الأحد 2017/07/09

آخر تحديث: 13:37 (بيروت)

باسيل غير المقنع: استعراض إعلامي حتى إشعار آخر

الأحد 2017/07/09
باسيل غير المقنع: استعراض إعلامي حتى إشعار آخر
نزع باسيل ورقة من خصومه داخل التيار الوطني الحر نفسه (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease
حتى إعلان آخر يأتي من برنامج كلام الناس عبر شاشة "ال بي سي"، ستبقى الخطوة التي أقدم عليها وزير الخارجية جبران باسيل بتقديم كتاب رفع السرية المصرفية عن حساباته لصالح مقدم البرنامج مارسيل غانم، في إطار الاستعراض الإعلامي الذي يشكل أساساً للدعاية السياسية في لبنان.

الخطوة بلا شك مدروسة بعناية بكامل تفاصيلها من لحظة الإعلان عبر برنامج "كلام الناس"، ثم انتقال الخبر للمواقع الالكترونية وضخه عبر مجموعات "الواتس آب"، وصولاً الى تحول هاشتاغ #باسيل بسرعة قياسية الى "ترند" لبنان الأول عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. وحتى هذه اللحظة حققت خطوة باسيل المطلوب منها.

ليست المرة الأولى التي تتجند فيها "السوشيال ميديا" للحديث عن باسيل، لكنها، تحديداً في موضوع الفساد، المرة الأولى التي يقدم فيها باسيل لجمهوره الخاص، وجلّهم من محازبي التيار الوطني الحر بنسخته الملقحة، صك يستخدمونه للدفاع عنه. وإن كانت حركة الدفاع المستمرة حتى اللحظة محكومة بالتبعية العمياء التي يمارسها جميع المحازبين عن سابق إصرار وتصميم.

استطاع باسيل في خطوته الموجهة أصلاً الى محازبي التيار الوطني الحر، نزع ورقة من خصومه داخل التيار نفسه والمنفيين منه يستغلونها في وجهه حتى يكاد دخانها يطفئ شعلة مشعل الإصلاح والتغيير الذي انتزعه بالوراثة السياسية، وهو مثقل بأسهم الأقربين والأبعدين.

التشكيك بنزاهة باسيل وصدقيته، مضى عليه سنوات، بعد الشائعات التي طالته حول امتلاكه طائرة خاصة، أو شائعات أخرى نفاها حول امتلاك أراضٍ في البترون... وهو إن لم يثبت شيئاً حتى الساعة، فإن العكس لم يثبت أيضا، طالما أن تهم الفساد تلاحق السياسيين في لبنان حتى إثبات العكس وهو غالبا ما لا يحصل، على عكس القاعدة القانونية التي تنص على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.

على أن ما حكم الردود حتى الساعة، هو حالة الصدمة التي أحدثت بلبلة مصطنعة لا تسمح بالكثير من التعقل والتفكر قبل إطلاق المواقف، خلقها باسيل بإعلانه، وستبقى دون محتوى حقيقي حتى بدء الإجراءات الحقيقية لكشف السرية المصرفية عن سائر السياسيين.. وهو أمر إن حصل سيسبب إحراجاً كبيراً لشريحة كبيرة من الطقم السياسي سواء أولئك الذين يملكون حسابات مصرفية متضخمة، أو أولئك الذين استثمروا حتى الثمالة في اتهامات الفساد الموجهة ضد باسيل.

يحمل باسيل منذ توليه وزارة الطاقة وزر سنوات طويلة من الاتهامات بالفساد في ملف الكهرباء، استثمر فيه خصومه عبر محازبيهم، ويتابعون الاستثمار في تجربة مستشاره حينها ووزير الطاقة الحالي سيزار أبي خليل، وهي كما تجربة باسيل ستبقى غير مشجعة ولا يعتدّ بها في تجارب الإصلاح والتغيير ما لم تُكشف ملفات "مغارة علي بابا" القابعة في مخازن أرشيف الوزارة وشركة الكهرباء.

وحتى ذلك الحين، ستبقى كل الاتهامات خاضعة للتأويل والنفي والتأكيد غير المستند الى أي دليل في ملف بات عبارة عن بواخر مستوردة يعترضها الكثير من الجبال الجليدية، وهي قادرة على إغراق الكثيرين وتحويلهم الى جثث سياسية هامدة لا تنفع معها أي عمليات إنقاذ سياسية، إلا تلك الخاضعة للبازار الانتخابي المقبل على حصان النسبية، وهو بازار موسمي ينطبق عليه ما لا ينطبق على بقية مواسم السياسة.

لن تصبح خطوة باسيل مقنعة قبل أن ينجز غانم عملية كشف السرية المصرفية ويعرض نتائجها على الهواء، وهو أمر مستبعد. فكتاب باسيل لا ينص بأي من الأحوال على النشر التلفزيوني، وهو ليس موجهاً للشعب اللبناني بل لشخص غانم، الذي يملك حرية التحرك في وقت يجيد منذ سنوات تقييد نفسه بعناية حتى لا يخسر تلك الشعرة التي تمكنه من مهاجمة السياسيين دون فضحهم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها