الأحد 2017/04/23

آخر تحديث: 16:07 (بيروت)

آية حجازي: كيف يُروَّج للتخوين مع حليف؟

الأحد 2017/04/23
آية حجازي: كيف يُروَّج للتخوين مع حليف؟
آية حجازي في البيت الأبيض (غيتي)
increase حجم الخط decrease
ثلاث سنوات قضتها آية حجازي وزوجها في السجون المصرية بسبب جمعية "بلادي" التي أنشآها لرعاية أطفال الشوارع، التهمة العبثية الرسمية التي واجهتها أمام المحاكم المصرية وهي "الاتجار بالبشر"، لم تكن موجودة على مستوى مؤيدي الدولة تأييداً مطلقاً، بل كانت حجازي بنظرهم جاسوسة للمخابرات الأميركية، كما كان القبض عليها بتهمة إجرائية كالعادة "ضربة معلم من المخابرات المصرية" كما يطيب لهذه الفئة المغيّبة أن تفسر كل خطوة وكل إجراء مهما بلغت حماقته ولا سببيته من الحكومة المصرية.


واليوم، خرجت حجازي من السجن بعد حكم براءة "سريع". من السجن فوراً إلى طائرة خاصة ثم إلى البيت الأبيض حيث كان في انتظارها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وكانت صورتها في المكتب البيضاوي جالسة إلى جانب ترامب في المكان المخصص لاستقبال ضيوفه الرسميين، بلا شك، اللقطة الأهم في التغطيات العربية والأمريكية أمس. كما أن ترامب نفسه خرج بتغريدات متوالية على حسابه الشخصي وحسابه الرئاسي في "تويتر" ترحيباً بآية وتوثيقاً لاسقبالها. كما نشرت ابنته ذات المكانة في الإدارة الأميركية إيفانكا ترامب صورة تجمعها بآية في أروقة البيت الأبيض.

أثار المشهد شهية الإعلام بالطبع بطرق متفاوتة، فصحيفة "واشنطن بوست" قالت أن عودة حجازي وزوجها محمد حسنين إلى واشنطن جاءت بعد تدخّل الرئيس ترامب ومُساعديه الذين أجروا محادثات مع الرئيس عبد الفتاح السيسي لإطلاق سراحهما. مع الإشارة إلى فشل إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في الضغط على السيسي لإطلاق سراح الناشطة وزوجها، واعتبرت أن هذه العودة إشارة على تحسّن العلاقات المصرية - الأميركية التي شابها توتر لافت إبان فترة حكم أوباما. وهو ما أكدته وكالة "رويترز" أيضاً نقلاً عن مسؤول أميركي.

أما الميديا المصرية فتناولت الموضوع بتحفظ شديد، بمجرد تغطية لتفاصيل براءة حجازي وخروجها من السجن واستقبال الرئيس الأمريكي لها. لكن "اليوم السابع" لم ترد أن يمر الأمر بحياد "أُرغِمت عليه" بحكم طبيعة العلاقات المصرية الأمريكية الحالية. فخرجت بخبر مفاده أن براءة آية أتت من دون ضغوط، على عكس ما أشيع في وكالات الأنباء العالمية، وعلى رأسها "بي بي سي" ذات العلاقة بالمخابرات البريطانيةَ أما "بوابة فيتو الإخبارية" فرأت في خروج حجازي من السجن إلى طائرة خاصة إلى البيت الأبيض استفزازا لسيدة مزدوجة الجنسية كانت تؤدي مهمة "غير معلومة" مع أطفال الشوارع، استقبلتها دينا باول مستشارة ترامب ذات الأصول المصرية، تزامناً مع زيارة جيمس ماتيس وزير الدفاع الأمريكي.

طريقة صياغة الموضوع في "بوابة فيتو" يبدي سخطاً مزدوجاً تجاه الحكومة المصرية والضغط الأمريكي معاً. وبشكل عام كانت الصحافة والشاشات أكثر هدوءاً في تغطيتها، من دون عرض رأي "مؤامراتي" كما جرت العادة إبان فترة باراك أوباما.

أما على مواقع التواصل الاجتماعي، فكانت المتابعة أكثر سخونة، هاشتاغ #آية_حجازي أتى تزامناً مع الفيديو المسرب للجيش المصري، ما جعل النقاش أوسع حول مفاهيم "الدولة والسيادة". "الدولجية" كما يحبون أن يسموا أنفسهم، مثلما اتهموا حجازي في بداية القضية بالجاسوسية، أتى المشهد الرئاسي الأميركي ليؤكد على هواجسهم المؤامراتية، وكان الاتهام الأوضح هو أنها "مزدوجة الجنسية" باعتبار أنها ليست ذات ولاء لبلدها الأول مصر. وهو ما حرصوا على ترويجه وتأكيد جاسوسيتها وإلا لماذا يستقبلها الرئيس الأميركي بنفسه ويقول لها مرحباً بك في بلدك؟!

المحامي الحقوقي طارق العوضي على حسابه الشخصي في "فايسبوك" نشر تعليقاً أثار سخط قطاع واسع من الناشطين، قال فيه "إنه شعر بالخديعة بعد سفر آية حجازي" وتركز السخط على ما قاله لأن العوضي كان ممن دافعوا عن آية أولاً وثانياً لتاريخه. وذهبت معظم التعليقات ضده على أن آية حجازي تعرضت لظلم مستمر هي وزوجها لمدة ثلاث سنوات من دون حيثيات قانونية ملموسة، ورغم بعدها عن أي عمل سياسي، في جمعية أهلية غرضها مساعدة أطفال الشوارع، وهم بالآلاف في القاهرة وحدها، في دولة تعتبر أن أي عمل عام هو "جريمة".

تبقى المفارقة في هجوم الدولجية والعوضي في تركيزهم على تخوين آية حجازي نفسها، من دون أن يكون هنالك حديث عن المؤامرة الأميركية أو عداوة الرئيس الأميركي لمصر، بل عداوة المخابرات الأميركية وحدها! من دون أن يقفوا للحظة ويفكروا في أن ما تم ترويجه يشكل قدحاً في نزاهة القضاء المصري قبل التشكيك في سيادة الدولة المصرية التي يتشدقون بها. لكن، في كل الأحوال ليس ثمة عقلانية في ادعاءات "الدولجية"، وعليه فإنهم لا يبالون بالتناقضات إن أدركوها أصلاً!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها