لبنان المقسوم على عشرة

ربما تكون النيات صادقة لكن الإخراج سيء.. وربما يكون الخطأ بروتوكولياً في القصر الجمهوري، لكن مثل هذه المناسبات لا يحتمل الكثير من الأخطاء خصوصاً إذا ما كان مقيداً لها في الشكل أقله أن تكون رافعة أمان الوطن، الذي يبدو في الصورة مقسماً على عشرة أحزاب، وضع لكل منها علم لبناني في خلفية الصورة.

تحيلك الأعلام العشرة، والأحزاب العشرة الحاضرة في الصورة، تحت مظلة رئيس الجمهورية ميشال عون، إلى الكثير من التحليلات والتأويلات، ومثلها الكثير من الظنون والأفكار على شاكلة: لماذا الأعلام متساوية؟ هل جرى تقاسم الوطن بالتساوي على عشرة؟ وهل قبل جميع المتقاسمين بالتعادل بغض النظر عن الأحجام؟

قد يكون سوء الظن إجحافاً بحق المبادرة التي جمعها عون في القصر الجمهوري، لكن الأعلام العشرة تأخذ الكثير من أداء المخيلة في التساؤل كيف يقسم بلد على عشرة، وهو لم يحتمل سابقاً أن يقسم على اثنين.. هل تم تقسيم ثروات البلد بدلاً من مساحته؟ لكن ماذا عن كرسي سمير جعجع؟ هل قصد بابتعاده تلك المسافة عن قسيمه ممثل "حزب الله" أنه يحق له بحصة أكبر؟ وهل قصد الثروة أم الوطن، وهو وريث صاحب شعار الـ10425 كلم؟

في الاجتماعات الدولية توضع أعلام البلدان المشاركة ترميزاً لحضورها. فإذا كان هذا القصد من الأعلام العشرة، كان الأجدر أن توضع أعلام الأحزاب العشرة المشاركة تحت العلم اللبناني.. وإذا كان المقصود أن العلم اللبناني يمثلها مجتمعة، فكان الأجدر أن يتوحد الجميع في علم واحد. لكن الأكيد أن بروتوكولات القصر تركت في الصورة الكثير من الألغاز.

على ان الصورة بكل تأويلاتها، إقصائية. فقد اختصرت تمثيل البلاد بممثلي السلطة الحاليين، أو المشاركين في حكومتها، والذين شاركوا في إعداد وإخراج قانونٍ للانتخابات لا يأتي بأي تغيير. والصورة بذلك، أنكرت وجود معارضات، أو شخصيات غير ممثلة في الحكومة. ألا يستحق سامي الجميل وحزبه "الكتائب" علَماً؟ أليسوا جزءاً من الحياة السياسية في البلاد؟

كذلك، ثمة أيتام للصورة، غير سامي الجميل.. هناك المستقلون، وممثلو الأحزاب الصغيرة وناشطو الحراكات المدنية الطامحون لانتزاع مقعد نيابي وفق القانون النسبي.

ربما لا تحتمل الصورة كل هذا التأويل، وربما تحتمل أكثر من ذلك. قد يكون المقصود عشرة أعلام ورئيس يختزل الوطن كله، وتصبح الأحزاب العشرة واحداً في صورته و"بحكمته" و"قيادته".. ونحن جميعاً نصفق.. فالتصفيق هو أكثر ما نجيده.