الجمعة 2017/04/28

آخر تحديث: 19:00 (بيروت)

أوهام أكراد سوريا

الجمعة 2017/04/28
أوهام أكراد سوريا
استراتيجيات التخاطب مع الغرب، تشير الى أن المطلب، برمته، "فانتازمي"
increase حجم الخط decrease
مطالب اكراد سوريا بفرض منطقة حظر جوي فوق مناطق سيطرتهم في شمال البلاد، لا تتعدى كونها أمنيات صعبة التحقق. فما نفذته الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وفرنسا في العام 1991 في العراق، لن يجد طريقه الى شمال سوريا، بالنظر الى أن التحالفات السياسية الدولية، تعقد تكرار المنطقة الآمنة هذه المرة، حتى لو شعر الاكراد بأنهم ضحية. 
يدرك الاكراد استحالة اقامة منطقة الحظر الجوي. وأن انشاءها، لا يتعدى كونه أوهاماً. ومع ذلك، يتواصل التغريد في وسم #noflyzone4rojava الذي يُفترض أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب، +بات على احاطة به.. كذلك وسائل الاعلام العالمية. لذلك، برز تخلٍّ واضح عن الدفع السياسي لانشائها، بادراكهم بأن المعوقات السياسية، على ضوء علاقة تركيا بالغرب، أقوى من فرض حظر جوي لصالح أكراد سوريا. كما أن "العدو" اليوم، هو ليس صدام حسين في مطلع التسعينيات، فضلاً عن أن الغرض من دعم مقترح مشابه في سوريا، سيعقد العلاقات مع تركيا، ولو أن بعض الطامحين من الأكراد، لم يوقفوا مطالبهم الولايات المتحدة ورئيسها بالتوقف عن دعم تركيا.

الفشل بالاقناع السياسي للغرب بإقامة منطقة حظر جوي، يستدعي تغييراً في الاستراتيجيات. هذا الادراك الكردي لاستحالة تحقيق مطالبهم، دفعهم لخطاب "إنسانويّ". فالاكراد اليوم، يخاطبون الشعب الأميركي بالدفع لانشاء المنطقة الآمنة. "أيها الشعب الاميركي العظيم.. ساعدنا لنحيا في روج آفا". تتكرر التغريدة بالانكليزية مرات عديدة. وتترافق مع تغريدة أخرى تتكرر أيضاً، مفادها ان المدنيين تحت الحصار في شمال سوريا، باتوا عرضة للغارات الجوية التركية. "ولحماية أرواح المدنيين، نحتاج الى منطقة حظر جوي". 

يتشعب هذا الخطاب الانساني. ويتوسع على امتداد الهاشتاغ الذي تم تداوله آلاف المرات منذ الأربعاء الماضي، الى ضغط من نوع آخر، فيه محاكاة للشعب الاميركي، بأن القصف التركي، سيصب في مصلحة "داعش". تتكرر تغريدة أخرى تحمل نفس المضمون: "تركيا تقصف المنطقة الكردية في سوريا، في حين يخوض المقاتلون الاكراد معارك ضد داعش حول مدينة الرقة".

استراتيجيات التخاطب مع الغرب إذن، تشير الى أن المطلب، برمته، "فانتازمي". فلا الضغوط الشعبية يمكن أن تدفع لتحقيق مطلب دولي ما.. ولا الظروف الدولية تسمح به. يخوض الاكراد هذا الطلب على سبيل "التجريب". فقد ساهمت الاعتصامات في وقت سابق، بتحقيق الهدف المرجو في العام 1991.. لكن الظروف الآن تبدلت. فواشنطن "المحرجة" بالضربات التركية، لا تمتلك هامشاً سوى التنديد والتعبير عن القلق. 

على أن الدفع باتجاه فرض منطقة حظر جوي فوق شمال سوريا، يساوي، لأول مرة، بين السوريين العرب والسوريين الاكراد. كلاهما يحلم بردّ القتل عن نفسه. وإذا كان الاكراد رفعوا الصوت أخيراً ضد القصف التركي، فإن السوريين رفعوا الصوت نفسه ضد آلة القتل النظامية منذ ست سنوات. لم يتحرك المجتمع الدولي لتطبيقه، كما لن يتحرك الآن لتطبيقه لرد الغارات التركية. فكلاهما ضحية من نفس الوزن. يمتلكان أحلاماً أكبر من التحقق. وأوهاماً بأن العالم سيسمع أنينهم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها