الجمعة 2017/06/02

آخر تحديث: 14:42 (بيروت)

إسرائيل أيضاً تحب "باب الحارة"

الجمعة 2017/06/02
إسرائيل أيضاً تحب "باب الحارة"
increase حجم الخط decrease
أسوأ ما أنتجه مسلسل "باب الحارة" على الاطلاق، أنه بات مادة دعائية دسمة، تستخدمها إسرائيل لمخاطبة الفلسطينيين، والعرب، ومدخلاً لتهنئتهم بحلول شهر رمضان، بوصفه مسلسلاً يجمعهم، بدلاً من كونه يدين الاحتلال والاستيطان، حتى لو قدمه صنّاع الدراما السورية على أنه "دراما مقاومة الاستعمار والاحتلال".


فالابتذال الذي انحدر اليه العمل، على سبيل الركاكة والكليشيهات والثرثرة، يقدم أفضل خدمة لصناع الدعاية الإسرائيلية التي تخاطب الفلسطينيين، وتظهر أكثر من أي وقت مضى أن ثيمة "المقاومة" التي يتغنى بها العرب، باتت كليشيهات تصلح في أحسن الأحوال للركون في متحف عربي إلى جانب الأدوات الفولكلورية، بل تتخطاها جذباً للمتفرجين بوصفها مادة مسلية تمتع رواد النراجيل في المقاهي، والمشاهدين الذين يفهمون العربية، مثل ضباط الاحتلال المتخصصين في الدعاية الإسرائيلية الموجهة للعرب.

مناسبة القول، تعود إلى الفيديو الدعائي الذي أصدره منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية يوآف مردخاي، يوجه فيه تهنئة للمسلمين عامة، وللفلسطينيين خصوصاً، بمناسبة شهر رمضان. وظهر فيه متابعاً لمسلسل "باب الحارة" الذي بدأ عرض موسمه التاسع هذا العام. ويُضاف هذا الشريط الى الفيديو الدعائي الذي أصدره المتحدث باسم جيش إسرائيل أفيخاي أدرعي العام الماضي، أبرز فيه توق المجندين المسلمين في جيش الاحتلال، لمشاهدة "باب الحارة".



ورغم أن العمل الدرامي الأشهر الذي يتناول البيئة الشامية، يمثل خرقاً في الدعاية الإسرائيلية المعتادة لاظهار انفتاحها على العرب وأنها مهتمة بمناسباتهم، كـ"مواطنين في الدولة"، إلا أنه لا يمثل الا جزءاً من مساعٍ عميقة لإبراز الدولة اليهودية، تعددية على المستوى الطائفي والإثني، عبر مخاطبة العقل الباطني العربي بمأثورات التشاركية والطمأنينة، وإبراز مستوى الانخراط في حياة العربي اليومية والمشاركة في مناسباته. ولم يجد مردخاي حرجاً في إعلان ذلك في الفيديو القصير الذي نشره في صفحة "المنسق" الرسمية في "فايسبوك"، عشية رمضان الحالي، بقوله أن "الأعياد والمناسبات هي فرصة للقاء مع الأقارب والأهالي والاحباء في كل الشرق الأوسط والدول العربية".

والخطاب التقاربي مع المحيط العربي، يبدأ من التهنئة، ولا ينتهي بالعبور إلى المائدة بأصنافها المتنوعة، وباحات التنزه. توقف عندها مردخاي بالتفصيل في الشريط الذي تم بثه في "فايسبوك"، وهو المساحة الاوفر حظاً لنشر الدعاية الإسرائيلية الموجهة للعرب، فأولته إسرائيل عناية خاصة، عندما أنشأت صفحة "المنسق" مطلع العام الحالي، بهدف تحقيق "التواصل المباشر مع سكان الضفة الغربية وغزة"، بمنأى من السلطة الفلسطينية وحتى من حركة "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة.

التصور السلس للمقاربة الدعائية الإسرائيلية، عبر الخطاب الودود، لا يخفي رسائل غير مباشرة، حين يتحدث الجنرال الإسرائيلي في الفيديو عن "الخير" في رمضان، و"التعرف على الإرادة والقوة بداخل كل واحد منا" نتيجة تحديات ساعات الصوم الطويلة، والتي تُفهم منها أغراض أبعد من "تحديات رمضان" تتصل بمسائل أمنية واجتماعية، وهو مطمئن الى أن رسائل "باب الحارة" التي تضيء على تجربة مقارعة الاحتلال الفرنسي، أضعف من أن تكون حافزاً لمقارعة سياسة الاستيطان المضطرد في الأراضي المحتلة. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها