الإثنين 2017/06/19

آخر تحديث: 18:49 (بيروت)

"إن بي إن" و"الجديد": المعركة الآن في ساحة التظاهر

الإثنين 2017/06/19
"إن بي إن" و"الجديد": المعركة الآن في ساحة التظاهر
إن بي إن: المتظاهرون مجموعة من "الموتورين" و"المندسين"! (المدن)
increase حجم الخط decrease
لم تحتمل قناة "إن بي إن" مشهد الاعتراض والاحتجاج الذي شهدته ساحة رياض الصلح قبل أيام. ضاق صدرها بمن نزلوا ليمارسوا حقهم في التعبير تنديداً ورفضاً للتمديد مرة أخرى للمجلس النيابي، فأمطرتهم بوابل من التهم والأوصاف باعتبارهم مجموعة من "الموتورين" و"المندسين" الذين أخذوا التظاهرة في منحى آخر، بعدما بدأوا برشق سيارات النواب بالبيض والبندورة، فيما لم ترَ القناة في فعل الضرب المبرح والاعتداء الجسدي العنيف الذي تعرّض له المتظاهرون أيّ خروجٍ عن المسار السليم والقانوني، وكأنه سلوك مشروع وبديهي لا يستأهل حتى الالتفات إليه أو التعليق على مجرياته وتداعياته.


أداء القناة وأسلوب مقاربتها لما حصل جاء ليعكس مرة جديدة محاولتها حرف الحدث عن مساره وسعيها لتكريس أن فعل الاعتراض (المشروع)، بالشكل الذي شهدناه، هو أمر هجين، في محاولة واضحة لتطبيع ردّ الفعل العنيف الذي قابله. وفي تماهٍ مباشر مع موقف الجهة التابعة لها والناطقة باسمها، قررت القناة زجّ الحدث ووقائعه في ساحة حربها مع غريمها الأول تلفزيون "الجديد"، الذي أشار، في سياق تغطيته لما حصل في ساحة النجمة، إلى أن سلاح البيض والبندورة إذ قابله حرس مجلس النواب بعنفٍ مفرط فإن هذا يُشكّل جرماً جزائياً، متساءلاً "من يحاسب هؤلاء؟" و "بعدما انتهت الواقعة بوعد وزير الدفاع بفتح تحقيق في الحادث، فهل يكون التحقيق على شاكلة التحقيق الذي فتحه وزير الداخلية إبان احتجاجات 2015؟".

أسئلة "الجديد" ومواقفه الرافضة للعنف ضد المتظاهرين، جاءها الردّ أولاً من وزير المال، علي حسن خليل، الذي وضعها في إطار "محاولة تشويه الدور الأساسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري في إنجاز قانون الانتخاب" من خلال "اختلاق الأكاذيب وقلب الحقائق" و"اتهام سلطة المجلس اتهامات باطلة تتنافى مع كل الوقائع الموثقة". وهو الموقف الذي تبنّته "إن بي إن" وسارت عليه معتبرة في أحد تقاريرها أنّ "قناة الجديد تفبرك الوقائع، وتدحض افتراءاتها ضد شرطة مجلس النواب".

وفي ما بدا  للوهلة الأولى وكأنه فقرة من برنامج كوميدي ساخر، نشرت "إن بي إن" في موقعها الالكتروني خبراً جاء فيه: كشفت معلومات لـNBN بأن أصحاب قناة الجديد هددوا مسؤولين عن حملة طلعت ريحتكم وأجبروهم على إصدار بيانات للتشهير بشرطة مجلس النواب وتحميل الرئيس نبيه بري مسؤولية ما جرى، وإلا فإنهم لن يواكبوا تحركاتهم المقبلة"!! وذهبت القناة أبعد من ذلك، من خلال إجرائها مقابلة مع من أطلقت عليه "ناشط مشهور في الحراك المدني"، الذي "كشف" لها معلومات عن المتظاهرين ونواياهم. وفي أسلوب يتماثل مع ما تقدمه قناة "الدنيا" ومثيلاتها في كشف المؤامرات والمكائد، ذكرت القناة أنّ "الناشط المذكور تلقّى دعوةً للمشاركة في التحرّك الأخير، وحين بدأ الإشكال قرروا الاستعانة به لشدّ العصب. لكنه لم يلبّ النداء لأنه يعرف تماماً الأجندة. وأليس هو من كان بما جرى خبيرا"!

"إن بي إن" التي تبرر هجومها بالقول إنه ردّ على "إساءات" قناة "الجديد" وبعض وسائل الإعلام "التي حاولت تسييس الموضوع وحرفه"، لن يكون بالأمر المستبعد أن يأتيها الرد المقابل من الجهة المستهدفة تلفزيون "الجديد"، في سياق الحرب الإعلامية والكلامية المستعرّة فصولها بين الطرفين منذ حين. وعلى الرغم من أن لقناة "الجديد" دوافع معروفة وراء أسلوب مقاربتها وتعاطيها مع الحدث، لكن الوقوف في صفّها، في هذا الموقف تحديداً، ليس دفاعاً عنها، بل عن الحق بالتعبير والاحتجاج ورفع الصوت في وجه محاولات التعتيم والنكران، ورفض لازمة انتظار التحقيق وما سيؤول إليه، والذي تحوّل لمقبرة القضايا ووسيلة رائجة لإخراس وسائل الإعلام والصحافيين، ومنعهم من نقل الوقائع وتسليط الضوء على التجاوزات والتفلّت المستشري على المستويات كافة.   

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها