الأحد 2017/07/02

آخر تحديث: 16:30 (بيروت)

"لايف" غادة عبد الرازق: ضباع "الفراغ السياسي"

الأحد 2017/07/02
"لايف" غادة عبد الرازق: ضباع "الفراغ السياسي"
increase حجم الخط decrease
 
إنقلب الرأي العام في مصر فجأة، ليس بسبب ارتفاع أسعار المواد البترولية كما كان منتظراً، ولا بسبب ذكرى 30 يونيو، وما يتبعها من كربلائيات لما لحقها من تدهور سياسي. انقلب الرأي العام بسبب فيديو "لايف" لم يتجاوز الدقيقتين لغادة عبد الرازق.

العرض المباشر في انستغرام لغادة عبد الرازق، الذي وثقه محترفو تتبع زلات النجوم وأخطائهم، يظهر بعضاً من جسد عبد الرازق وقد انكشف في لحظة خاطفة، فعلاً خاطفة، لكن التكنولوجيا لا تنسى شيئاً. لحظة "الكشف" التي اظهرت ثدي النجمة التلفزيونية، صارت الشغل الشاغل للرأي العام المصري، وتحول هاشتاغ #لايف_غادة_عبدالرازق إلى "ترند" تجاوز كل الهاشتاغات التي ملأت الدنيا وشغلت الناس على مدار الأسبوع الماضي، وصار البحث عن اسمها هو الأعلى في الساعات الثماني والأربعين الماضية.


انقلب الرأي العام في مصر، وتحول المتابعون إلى كيانات فضولية تغذي حبها للتلصص، ثم انطلقت التأويلات لما "قصدته" غادة عبد الرازق من وراء اللقطة العابرة: تأويلات وتفسيرات ومحاولات فهم، تحولت بعد برهة إلى نكات وصور كوميدية لما تعنيه.

بعض المتعاطفين "منخفضي الصوت"، برروا هذه اللحظة بأن غادة لم تكن في وعيها، ربما كانت ثملة أو تعاطت مادة مخدرة، لذلك لا يمكن أن تتحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى مقاصل تذبح فيه باسم الأخلاق والفضيلة، خصوصاً وأن كل من هاجمها تأمل ملياً وطويلاً في الفيديو.

المقربون من عبد الرازق، بحسب ما نقلت مواقع الكترونية، قالوا إنها غضبت ولم تتمالك أعصابها، بعد أن علمت أن تلك الصور أعيد نشرها مرات ومرات، وكانت شبه منهارة وطلبت من أحد المقربين منها تتبع تلك الصور وحذفها سريعاً قبل أن تنتشر، وبالفعل تمت إزالة الكثير من الصور، لكنها ما زالت تتكاثر وتتناسخ كالبكتيريا، ولم يبحث أحد عن الصور أو الفيديو إلا ووجد ضالته.

"اليوم السابع"، استطاعت أن تحصل على تصريح من عبد الرازق نفسها قالت فيه إنه فور عودتها إلى القاهرة، سوف تصدر بياناً صحافياً، توضح فيه كافة الحقائق في ما يتعلق بما نشر عنها في مواقع التواصل الاجتماعي. وأنها سوف تتقدم ببلاغ لأن الفيديو المنتشر لها "ملفق" وغير حقيقي، لأن –بحسب كلامها غير المنطقي- تقنية الفيديو المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى يتضمن محادثات مع الجمهور وهو أمر غير موجود في انستاغرام الذي لا يتضمن أيضاً تقنية "اللايف".

التصريحات غير منطقية بطبيعة الحال، وراءها شخص مصدوم من "الفضيحة" التي ألمت به، ويحاول التمسك بأي بصيص أمل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من سمعته التي "مضغها" ضباع السوشيال ميديا، دون التوقف للحظة عمن يقف وراء هذا الفيديو، أو ما أشيع من أقاويل و"اتهامات" حوله.

قيل مثلاً، إنها أرادت أن تعود إلى صدارة المشهد مرة ثانية بعد فشل مسلسلها الرمضاني، وهو ما يكشف بالفعل كيف تحاول الضباع أن تخلق تبريراً يعطي شرعية للتوثيق والبحث عن هذه الزلة المصورة، خصوصاً في ظل النظام الحالي المهووس بالرقابة الأخلاقية على كل شيء، من حبس كاتب استخدم ألفاظاً اعتبرها "خدشاً للحياء العام"، إلى حبس راقصتين بنفس التهمة، وأخيراً بتقارير مجلس الإعلام التي تعد الأنفاس وراء كل ما تعتبره "تجاوزاً". الفيديو إذن ربما يكون على النقيض هو إنهاء لمسيرتها المهنية.

أبعد من النقاش الانفعالي، يحمل الفيديو ما لم يتحدث فيه أحد. جزع صاحبته وردّة فعلها وكلامها غير المنطقي يقول إنها في حالة فزع غير خافية. فزع مما تحمله لها الأيام القادمة. والأهم أن الفراغ السياسي في مصر، خلق حالة من الشراسة الموجهة عشوائياً تجاه أي شيء يظهر على السطح، ويتخطى ما ورد في الجدالات اليومية في شهر رمضان والنقاش اليومي حول لحظات عابرة في إعلانات تجارية.

 هو نقاش طويل وواسع وجدي تورطت فيه شريحة كبيرة، وبحماس يذكر بنقاشات أيام الثورة لكن في موضوعات أكثر تفاهة وأقل عرضة للخطر الأمني، غير أن محصلتها هو زيادة القسوة في ما لا يستحق، وتحول المجال العام البديل –الافتراضي- إلى ساحة للضباع التي تريد نهش ما يخلقه التريند دون تفكير.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها