السبت 2017/07/15

آخر تحديث: 13:14 (بيروت)

عملية القدس.. لماذا لم تلقَ التفاعل المتوقع؟

السبت 2017/07/15
عملية القدس.. لماذا لم تلقَ التفاعل المتوقع؟
increase حجم الخط decrease
كما كان سياقُها على أرض الواقع، اتسم حجم وشكل التفاعل الفلسطيني في مواقع التواصل الاجتماعي بالاختلاف هذه المرة، مع العملية المسلحة التي نفذها شبان ثلاثة داخل ساحات المسجد الأقصى بالقدس، صباح الجمعة، قبل أن يقتلوا اثنين من الشرطة الإسرائيلية، ثم يستشهدوا.
فرغم ان هذه العملية ليست الأولى من نوعها، إلا أنها كانت مختلفة بتفاصيلها من حيث المكان والمضمون والطريقة، وما تبعها من اجراءات اسرائيلية غير مسبوقة منذ خمسين عاماً، خصوصاً بعد منع الصلاة في الأقصى وإغلاقه، إذ مثلت هذه التفاصيل عناصر مهمة لطبيعة التفاعل معها سواء من منطلق ديني أو وطني أو مكاني.

 وبعدما كان هاشتاغ #انقذوا_غزة الأكثر انتشاراً بالنسبة للنشطاء ورواد منصات الاعلام الإجتماعي عرباً وفلسطينيين قبل يوم من وقوع العملية، ضمن حملة لتسليط الضوء على المعاناة المعيشية والإنسانية المتفاقمة والتي يواجهها سكان قطاع غزة، فإنه أصبح في المرتبة الثانية بعد انقضاء ساعة الصفر لوقوع عملية القدس، حيث تحول سير التغريدات والهاشتاغات إلى وقائعها وتبعاتها. 

 ولأن الإجراءات الإسرائيلية التي أعقبت الاشتباك المسلح بدأت بمنع صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، ثم القرار بإغلاق المسجد حتى الأحد المقبل، فإن هاشتاغ #المسجد_الأقصى والذي بدأ الناشطون بتداوله منذ لحظة توارد الأنباء الأولية عن العملية وقبل معرفة هوية المنفذين وأية تفاصيل أخرى، اعتُبر حتى ساعة متأخرة من ليل الجمعة الأكثر تداولاً في أوساط رواد "فايسبوك" و"تويتر" الفلسطينيين والأردنيين واللبنانيين بالدرجة الأولى.

وتلى الهاشتاغ سابق الذكر، هاشتاغ آخر هو #اشتباك_القدس والذي تم استخدامه بشكل لافت في الأخبار المنشورة حول ما حدث، خصوصاً خلال اللحظات الأولى. كما كان للمكان الذي ينحدر منه منفذو الاشتباك المسلح، حضورٌ في وسائل الاعلام الاجتماعي عبر هاتشاغ #الداخل_المحتل، في إشارة إلى فلسطينيي 48، إذ عبّر الناشطون عن دورهم المقاوم والوطني الذي لم يُغيّب بفعل اتفاقية اوسلو الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل منذ 24 عاماً، بحسب ما ورد في مضامين التغريدات والتعليقات. ولا ننسى ايضاً هاشتاغ #انزل_صلي_بالاقصى الذي جاء رداً على القرار الإسرائيلي بإغلاق المسجد فور وقوع العملية.

 ويقول المتخصص في الاعلام الاجتماعي، مأمون مطر، لـ"المدن"، إن مضامين التغريدات والتعليقات وسياقاتها ذات العلاقة بالحدث، قد عكست توجهين متضادين متجادلين؛ إذ توزعت بين مُبارِك ومؤيد لعملية الأقصى بصفتها "تأكيداً على استمرار النهج المُقاوم رغم كل شيء"، وآخر منتقد لها باعتبارها ليست في المصلحة الفلسطينية في هذا الوقت والمكان، وأن العملية سوف تعطي الحجة لإسرائيل كي تنفذ مخططاتها المتعلقة بتقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً وفرض وقائع جديدة على الأرض لا يُحمد عُقباها.

واعتبر الاعلامي والناشط احمد ملحم، في صفحته في فايسبوك "أن يكون منفذي العملية من أم الفحم الواقعة داخل الخط الأخضر، فهذا ما شكّل صاعقة للفكرة الاساسية بتغييب فلسطينيي الداخل عن النضال الفلسطيني ضد الاحتلال". وأضاف ملحم: "رغم كل ما مورس على فلسطينيي الداخل وما تعرضوا ويتعرضون له، إلا ان بوصلتهم لا تزال ثابتة، بثبات مكانتهم كخط دفاع أول".

 في المقابل، مثّلت جوليا معروف، زوجة عضو الكنيست عن الجبهة الديموقراطية في القائمة المشتركة، عبد الله ابو معروف، الصوت المعارض للعملية بشدة، فكتبت في صفحتها الشخصية في "فايسبوك": "خلال ربع الساعة الأخير، حذفتُ أكثر من 14 شخصاً، وكل انسان يسمح لنفسه بأن يقول عن الارهابيين شهداء ويشجع القتل والفكر الداعشي.. يروح ينقبر من صفحتي.. وبتعرفو شو: آه أنا طائفية يا اولاد الكلب".

واندفع ناشطون للرد عليها بطرق وتعبيرات متباينة الحدّة، غير أن ابرز الردود على ابو معروف، كان ما كتبته احدى الناشطات من داخل الخط الأخضر بلكنتها الفلسطينية الشمالية: "كله بحسابو، بتيجي الانتخابات ومنشوف كيف رح ينقال ضد الطائفية، ورح ينقال: هوية وطنية جامعة".
وكان الجدل واضحاً في الإطار العربي أيضاً بخصوص عملية القدس، فكانت تغريدة لوزير الخارجية البحريني خالد بن احمد آل خليفة، رأى فيها "أن الصلاة في المسجد الأقصى حق لا يُمس ولا يُمنع، أما مسألة قتل شرطة الاحتلال فتحكمها المعاهدات وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة". بَيد أن الكاتب الفلسطيني، سعيد الحاج، علّق على بن احمد بتغريدة أخرى، قال فيها إن "المسجد الأقصى: ارض محتلة وفق القانون الدولي والعملية استهدفت جنوداً مدججين بالسلاح ويقتحمون ويدنسون الاقصى".

وبين المؤيد والمعارض لعملية الأقصى، وما رافقها من تبرير كل طرف لوجهة نظره، يرى استاذ الاعلام في جامعة بير زيت، نشأت الاقطش، أن التفاعل الفلسطيني في مواقع التواصل الاجتماعي كان اقل من المتوقع على عملية من هذا النوع، موضحاً أن التفاعل كان ضعيفاً؛ لسببين: أولهما، تخوف العديد من الفلسطينيين من ابداء آرائهم بعد مصادقة رئيس السلطة محمود عباس على قانون الجرائم الإلكترونية الجديد مؤخراً، ما يعني، بحسب الاقطش، أن هناك مَن تفاعل بحذر شديد مع عملية القدس، بل لم يعبّر عن رأيه أساساً، تلافياً لأي مُلاحقة مفترضة، الامر الذي دفع هذه الفئة إلى ما يُعرف بـ"الرأي الكامن".

أما السبب الثاني، فيقول الأقطش لـ"المدن" إنه يكمن في إدانة السلطة الفلسطينية لعملية الأقصى، وذلك في موقف جعل الجميع يشعر بأننا بتنا في مرحلة جديدة ومختلفة تستدعي الترقب والصمت والنظر من بعيد.

 ويضيف الأقطش أن التفاعل العربي مع عملية الأقصى لم يكن أيضاً بالمستوى المطلوب، ذلك ان هناك ما يشغلهم ويجعلهم يركزون على أمورهم الداخلية والحياتية الخاصة بهم اكثر من تطورات القضية الفلسطينية ومآلاتها. واستطرد الأقطش، قائلاً: "انت لا تتحدث اليوم عن مجتمع عربي لديه حرية كاملة وإنما يعيش في خوف. والمشكلة أن هذه الحالة تستبق مرحلة مقبلة لا يمكن لأحد أن يتوقع كيف ستكون. وعندما لا يستطيع الناس التعبير عن آرائهم بالشكل المطلوب فإنهم يلجأون الى فعل ذلك بطرق أخرى".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها