الأربعاء 2017/06/14

آخر تحديث: 14:58 (بيروت)

ليس لـ"أدهم بيك" مَن ينقذه

الأربعاء 2017/06/14
ليس لـ"أدهم بيك" مَن ينقذه
increase حجم الخط decrease
لا تكفي مشاركة الممثل اللبناني يوسف الخال، في مسلسل "أدهم بيك" (تعرضه "أم تي في" كل ليلة 9:30) لرفع أسهم المسلسل فينضم إلى صفوة المسلسلات الرمضانية، علماً أن هذه السنة تشهد على ضمور "المسلسل النجم" الذي يحتل الصدارة بتفوق وسط ركاكة "باب الحارة" وباقي القصص المكررة بوجوه مختلفة.


فالمسلسل اللبناني الذي تنتجه "مروى غروب" ويخرجه السوري زهير قنوع، يحوي العديد من العناصر الجيدة، لكنها ليست متجانسة بحيث تنتشل المسلسل من رتابة تسود معظم حلقاته، كما أن أياً منها غير قادر وحده على القيام بفعل الإنقاذ، حتى يوسف الخال نفسه.

ومع عرض أكثر من نصف حلقات المسلسل، ما زالت شخصية "أدهم" (يوسف الخال) غير مقنعة، ليس بسبب أداء الرجل بل بسبب الشخصية نفسها. فأدهم ما زال تائهاً بين التطبيع مع الفرنسيين ومقارعتهم، يلعب على الحبلين وبطريقة علنية، ولا يعير المحتجين على الاحتلال أي اهتمام فعلي لكنه يدافع عنهم أمام الفرنسيين.

لا يكفي الحقد على أخيه الثائر أيمن (ميشال حوراني) بسبب وقوعهما في حب الفتاة نفسها (ريتا حرب)، لتبرير ميوله السياسية.. فالشخصية عموماً، ليست محبوكة، وضعف السيناريو يضيف إلى تذبذبها، ويجعلها عالقة في فخ الاقناع المصطنع الذي يُجهد الخال، ولا يضيف اليه شيئاً، علما أن الممثل الشاب يضيف الى المسلسل الكثير.. والأرجح أن العمل ما كان سيذكر كثيراً لولا مشاركته.

في المسلسل، الكثير من الشخصيات والقصص المتداخلة، تأخذنا الى حقبة الاحتلال الفرنسي العام 1941 وتعالجها بالسطحية نفسها التي اعتمدتها مسلسلات سابقة للحقبة نفسها (وهي الموضة اليوم!)، مع تسجيل حضور مميز لرندا كعدي، وجيد ليوسف حداد وبيتر سمعان، وأداء مقبول لفيفيان أنطونيوس.

يسجل للمسلسل زجه بوجوه جديدة للعب أدوار مهمة، واعتماده على طلاب من كلية الفنون، وهي حاجة لتأمين استمرارية الدراما اللبنانية كي لا تقع في فخ ندرة الوجوه، والذي وقعت فيه سابقاً في مرحلة التسعينات، وعانت منه أيضاً الدراما المصرية في الفترة الفاصلة بين نجوم من طراز نور الشريف ومصطفى فهمي وغيرهما، ونجوم من جيل أحمد السقا وأحمد عز وآخرين، فخلال تلك الفترة التي لم تستطع فيها مصر أن تضخ دماء جديدة في التلفزيون والسينما.

لكن الدماء الجديدة التي ضُخت في "أدهم بيك" لا تسعفه كثيراً. فالثغرة الحقيقية ليست في الوجوه، بل في الإطار الزمني الذي استدعى تجارب أخرى تتحدث عن تلك المرحلة، تتخطى التجارب السورية. كما أن الثغرة تتمثل في ظهور ميل واضح في السيناريو نحو التقليد، وإن بالشكل.. فيحضر في ذهن المشاهد مسلسل "باب إدريس"، لتخرج الاسئلة الملحة: هل الخيانات الزوجية والعلاقات غير الشرعية وحدها طبعت تلك الحقبة؟ ألم تكن هناك أحداث أو إشكاليات ثقافية واجتماعية أخرى في تلك المرحلة؟

العلاقات الغرامية تتصدّر في تلك الأعمال، على الفعل الثوري. ورغم أنه لا بد للقصص الغرامية أن تحضر كونها لاعباً مؤثراً، لكنها في المسلسل هنا تبدو اللاعب الوحيد، وهو ظلم كبير يلحق بنضالات كثيرة لحيازة استقلال العام 1943.

تكرس قصة "أدهم بيك" (من أجواء "دعاء الكروان" لطه حسين) الميل الواضح لدى الدراما اللبنانية لتحجيم التاريخ، بحجم الامكانات.. ما زال غير ممكن القول بأن الدراما اللبنانية، رغم الانتاجات الكثيرة، تغادر مرحلة الجمود.. فهي عالقة في تلك المرحلة، والإمكانات المادية أبرز عوائقها.

ربما تستطيع في مرحلة مقبلة أن تجري قفزة تحتاج اليها، عبر انتاجات ضخمة تكون قليلة، لكنها تحل محلّ إنتاجات كثيرة تشتت الحالة اللبنانية وتستدعي في كل مرة أن تكون في مرتبة متأخرة عن نظيرتها السورية والمصرية وحتى الخليجية.. ذلك أن عدم القدرة على التخطيط ما زال يعيب الدراما اللبنانية و"أدهم بيك" نموذج لهذا العجز.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها