الأربعاء 2017/05/03

آخر تحديث: 12:37 (بيروت)

فيديو باسيل: "التيار" جمعية أهلية؟!

الأربعاء 2017/05/03
فيديو باسيل: "التيار" جمعية أهلية؟!
هل سنرى صور باسيل على رأس تظاهرة ترشق السياسيين المُمدّدين بالطماطم؟
increase حجم الخط decrease
لا يتوقّف "التيار الوطني الحر" عن إدهاشنا بإبداعاته الميدياويّة، وكان آخرها فيديو "لا للتمديد" الذي غرّد به الوزير جبران باسيل عبر صفحته في "تويتر". يبدأ الفيديو بالعد التنازلي للأيام القليلة التي تفصلنا عن جلسة المجلس النيابي المحدّدة في 15 أيار/مايو، وينتهي بعبارة "لا للتمديد.. نعم لقانون ميثاقي".


لوهلة، قد يظن المتلقي أنّ مَن أعدّ فكرة "الفيديو"، جمعية أهلية، تُعنى بشؤون المجتمع المدني وشجونه، وتسعى إلى تحذير السلطة من مغبّة التمديد الثالث. ولولا وجود شارة "التيار" واسمه في نهاية الفيديو، لربما اعتقد المرء أنّ باسيل يُغازل "المجتمع المدني" ويُشجّعه على نشر الأفكار المناهضة للتمديد، على اعتبار أنّ التمديد أتى "بالويلات" لهذا "التيار"، لا بِحِصّة وازنة في السلطة. لكن على العكس تماماً، فالفيديو والأفكار الواردة فيه، من نسج خيال "التيار" وماكينته الإعلامية، وربّما سهت هذه الماكينة عن فكرة أنّ "التيّار" حزب سلطة وممثّلٌ في المجلس النيابي وفي الحكومة، وأنّ "عماده" رئيس الدولة، وباتت تُبدع أفكاراً كما لو أنّ "التيار" جمعية مدنية أو خيرية لمساعدة المسيحيين من أجل.. حُسن التمثيل.

ولوهلة أيضاً، قد يتوقع المُشاهد أن الفيديو سينتهي بعبارة "خلص وقتكم"، على أن يكون التوقيع للتجمّع المدني الفلاني. لكن لا. فالتوقيع أتى فعلاً بشعار التيار واسمه، كأن تيّار الوزير باسيل يوجّه سهامه إلى السلطة من خارجها! أو أنّه ما زال يعيش في منفاه الباريسي ولم يشارك في الحكومات المتعاقبة منذ العام 2005. في حين أنه هو الذي أقام الأرض ولم يُقعدها، في العام 2008، من أجل إقرار قانون الستين، معتبراً أنه يُعيد حقوق المسيحيين! ومع ذلك، يتصرف اليوم وكأنه خارج نعيم السلطة.


هذا الفيديو يظهر فعلاً أنّ "التيار"، في خيال ماكينته الإعلامية، جمعيّة مدنيّة لإعادة الحقوق للفئات المهمشة، وليس حزباً سياسيّاً يتلقى حصته من غنائم السلطة مثل بقيّة الأحزاب. لكن مهلاً. ماذا يعني التيّار بشعار "القانون الميثاقي"؟ هل فعلاً يريد إيهامنا بأنّ المسيحيين غير ممثلين مناصفة في السلطة وفي إدارات الدولة؟ أم أنه يقصد أنه لا تمثيل مسيحياً عادلاً في المجلس النيابي الحالي، الذي أراده "التيار" أصلاً وفق قانون الستين؟

إذا استثنينا مقعدين مسيحيّين في دوائر الجنوب، وآخرَين في بعلبك، حيث توجد غلبة شيعيّة، وثمانية مقاعد في بيروت وطرابلس وعكار حيث يوجد تأثير سنّي مباشر، فإن كافة المقاعد المسيحيّة موجودة في دوائر مختلطة طائفياً، والصوت المسيحي مقرِّر فيها، لكن هذا ما تتجاهله ماكينة "التيار". الميثاقية، في عُرف البرتقاليين، هي أن يكون "التيار" هو مُحتكِر تمثيل المسيحيين. وغير ذلك، لا ميثاقية لأي قانون انتخابي.

إذاً، دقت ساعة الصفر البرتقالية، وبدأ العد العكسي عند الماكينة الاعلامية التي ستتحفنا كل يوم بـ"بالون" جديد. فإما إقرار قانون "ميثاقي"، رسم باسيل معالمه في طرحه للتأهيل الطائفي، وإما سيستمر القصف الاعلامي السمج. فبعد أقل من شهر على الفيديو الذي بثه إعلام "التيار" (أو مناصروه)، حيث شبّه إقرار القانون الانتخابي بقيامة السيد المسيح، ها هو يعود إلى "التماهي" ميديوياً بالمجتمع المدني وأدبياته. وعوضاً عن الاستعارات الدينية حول آلام المسيح، لتصوير "الغبن" اللاحق بالمسيحيين المصلوبين على خشبة قانون الستين، ها هو "التيار" يطلّ بحلّة مدنية تحت شعار "الميثاقية" البرّاق.

وفيما ترفض القوى السياسية كافة، التمديد، ليتركز البحث حول كيفية تجنب الفراغ، ولو على المستوى العلني، يخبط "التيار" خبطته الاعلامية في الهواء، وها هو يُعد العدّة ليسجل انتصاراً وهمياً في كونه "منع التمديد". وفي هذا الجانب فقط، يشبه "التيار"، المجتمع المدني، وفي غير ذلك هو جزء من السلطة، بل يتربع على عرشها، بل إنه استفاد من التمديد أكثر من غيره.

في السابق، تزامن عرض فيديو "قيامة قانون الانتخاب" على شاشة "أو تي في" العونية، مع صورة الوزير باسيل يمتطي حمار ابن أتان، متشبّهاً بالسيد المسيح عند دخوله أورشليم. فهل يا ترى سنرى هذه المرة صوراً لرئيس "التيار" على رأس تظاهرة، شبيهة بتظاهرات المجتمع المدني وهي ترشق السياسيين الممدّدين بالطماطم؟ أو صورة له على "الجرافة" لقطع الطرق، وإقفال البلد، كما هدد التيار في الجلسة الفائتة للمجلس النيابي والتي كان إقرار التمديد على جدول أعمالها؟ المؤكّد أن "جرافات صوايا" جاهزة، ولسان حال "التيار": نحن لكِ بالمرصاد أيتها السلطة الفاسدة!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها