الجمعة 2017/06/30

آخر تحديث: 18:30 (بيروت)

"إم تي في" ومسلسل السقطات المستمر بنجاح!

الجمعة 2017/06/30
"إم تي في" ومسلسل السقطات المستمر بنجاح!
اقحام الفرزلي في القضية بدا وكأنه رشوة من "إم تي في" تسعى لترويجه انتخابياً
increase حجم الخط decrease
من على منبر برنامج "بموضوعية" استأنفت قناة "إم تي في" حملتها المستميتة في الدفاع عن طبيب التجميل، نادر صعب، في القضية المتعلّقة بوفاة السيدة فرح قصّاب عقب سلسلة عمليات خضعت لها الشهر الماضي في مستشفاه التجميلي، حيث خصص البرنامج زهاء 50 دقيقة من وقت حلقة أمس للحديث عن "واحدة من أكثر القضايا التي شغلت اللبنانيين مؤخراً"، ولكشف ما أطلق عليه "الأضاليل والأوهام" التي رافقتها والتي أرادت "إم تي في" الرد عليها، حسب زعمها، بالوثائق والوقائع.


"إم تي في" التي تبنّت قضية نادر صعب ومستشفاه منذ بداية السجال الذي دار حولهما، ظهر أسلوب تعاطيها مع هذا الحدث وكأنه قضية تخصّ القناة، إذ عكست الحلقة بوضوحٍ جليّ تحيّزها المكشوف لنادر صعب، في حين بدا مقدم البرنامج، الاعلامي وليد عبود، ومن خلال تعاطيه وأسئلته وردوده وتعليقاته، مجرّد منفذٍ لتعليمات وتوجيهات أتت إليه من جهات عليا، بعيداً من أدائه المخضرم الذي عوّد المشاهدين عليه، ما يستوقف للسؤال عن طبيعة الأسئلة وخلفيتها، والتي أتت على لسانه. وهو ما يضع علامات التعجّب والاستفهام حول الدوافع أو ربما المصالح والأهداف التي سعت "إم تي في" لتحقيقها من خلال هذه الحلقة، التي استضاف فيها عبود نائب رئيس مجلس النواب السابق، إيلي الفرزلي، فتوّلى دور محامي الدفاع عن صعب، معلّقاً على مختلف جوانب وتفاصيل الملف نُصرةً لقضيته، ودافعاً لكل الشبهات التي طاولته، بشكلٍ مكشوفٍ ومستهجن.


إقحام الفرزلي وموقفه من قضية صعب أتت تبريراته بداية لاعتبارات مناطقية، من خلال اعتباره أنّ أحقية نادر صعب بالدفاع عنه تكمن في كونه ابن بلدته جب جنين، تلتها اعتبارات "الواجب بالدفاع عن الحق" و"التصدي لمن يسعون للنيل من سمعته في الداخل والخارج" ولكونه اعتبر أنّ صعب يجري استهدافه في الإعلام وفي مواقع التواصل. وإمعاناً في الغرابة وفي خضّم الكلام الهادف لتلميع صورة صعب، تفتّق البرنامج عن تقرير يلمّع صورة الفرزلي هو الآخر ويمجّد تاريخه السياسي، حيث أغدقت عليه صفات العروبي الثائر المتأثر بالبعث بجناحيه العراقي والسوري(!) والبطل الصنديد المقتنع بمظلومية المسيحيين والسياسي الأكثر فصاحة في لبنان، وبأنّه مؤسس الفرزلية السياسية الذي كان وسيبقى أرفع وأهم من منصب وموقع نائب سابقٍ أو لاحق. وهو ما زاد طين الحلقة بلّة، وجعل من عرض هذا التقرير في شكله وتوقيته وسياقه البعيد من موضوع النقاش، يبدو وكأنه رشوة من "إم تي في" تسعى لترويجه انتخابياً على حساب استغلال قضية ضجّ بها الرأي العام وشغلت الإعلام.

وعلى الرغم من مناقشة جوانب أخرى من القضية، مع كل من وزير الصحة غسان حاصباني ونقيب الأطباء ريمون صايغ، اللذين أوضحا بعضاً من ملابسات الأسابيع الماضية، إلا أن أسئلة عبود إلى جانب التقرير الذي عُرض خلال الحلقة التي تهدف في المقام الاول الرد على ما ورد عبر قناة "إل بي سي"، من دون تسميتها، باعتبارها من أطلقت "الأضاليل والأكاذيب" في مقاربتها وتغطيتها لقضية صعب- قصاب، إلا أن ذلك لم يخفف من وطأة ما ورد في شكل ومضمون الحلقة التي كانت أقرب ما يكون إلى البروباغندا البعيدة من التعاطي المهني الحيادي. إذ أتت أسئلة عبود لتوحي وكأن لـ"إل بي سي" أجندة مؤامراتية تهدف من خلال "حملتها" ضد صعب إلى ضرب السياحة التجميلية في لبنان، ما بدا أنه مضبطة اتهامية تلفيقية أتبعها من خلال ما ظهر في التقرير الذي يعتبر أن ما قامت به "إل بي سي" من خلال تغطيتها لقضية صعب لا يعدو كونه "خطوة مشبوهة وحملة ممنهجة ومبرمجة، جعلت من إحدى وسائل الإعلام تنصّب نفسها مدعياً عاماً وقاضياً يصدر الأحكام المسبقة في قضية قصاب وصعب، ربما لأسباب وخلفيات لا علاقة لها بالمهنية، وتستبق نتائج التحقيقات".

وفي حين فنّدت "إم تي في"، في تقريرها، الأخطاء التي وقعت فيها تلك الوسيلة الإعلامية (قناة إل بي سي)، اعتبرت أن الوثائق والصور التي أظهرتها تكذّب جملة المزاعم وتطرح أكثر من علامة استفهام حول خلفية "الحملة الممنهجة والمبرمجة التي تفتقد لأي دليل"، متغافلة أنه من خلال هجومها واتهامها لما ورد عبر "إل بي سي"، والذي قد يحتمل الخطأ أو التسرّع في بعض ما ورد منه، فإنّ هجومها الكاسح واللاذع بدا وكأنه يستهدف حق الإعلام في تعقّب مسار قضية من هذا الوزن، وينكر عليه واجبه وحقه في التحقيق وإطلاع الرأي العام على تفاصيل يتمنى الجميع أن يحسمها القضاء ويُظهر خباياها في حال كانت خطأ طبياً او استهتاراً بالحياة بدوافع تجارية ومادية.

"إم تي في" وبطريقة تعاطيها تلك، بدت وكأنها تحيّد القضية الأساس المتمثلة في حق عائلة الضحية والرأي العام بمعرفة الأسباب الكامنة التي أدّت إلى وفاة فرح قصاب، وذلك بانتهاجها أسلوب المناكفات الاعلامية مع غريمتها "إل بي سي". فيما كان الحري بها أن تتعاطى مع القضية بموضوعية وحيادية بعيداً من زجّ قضية فرح قصّاب في هذا الصراع كونه قد يؤدي لضياع الحق والحقيقة، التي يملك القضاء وحده التخويل بالإفصاح عنها والبت فيها. هذا القضاء ذاته الذي أصدر قراراً يمنع على وسائل الإعلام تناول اسم نادر صعب ومستشفاه في قضية وفاة فرح قصاب لناحية جوانبها التحقيقية، وذلك تحت طائلة غرامة بقيمة خمسين مليون ليرة لبنانية عن كل مخالفة، ما يجعل السؤال يطرح نفسه، هل خالفت "إم تي في" من خلال حلقة "بموضوعية" هذا القرار؟ أم انها تعتبره استنسابياً يصلح للتطبيق فقط على منتقدي صعب ويستثني المهللين له؟ 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها