الأربعاء 2017/07/19

آخر تحديث: 19:15 (بيروت)

شبيحة لبنان

الأربعاء 2017/07/19
شبيحة لبنان
تصريح عون، بدا كاعلان مواجهة لحملة التحريض المتبادلة في "فايسبوك" (غيتي)
increase حجم الخط decrease
للمرة الأولى، يجتمع اللبنانيون بمختلف أطيافهم على أن الاهانات التي تعرض لها لاجئ سوري في الدكوانة في شرق بيروت، عنصرية، وتستدعي الإدانة. فعوضاً عن أن يكون توثيق الحادثة في الفيديو، اختباراً لشعبية، وتكريساً لفائض القوة، كما أراد مريدوه، تحوّل فوراً الى وثيقة إدانة، تكشف أن الممارسات العنصرية والميليشياوية، ليست اختباراً للسطوة بقدر ما هي اختبار لهشاشة بنيان اجتماعي، نما على ممارسات عنصرية، واستقوى بالمخاوف والهواجس اللبنانية من السوري اللاجئ. 
واللاجئ الضعيف في هذه الحالة، هو ضحية تشبيح يتكرر بعناوين مختلفة. الشبيح اللبناني، هو نسخة مطابقة عن الشبيح السوري. الأول يهين ويذل، بهدف انتزاع اعترافات تحت الضغط. والثاني يمارس الامر نفسه. والأول أيضاً، يطالب بتبجيل سلطة لا تعني المقيم الاجنبي في لبنان، بينما الثاني يطالب بتأبيد السلطة في سوريا وتأليهها. وفي كلتا الحالتين، لا يزيد اعتراف مشابه تحت الضغط، من المحبة، ولا ينتقص منها، بل يسيء الى السلطة نفسها، ويضعها في فوهة الانتقاد، بل يحفز على كراهيتها، وهو المرفوض عرفاً وقانوناً، وفق أحكام شرائع حقوق الانسان العالمية. 

غير أن السلطة السياسية تدخلت على خط الإدانة، وتطويق ظاهرة تنامت من قبل الطرفين اللبناني والسوري، استدعت تدخلاً من القوى الأمنية لتوقيف المتورطين. فقد حسم الرئيس اللبناني ميشال عون خيار مواجهة "خطاب الكراهية"، وكان تصريحه موجهاً للبنانيين قبل السوريين، أن "حل أزمة النازحين السوريين في لبنان والحد من أعبائها السلبية على الوضع العام في البلاد، لا يكون من خلال نشر الكراهية وتعميمها بين الشعبين الشقيقين والجارين"، داعياً الى "الحذر وعدم الانجرار الى لعبة بث الحقد لأن نتيجتها لن تكون ايجابية على لبنان ولا على السوريين ايضا".

تصريح عون، بدا كإعلان مواجهة لحملة التحريض المتبادلة في "فايسبوك". لا شك أن وراءها "تقف أيادٍ مشبوهة"، كما ألمح المعنيون، وهي شبهات تستدعي الحذر والمطالعة، منعاً لتكرار سيناريوهات أليمة، كالتي أوصلت الى الحرب اللبنانية في 1975، رغم ان الحرب الآثمة، كانت مغطاة بقرارات دولية تفتقد اليها التوترات الآن. 

والفيديو الاخير، لا يكشف ضعف اللاجئ، وحاجته الملحة لسلطة لبنانية تحميه من المارقين و"الزعران" فحسب. هي تكشف هشاشة الاعتقاد اللبناني بالقوة. الاستقواء على المُعدم، والضعيف، بدافع الافتراض بأنه ارهابي، أو معادٍ للجيش اللبناني. علماً أن اجبار يافع على اعلان محبته لرئيس البلاد بالقوة، هي تدحرج الى ممارسات النظام السوري الذي بثته قواته، في بدايات الازمة السورية، مقاطع فيديو تظهر جنوداً يجبرون معارضين على المجاهرة بالولاء لـ"السيد الرئيس"، وتأليهه أيضاً. 

لم يتضح ما اذا كان اللاجئ المعرض للضرب في الدكوانة، معارضاً أم موالياً. ولا يهم ذلك. فقد بث الفيديو صورة محزنة عن لبنان، استدعت بيان استنكار من السفارة السورية في لبنان. بيان مزاودة، بوصف ما جرى "انتهاكاً للقيم والأعراف وأواصر الأخوة". 

ومنعاً لتأويل النظام، وقراءته الاستعلائية للحدث، استجابت السلطة اللبنانية بمسؤولية لأحداث مشابهة. فالملاحقات المستمرة، منذ ملاحقة امرأة سورية أهانت الشعب اللبناني، ثم توقيف مشغل صفحة كراهية في "فايسبوك" تحت عنوان "اتحاد الشعب السوري في لبنان"، ثم توقيف المتورطين في اهانة اللاجئ السوري، تؤكد التعاطي المسؤول مع الوقائع.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها