لعبة تحاكي اللجوء السوري إلى أوروبا

الأحد 2017/08/06
"تقبرني يا حبي"..لعبة تحاكي اللجوء السوري إلى أوروبا
increase حجم الخط decrease

"تقبرني يا حبي" ليست عبارة غزل في مسلسل بيئة شامية رديء، بل هي اللعبة الإلكترونية الجديدة التي صممها الصحافي الفرنسي فلورنت ماورين، لمستخدمي الهواتف الذكية، ومزج فيها بين الصحافة وعالم الألعاب، لنقل رسالة اجتماعية مهمة عن العالم الذي نعيش فيه، وتحديداً حول معاناة اللاجئين السوريين.

وخلال اللعبة التي تصدر في شهر أيلول/سبتمبر القادم، يلعب المستخدم بشخصية واحدة اسمها ماجد، وهو رجل سوري يضطر إلى البقاء في بلاده لحماية والديه المسنين، بينما تكون زوجته نور في طريقها إلى أوروبا، وتقوم فكرة اللعبة على التواصل مع الزوجة الافتراضية، عبر رسائل تشابه رسائل "واتس أب" تصل للمستخدم كي يقوم بإرشاد نور طوال رحلة اللجوء الصعبة، لكن التواصل مع نور ليس سهلاً دائماً، فهي لن تجاوب على جميع رسائل المستخدم، وأحياناً ستقوم بإرسال رسائل مفاجئة، وطوال اللعبة ستوافي نور زوجها اللاعب بالتقدم الذي تحرزه أولاً بأول، وتطلب النصيحة بشأن خطوتها التالية: هل يجب أن تنتظر أم تتقدم إلى الأمام، وهل يجب أن تثق بالمهرب الذي قابلته أم لا، وهكذا.

في ضوء ذلك، تحتوي اللعبة على 19 نهاية ممكنة، تعتمد جميعها على قصص من لاجئين حقيقيين، إذ يمكن أن ينتهي الحال بنور في إيطاليا والنمسا، أو فرنسا، أو بالاستسلام والبقاء في تركيا حتى يصبح ماجد قادراً على المجيء ومقابلتها هناك. وبالطبع هناك أيضاً نهايات حزينة، مثل تلك المصائر المأساوية التي واجهها بعض المهاجرين في الواقع كالغرق في البحر المتوسط أو الاختطاف والموت على يد المهربين.

اللافت أن بطلة اللعبة نور مستلهمة من لاجئة سورية حقيقية تدعى دانا شاكر وتعيش حالياً في ألمانيا، واستوحى ماورين (36 عاماً) "شجاعتها المميزة والمتحضرة التي لا تعرف الخوف" بعدما قرأ عن تجربتها في مادة صحافية نشرتها الصحافية الفرنسية لوسي سولييه في صحيفة "لوموند"، علماً أن شاكر وسولييه كانتا مستشارتين لماورين خلال تطوير اللعبة، إذ حكت دانا الكثير عن تلك الرحلة، من المهربين، والأماكن الغامضة التي اضطرت للمرور بها، والخوف الذي شعرت به بين تركيا واليونان، ليتم وضع كل ذلك ضمن أجواء اللعبة.

وفي تصريحات صحافية، وصف ماورين اللعبة بأنها "نوع من الخيال التفاعلي الذي يدور في الوقت الحالي، لذلك إذا كان يجب على نور أن تفعل شيئاً ولم تكن متاحةً لك، فإنَّها لن تكون هناك بالفعل ويجب عليك الانتظار، تماماً مثلما يجب على الأشخاص الذين يتواصلون مع اللاجئين أو المهاجرين أن ينتظروهم ويعرفوا أخبارهم".

في السياق، يصبح اختيار طريقة اللعبة القائمة على تبادل الرسائل القصيرة عبر الهواتف الذكية مثالياً للعبة من هذا النوع "لأنَّنا أردنا أن نمنح اللاعب شعور شخص ما يستخدم تطبيق رسائل مثل واتس أب في رحلته، وأيضاً لأننا أردنا أن نستخدم خصائص الهواتف المحمولة، مثل الإشعارات، لنكون قادرين على رواية قصة في الوقت الحالي تحاكي تماماً ما يحدث عندما تتواصل مع مهاجر يحاول الوصول إلى أوروبا".

ويضيف ماورين: "نحن لسنا ناشطين، ولم يتم دعمنا من منظمات حكومية أو غير حكومية، لذلك ليس لدينا هدف معين نريد الوصول إليه بهذه اللعبة، لكن قرأنا قصصاً عن اللاجئين السوريين وتأثرنا بها، وهذا جعلنا نفكر: ماذا يعني أن تترك الناس الذين تحب، وتترك كل شيء خلفك، وكم من الصعب أن تتأقلم في مكان ليس مرحباً بك فيه؟، لقد جعلنا نفكر من نحن، كمواطنين أوروبيين، وما هي مسؤوليتنا؟

يذكر أن اللعبة من تطوير استوديو ألعاب الفيديو المستقل "The Pixel Hunt" في العاصمة الفرنسية باريس، وتم اختيار هذا العنوان الغريب لها كترجمة لعبارة أوسع هي "اعتنِ بنفسك ولا تمت قبل أن أموت"، ويأمل أصحابها أن تكون بمثابة "رسالة أمل للأشخاص الذين يريدون الوصول إلى حياة أفضل".

والحال أن "تقبرني يا حبي" (Bury Me, My Love) جزء من فئة جديدة من الألعاب باتت تنتشر عبر الإنترنت، ويطلق عليها تسمية "ألعاب التعاطف"، وتستخدم رواياتها وتقنياتها الأساسية لإثارة المشاعر الإنسانية القوية للتضامن مع قضية ما، ويعمل على تطويرها عادة مطورون مستقلون وشركات مستقلة تؤمن بأن الألعاب الإلكترونية قادرة على إيصال رسائل اجتماعية وسياسية مهمة إلى جانب التسلية، في وقت باتت فيه الحرب السورية موضوعاً لعشرات الألعاب الألكترونية، وبالتحديد في جانبها الحربي - الاستراتيجي، أكثر من جانبها الإنساني.

وكانت الأمم المتحدة أعلنت العام 2016 عن حاجة أكثر من 13.5 مليون سوري إلى مساعدات إنسانية، بينهم 6 ملايين نازح داخل سوريا، و4.8 مليون آخرون خارج سوريا، بينما سجلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حتى نهاية العام الماضي حوالي خمسة ملايين لاجئ سوري حول العالم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها