الإثنين 2017/08/14

آخر تحديث: 19:01 (بيروت)

قانون فلسطيني يجرّم الصحافيين.. والاتحاد الأوروبي يتدخل

الإثنين 2017/08/14
قانون فلسطيني يجرّم الصحافيين.. والاتحاد الأوروبي يتدخل
اعتصامات تشهدها رام الله للمطالبة بالتراجع عن القرار
increase حجم الخط decrease
"2017، من أبرز الأعوام التي شهدت انتهاكات ضد الصحافيين في فلسطين". جملةٌ حاول محامي مؤسسة "الضمير"، مهند كراجة، من خلالها، أن يوصّف مشهد الحريات العامة في الضفة الغربية وقطاع غزة ومآلها في الآونة الأخيرة، حيث باتت مُهددة من الجهات التنفيذية بعد تغليفها بالقوانين، لا سيما تلك الصادرة تحت مُسمى "قرار بقانون" والذي يُقره رئيس السلطة الفلسطينية في ظل تعطل المجلس التشريعي بفعل الإنقسام الحاصل منذ نحو عقد من الزمن.
الحكاية تصاعدت بعد مصادقة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على قرار قانون الجرائم الإلكترونية ونشره في الجريدة الرسمية الفلسطينية في التاسع من يوليو/تموز الفائت، دون مشاركة من قبل مؤسسات المجتمع المدني بالرغم من مطالبها المتكررة بضرورة الإطلاع على مسودة القرار قبل إقراره، وضرورة إشراكها في مناقشته، ولكن بلا جدوى.

وتفاقم الأمر حينما أقدمت الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الأيام الأخيرة على اعتقال ستة صحافيين في الضفة الغربية، ارتباطاً بمواد في القانون المذكور تجعلهم مجرمين، وتحاكمهم محكمة رام الله بناء عليها.

 نقابة الصحافيين التي شكلت، مع مؤسسات المجتمع المدني، لجنة مشتركة مع الحكومة لبحث تعديلات على القانون المذكور، سُرعان ما قررت تعطيل اللجنة الخميس الماضي، بعدما رأت أنه لا جدوى منها في الوقت الذي تحاكم فيه الأجهزة الأمنية صحافيين بناء على القانون. 

وأكد مسؤول الاعلام في نقابة الصحافيين عمر نزال لـ"المدن" أن النقابة تواصل تعميم قرارها على كافة الصحافيين بعدم نقل اخبار الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، احتجاجاً على اعتقال سبعة صحافيين في الضفة، وثامنهم في غزة منذ سبعين يوماً.

كما تعتزم النقابة تصعيد وقفاتها واعتصاماتها أمام مقر الشرطة الأوروبية في رام الله وباقي المؤسسات الدولية، حتى تضغط على السلطة كي تتراجع عن المساس بالصحافيين والحريات العامة التي تتراجع بشكل مضطرد.

وكان أهالي الصحافيين المعتقلين لدى الأجهزة الأمنية وعدد من العاملين في وسائل إعلام محلية وعربية ودولية نظموا، السبت، وقفة احتجاجية في مدينة رام الله، طالبوا فيها بإطلاق سراح الموقوفين على خلفية عملهم الصحافي.

مؤسسة "الحق"، ومعها مؤسسات المجتمع المدني الأخرى، وبعد أن استنفذت الإجراءات الداخلية في ما يتعلق بالحوار مع الجهات التنفيذية الفلسطينية لوقف العمل بقرار بقانون الجرائم الإلكترونية، لجأت إلى توجيه بلاغات إلى المقرر الخاص في الأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، ديفيد كاي، بشأن قرار بقانون الجرائم الإلكترونية الفلسطيني.

وأوضحت رسائل "الحق" مدى خطورة القانون على حرية الرأي والتعبير والحق في الخصوصية والحق في الوصول للمعلومات المكفولة في الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها فلسطين ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

المستشار القانوني لـ"الحق" عصام عابدين أوضح لـ"المدن" أن لجوء المؤسسة للآليات الدولية هو اجراء طبيعي بعد أن "أوضحنا للحكومة الفلسطينية موقفنا من القرار بقانون، إذ يشكل انتهاكاً صارخاً لحرية الرأي والتعبير، وقمنا بمحاورتها ولكن في اعقاب اعتقال وتوقيف صحافيين على خلفية مواد في القانون سابق الذكر وتعنت السلطة التنفيذية، قررنا الذهاب إلى الآليات الدولية للوقوف في وجه القانون، وهذه مسألة طبيعية".

 والمقرر الأممي الخاص هو خبير مستقل يعينه مجلس حقوق الانسان للبحث في حرية الرأي والتعبير وانتهاكها في اي بقعة في العالم، وبالتالي يستطيع ان يتلقى المعلومات المتعلقة بالانتهاكات سواء على المستوى التشريعي أو التطبيقي فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير، ومن ثم يتواصل من خلال نداءات مع الدولة العضو ويرفع تقارير الى مجلس حقوق الانسان او الجمعية العامة بهذا الإطار، ويمكن ان يجري زيارات قُطرية لتقصي الحقائق في هذا الجانب.

 ويؤكد عابدين أن القرار بقانون الجرائم الإلكترونية يتعارض مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي انضمت اليه فلسطين وخاصة فيما يرتبط بالمواد ال19 المتلعقة بحرية الرأي والتعبير.

 وبحسب عابدين، فإن المقرر الأممي الخاص سيلخص في تقريره الذي سيرسله إلى مجلس حقوق الانسان أو الجمعية العامة، كافة البلاغات التي وردته وكذلك ردود الحكومة الفلسطينية على استفساراته، مُنوهاً الى أن المسألة ليست احراجاً للحكومة وانما هذه اجراءات حقوقية بامتياز تنسحب على الدول سواء كانت منضمة للعهد الدولي او غير منضمة.

 ويبدو أن الجهات الدولية هي الاخرى باتت تدرك أن حالة من التضييق غير المقبول يتعرض لها الصحافييون في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي هذا السياق يقول مسؤول الإعلام والإتصال بمكتب الإتحاد الاوروبي في القدس، شادي عثمان، إن ثمة انطباع لدى المسؤولين الأوروبيين بوجود ممارسات غير مقبولة بحق الصحافيين سواء من قبل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، أو حماس في قطاع غزة.

 ويبين عثمان لـ"المدن" أن مواضيع الحريات والتضييق عليها يناقشها الإتحاد الأوروبي بشكل دوري مع السلطة الفلسطينية عبر لجان مشتركة، مضيفاً أن هذه اللجان تطالب السلطة بوقف هذه الممارسات وضرورة الإلتزام بالمعاهدات الدولية التي وقعت عليها، خاصة ذات العلاقة بشأن الحريات والحقوق العامة.

 وبالإنتقال إلى المنصة الإفتراضية، فقد تصدّر هاشتاغ #الصحافة_ليست_جريمة مواقع التواصل الإجتماعي، وعكست مضامينها الشعور العام الممزوج بالغضب مما يجري والخوف من القادم، في ظل قتامة المشهد في الحالة الفلسطينية. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها