الخميس 2017/07/27

آخر تحديث: 19:47 (بيروت)

مَن يدعم بشار الأسد في إيطاليا؟

الخميس 2017/07/27
مَن يدعم بشار الأسد في إيطاليا؟
تستمد الصفحة خطابها من البروباغندا الأسدية الرسمية
increase حجم الخط decrease
رفع صور "تمجد" رئيس النظام السوري بشار الأسد في شوارع إيطاليا، ليس انعكاساً في السياسة الإيطالية الحالية، التي ما زالت، رغم هشاشتها، تحافظ على خطاب غربي ينادي بالديموقراطية في سوريا، إلا أنها قد تعبّر عن مجموعات إيطالية معارِضة مقرّبة من الكرملين مثل حركة "فايف ستار".


الصور التي تداولتها الصفحات الموالية نقلاً عن صفحة "Italy supports Bashar Al-Assad" (إيطاليا تساند بشار الأسد) علقت حسب المعلومات المتداولة على الأوتستراد الممتد من أفيتزانو إلى روما، وكتب عليها: "منذ ستة أعوام أفضل وسيلة للدفاع عن أوروبا ضد الإرهاب. بشار الأسد الرئيس الشّرعي للجمهورية العربية السورية. الشعب الإيطالي يقف الى جانب الشعب السوري الذي تعرّض للعدوان الإرهابي والحصار الاقتصادي".



والحال أن الصفحة المروجة للصور، هي واحدة من أكبر الصفحات التي تروج لبشار الأسد في أوروبا على ما يبدو، مع حوالى 20 ألف متابع لها، بينما صفحات مماثلة في هنغاريا وصربيا والبلقان لا تحظى سوى بنصف عدد المتابعين. علماً أن الصفحة حديثة نسبياً ويعود تاريخ تأسيسها لمطلع العام 2016 وإن كان نشاطها الحقيقي قد تفعل في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، إبان معركة حلب التي كانت فاصلة في تاريخ الحرب السورية.

وللوهلة الأولى لا يبدو خطاب الصفحة مفهوماً كثيراً، فهي تتحدث عن الشعب والمآسي التي عاناها السوريون في ظل الحرب بصورة إنسانية لكنها في نفس الوقت تنطلق من مبررات أمنية عسكرية، كما أنها تفاضل بين السوريين في الحق في التعاطف الإنساني، ومن هنا تأتي شعبويتها المتطرفة، علماً أن لغتها ومنشوراتها تذكر بالمواقع الإعلامية الغربية الممولة من الكرملين والتي تقدم "الأخبار الكاذبة" مثل موقع "21st Century Wire" ونتاجات صحافيين مجندين من طرف روسيا مثل إيفا بارتليت وفانيسا بيلي.

ولا تعرف هوية الأشخاص القائمين على الصفحة كما لا تعرف جنسيتهم إن كانوا أوروبيين أو سوريين، وإن كان الاحتمال الثاني أكثر ترجيحاً، على خلفية مشاركة بعض المنشورات من صفحات عربية موالية مثل "مراسلون سوريون" و"الإخبارية السورية" و"رئاسة الجمهورية" وغيرها. علماً أن بعض المنشورات في الصفحة، تضخ بروباغندا يمينية ضد أعداء النظام السوري، مثل السعودية أو الولايات المتحدة، وتحديداً ضد الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

الصفحة في هذا الإطار، تخدم مصالح طبقة رجال الأعمال السوريين الموالين للنظام الموجودين في أوروبا، أو الساعين لعقد علاقات تجارية مع جوانب أوروبية، عبر تلميع صورة النظام وتقديمه بمظهر المدافع عن الأمن الأوروبي، وبالتالي إبعاد صفة الإرهاب الحقيقية التي يمثلها بشار الأسد ليس كرئيس لسوريا بققط بل كرمزية للوحشية التي قدمها نظامه على مستويات متعددة ضمنه، ما جعله فاقداً للشرعية وخاضعاً لعقوبات دولية اقتصادية طالت رؤوس الأموال لرجال الأعمال السوريين، وقد يكون بعضهم موجودين على لوائح العقوبات نفسها بتهم تمويل ودعم أنشطة النظام بوصفه إرهابياً، وهي الصفة التي يؤدي زوالها إلى انتعاش الأعمال التجارية مجدداً.

إلى ذلك يبرز العداء للولايات المتحدة في الصفحة يماثله عداء مواز للديموقراطية الغربية التي يتم الاستهزاء بها، ويشكل ذلك خيطاً رفيعاً يربط الصفحة بخطاب حركة المعارضة المعادية للنظام "Anti-Establishment" الأكثر شعبية في إيطاليا، والتي تلعب وكالة "سبوتنيك إيطاليا" الروسية للأنباء دوراً مهماً في صياغة خطابات قادة الحركة وبياناتها الرسمية، بشكل يعكس النفوذ الروسي الكبير الموجود في كواليس السياسة الإيطالية، لدرجة اشتكى معها رئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي سراً لمسؤولين أوروبيين حاليين وسابقين، من التدخل الروسي في سياسة بلاده من خلال دعم الأحزاب المناهضة للمؤسسة الديموقراطية. حسبما تشير تقارير غربية.

وكانت إيطاليا في السابق، تضم أكبر حزب شيوعي خارج الكتلة السوفييتية السابق، وتعتبر برأي كثير من المحليين الغربيين نقطة ضعف واضحة في الاتحاد الأوروبي، ويزداد ذلك الضعف مع الفراغ الأميركي الحاصل مع عدم تعيين إدارة الرئيس دونالد ترامب سفارة لها في روما، مقابل نشاط واسع للسفير الروسي هناك سيرغي رازوف. فيما تؤكد تقارير غربية تخوف العديد من المسؤولين الإيطاليين والأوروبيين والأميركيين، الحاليين والسابقين، من أن روسيا، الداعمة للنظام السوري، سوف تستخدم كثيراً من أنواع التأثير خلف الكواليس، عبر الضخ المشوش في وسائل الإعلام، بشكل مشابه لما قامت به في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، من أجل خلق ميل في إيطاليا نحو روسيا.

هذا التوجه الذي بدأ العام 2014 بعد غزو روسيا لأوكرانيا، قد يكون واحداً من أسباب الدعاية الأسدية المتواجدة في الأراضي الإيطالية، وهو توجه قد يكون شديد التأثير لأنه لن يعتمد فقط على فكرة "الأخبار الكاذبة" و"الحقائق البديلة" فقط بل على أحداث واقعية مثل تغطية الحفلات الغنائية التي أقامها النظام في اليومين الماضيين في قلعة حلب المدمرة، فضلاً عن استقاء تلك الأحداث عن مصادر "رسمية" تابعة للنظام ما يجعلها بعيدة عن مفهوم "الأخبار الكاذبة" التقليدي المرتبط في العقلية الغربية بمواقع تختلق الأنباء من دون مصادر دقيقة. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها