الخميس 2017/05/25

آخر تحديث: 18:50 (بيروت)

حجب مواقع مصرية:موقف ضد قطر أم ضد المعارضة المصرية؟

الخميس 2017/05/25
حجب مواقع مصرية:موقف ضد قطر أم ضد المعارضة المصرية؟
السلطة لا تريد أن تسمع إلا صوتها فقط (كاريكاتير أنديل)
increase حجم الخط decrease
لم يصدر بيان رسمي حتى الآن من أي مؤسسة حكومية في مصر، لكن حجب المواقع الإلكترونية حدث، بعد ساعات قليلة من أزمة قرصنة وكالة الأنباء القطرية، والحجب السعودي-الإماراتي للمواقع والمنصات الإلكترونية القطرية. ولا حاجة ربما إلى بيان رسمي طالما أن الخبر نشر في صحيفة "اليوم السابع" التي تُعتبر لسان الأمن المصري.

متابعو السجال الإعلامي في الخليج العربي، انشغلوا بالمعركة الكلامية في مواقع التواصل الاجتماعي، وتتبع المواقع المحظورة وكيفية الدخول إليها، فيما كانت الداخلية المصرية تستعد لخطوتها الجديدة، لضرب عصفورين بحجر واحد.

أما الأول فهو إعلان عملي لانحيازها المطلق للجناح السعودي-الإماراتي، رغم خلافات ظهرت على السطح في العام الأخير ورغم تبرّم خليجي من الرئيس عبد الفتاح السيسي. لكن يبدو أن هذا الحلف أزاح خلافاته جانباً، خصوصاً بعد زيارة دونالد ترامب الأخيرة إلى السعودية. والثاني هو تخلص الحكومة المصرية من البقية الباقية من الصحافة المستقلة في مصر، والقادرة على تقديم تجربة صحافية في ظروف تحاصر كل ما يختلف مع الخطاب الرسمي للدولة.

لذلك، فإن حجب مواقع "هافينغتون بوست عربي"، و"عربي 21"، و"الجزيرة نت"، و"وكالة الأنباء القطرية"، و"الراية"، و"الوطن" القطرية، و"تلفزيون قطر"، و"العرب" القطرية، يأتي متوافقاً مع السياسة المصرية التي بدأت بحجب موقع "العربي الجديد" منذ أكثر من عامين، بعد اجتماع السيسي مع رؤساء تحرير الصحف والمؤسسات الصحافية والإعلامية المصرية الكبرى، واتهامه حينها لـ"فضاءات ميديا" بأنها تدعم "حروب الجيل الرابع ضد مصر".

أيضاً لم يكن غريباً أن تُحجب مواقع "رصد" و"الشرق" و"الشعب" و"الحرية بوست" و"حسم" و"حماس" و"إخوان أونلاين" و"نافذة مصر" لانتماءاتها الإخوانية، بل ربما تعتبر هذه خطوة متأخرة إثر التنكيل المستمر ضد الإخوان منذ أحداث "رابعة" العام 2013.

ولأن الحجب لم يكن إثر قرار رسمي حتى الآن، ولم يصدر عنه أي بيان أو مطبوع في الجريدة الرسمية، فالتخمينات والشائعات اتسعت أكثر من الحقائق في المسألة. حتى قيل بحجب مواقع الواضح أنها لم تحجب حتى لحظة كتابة هذه السطور، وأهمها موقع "مصر العربية".


على أن الحجب الأكثر دوياً، كان لموقع "مدى مصر"، فهو بداية لا ينتمي لأي من الفئتين السابقتين، فلا هو موقع ممول من مؤسسة قطرية، ولا له انتماء إخواني، لكنه الموقع الإخباري الأخير في مصر الذي فيه الكثير من روائح ثورة يناير، وصلابة أحلامها، وشراسة مواجهتها للتخاريف الحكومية بالجهد الصحافي والتحقيقات الاستقصائية. لم تكن "مدى مصر" منحازة لمعسكر ولا ذات "أجندة" كما في الكثير من المواقع المصرية. بالتأكيد هذا هو صداع الأمن المصري، جهة صحافية قادرة على الاستمرار بمهنية صلبة.

نقيب الصحافيين، مرشح الأمن المصري، عبد المحسن سلامة، رحب بالخطوة الجديدة، في تصريحات لـ"اليوم السابع" أيضاً، قال فيها "علمتُ أن بعض المواقع المصرية تم حجبها، لكني لم أتلقّ أي شكوى من القائمين على هذه المواقع، وفي حالة ورود شكوى بشأن حجب مواقع مصرية سننظر فيها وسننظر في نوعية هذه المواقع وسنتواصل مع الأجهزة المعنية في الدولة لمعرفة حقيقة هذا الأمر، وإذا كانت هناك مواقع ثبت تورطها فلا بد أن نتلزم بالقانون.. أنا مع الحريات ولكن لا بد من وضع قواعد منظمة لإنشاء المواقع وعملها وضبط أدائها بحيث تتوافق مع المعايير القانونية وبحيث تكون خاضعة للمساءلة".

يتحدث نقيب الصحافيين عن "الالتزام بالقانون" بالطريقة نفسها التي يتحدث بها الأمن تماماً، والتي تعلّم الجميع السكوت أمام انتهاكات أكثر مخالفة للقانون، بغرض إعمال قوانين الأمن والإرهاب التي صارت ذريعة الدولة الدائمة في إسكات من تريد إسكاته.

حجب "مدى مصر"، ألقى بثقله على مواقع التواصل الاجتماعي التي تفاجأت بالحجب. لم يكن "مدى مصر" من المواقع الأعلى مشاهدة في مصر، ولم يكن من المواقع التي تتلق تمويلاً سخياً من مؤسسة ما، أيضاً لم يكن ذا تأثير واسع النطاق على مستوى جماهيري، غير أنه قدم نوعية أكثر تماسكاً من معظم ما يُقدم في المنصات الإخبارية. ورغم "محدودية تأثير" الموقع، المقتصر على الباقي من النخبة السياسية المؤمنة بالثورة، فإن الدولة رأت فيه إزعاجاً وخطراً محتملاً، كما رأت في خالد علي، و"حزب العيش والحرية" الذي ينتمي إليه، خطراً، رغم محدوديتهما أيضاً على المستوى الجماهيري.

السلطة لا تريد أن تترك أي شيء للصدف، للظروف، لا تريد الاستهانة بأي خطوة معارضة عاقلة خارج حصارها، درس ثورة يناير ما زال ماثلاً أمامها: "شوية العيال على الإنترنت" غيروا النظام مرة، ما الذي يمنع أن تتكرر الواقعة ثانية؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها