الثلاثاء 2017/07/25

آخر تحديث: 19:12 (بيروت)

تظلّم قاضي تيران وصنافير: الدولة في مواجهة نفيها

الثلاثاء 2017/07/25
تظلّم قاضي تيران وصنافير: الدولة في مواجهة نفيها
القاضي ذكّى الرغبة في التظاهر التي طالما رغب السيسي في إخمادها احتجاجاً على ملف جزيرتي تيران والعصافير
increase حجم الخط decrease
لم يكن مفاجئاً تجاوز الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للمستشار يحيى الدكروري، لتعيين رئيساً لمجلس الدولة. فالقاضي الذي حكم بمصرية جزيرتي تيران وصنافير، خالف بذلك "البيع السلس" الذي أراده النظام، وأذكى الرغبة في التظاهر التي لطالما رغب السيسي في إخمادها تماماً.
كل المؤشرات خلال الشهور الماضية أفضت إلى إنه سينتقم، لكنه ينتظر الفرصة المؤاتية، بدأها بتعديل قانون تعيين رئيس مجلس الدولة. ثم بتعيين المستشار أحمد أبو العزم، وهو الرابع في ترتيب الأقدمية في المجلس. مجلس الدولة نفسه دخل في "معركة قانونية باردة" مع السيسي بعدما رشحت الهيئة يحيي الدكروري "منفرداً" وخرج منها خاسراً.

ومنذ قرار تعيين أبو العزم، يترقب المتابعون كيف ستكون الخطوة التالية من الدكروري ومجلس الدولة. الهيئة القضائية التي تتمتع ببعض الاستقلالية والنزاهة القانونية، بدأت بشائعات انتشرت في المواقع الإخبارية تفيد بأن الدكروري سيطعن في القرار. اللافت أن معظم من نشر هذا الخبر، هي المواقع والصحف المؤيدة تأييداً مطلقاً للنظام، وكأنها تستبق الخطوة لتقلل من فعاليتها، عبر تكريس فكرة "مخالفة القانون من رجاله". لكن واقع الأمر يقول إن المخالفة أتت من رئاسة الجمهورية، علماً أن التفصيلات القانونية كثيرة في هذه المسألة.

مر أسبوع تقريباً بعد تعيين أبو العزم، وانتظر الجميع الخطوة التالية للدكروري، متوقعين تقديم طلب للطعن على القرار، لكن قاضي الجزيرتين فاجأ الجميع برفع تظلم إلى الرئيس. هو بحسب خبراء قانونيين أول تظلم في تاريخ مجلس الدولة إلى رئيس الجمهورية، يطالب بأحقيته في رئاسة مجلس دولة طبقاً لأقدميته. أهم عناصر تظلم الدكروري هي أن "القاضي ينظر لمقام الرئاسة بمعاييره التي لا تهتز، وفي قناعاته قواعد لا ترتعش، وما أصعب على النفس أن يشعر القاضي بهذا الظلم، لأن مناط مسؤولياته أن يرفع الظلم باسم الشعب عن كل الشعب".

وقال أيضاً: "تظلمي ليس شخصياً، بل لمنظومة العدالة وشيوخ القضاة يأتون بالأقدمية المطلقة، وهي قاعدة يجب أن تلازم الرئيس كما تلازم الأحدث منه، والمنصب ليس منحة من أحد أو حق لأحد، بقدر ما تسمو مسؤولياته في أعبائها أمام الله وأمام الوطن وأمام الشعب".

وبحسب ما نشرت جريدة "الوطن"، فإن الدكروري كرر في خطابه للرئيس السيسي، كلمة الشعب في أكثر من موضع، قائلاً إنه مصدر السلطات، وأن الخطاب امتاز بالأصالة والتبجيل والتقدير للرئيس عبدالفتاح السيسي، بتكرار كلمة "فخامتكم" في أكثر من موضع، وحرصه على التمني لمصر وللرئيس شخصياً، التوفيق والسداد، مؤكدين أنه خطاب يليق بين رئيس متخطٍ لأعرق جهة قضائية، ورئيس لأعظم دولة في الشرق الأوسط.

تظلم الدكروري، انفجر في مواقع التواصل الاجتماعي، وإن بحذر أكبر حتى لا يتكرر ما حدث مع استقالة القاضي الشاب العام الماضي، التي اعتبرها الجميع في وقتها "قطعة أدبية مهمة" رغم استعادتها لكل "تصورات البلاغة" بشكلها القديم. 

هذه المرة يعي الدكروري، القاضي المخضرم، فكرة أن يكون تظلمه -وهو إجراء قانوني ومشهدي في الوقت نفسه- واضحاً غير مشغول بما هو أكثر من "القوالب الدولتية" في مخاطبة رئيس الدولة. يراهن الدكروري على اكتساب تعاطف المجال العام، بعدما صعد نجمه النزيه بحكمه التاريخي بمصرية تيران وصنافير. اللافت أيضاً، أن التغطية الصحافية اكتفت بما يعنيها وهو "احترام رئيس الجمهورية" في التظلم، غاضين الطرف عن أن الاحترام هو للموقع والمنصب، ومتجاهلين عمداً حيثيات التظلم.

تجاهل الإعلام تماماً خطوة الدكروري، أمس، رغم الإمعان في صَلبه منذ شهور، بعد حكمه في قضية الجزيرتين، وتسلل إعلاميو النظام، الذين لم يتبق غيرهم في الساحة، من بين سطور الأسطورة التي روجوا لها كثيراً عبر الشاشات: "لا تعليق على أحكام القضاء"!
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها