الأربعاء 2017/04/19

آخر تحديث: 15:56 (بيروت)

سما المصري تقدّم برنامجاً دينياً: الخوف من المنطق!

الأربعاء 2017/04/19
سما المصري تقدّم برنامجاً دينياً: الخوف من المنطق!
تعرف سما المصري كيف تحول أخبارها إلى قضية رأي عام كل مرة
increase حجم الخط decrease
"برنامج ديني لسما المصري في رمضان"، مجرد تكوين هذه الجملة يفتح شهية المواقع الإخبارية والبرامج الصفراء لملء صفحاتها وساعات بثها بتفاصيل وافتراضات وتحليلات واستنتاجات، فبطلة الواقعة هي شخصية تعرف كيف تلفت الأنظار و"تثير الجدل" بالمعنى المدوّي للعبارة في الصحافة المصرية، خاصة أن تاريخ "إثارتها للجدل" معلوم للجميع، في سنوات ما بعد الثورة تحديداً، عندما أسست قناة "فلول" للسخرية من الإخوان ومحمد البرادعي، ثم مع كليباتها الساخنة، مروراً بمحاولة ترشحها لانتخابات مجلس الشعب، وأخيراً بًالبرنامج الديني الذي أعلنت أنها بصدد تصويره هذه الأيام.


كان يمكن للزوبعة المثارة حول الإعلان الجديد أن تمرّ من دون ضجة، إذا ما تجاهلها الإعلام مثلاً بعدم إعطاء أهمية وحجم للمصري، خاصة أنها مشهورة بلهفتها المستمرة للأضواء والتواجد الدائم في البرامج الحوارية وعلى رأس الأخبار الأكثر قراءة في المواقع. لكن سما المصري تعرف جيداً كيف تلقي القنبلة التي تفتح شهية الجميع للتركيز عليها، وكيف تجعل من أخبارها تتحول من مجرد نزق نجمة محبة للأضواء إلى قضية رأي عام، خاصة أن موضوع البرنامج انتقل من المواقع والبرامج إلى ساحة النقاش في البرلمان المصري أمس، وهنا تكمن قوة سما المصري ورأس مالها الرمزي.

أربعة نواب هم إلهامي عجينة وخالد أبو طالب وبدير عبد العزيز وسولاف درويش، كرسوا وقتاً للهجوم على سما المصري واتهامها بالفجور. وجدت المصري في ذلك فرصتها السانحة لتنفيذ استراتيجتها المعلومة، فبثت مقطع فيديو عبر صفحتها في "فايسبوك"، تقول فيه لهؤلاء الذين يهاجمون برنامجها الجديد: "بطلوا هري"، وأعلنت أن القناة التي تعاقدت معها أقنعتها بارتداء الحجاب أثناء تصوير البرنامج.



بعد ذلك، تقدمت المصري بشكوى رسمية إلى رئيس مجلس النواب علي عبد العال، وقالت فيه إنها تعرضت لمحاولة التشهير بها والإساءة لها ولبرنامجها المرتقب تقديمه في رمضان المقبل، من دون علم النواب بما يحويه هذا البرنامج ولا طبيعته وعم يتحدث. وطالبت رئيس البرلمان بإحالة النواب للجنة القيم لإخلالهم بواجبهم الأساسي وهو مراقبة الحكومة وليس مراقبة المواطنين، وهذا يخالف المادة 110 من الدستور من الإخلال بواجبهم الأساسي المنوط بهم، مؤكدة أنها ستتقدم ببلاغات للنائب العام ضد هؤلاء النواب لما بدر منهم من إساءة وعدم تحمل مسئوليتهم الأساسية التي تم انتخابهم من أجلها، ولم تقف عند هذا الحد، بل زايدت عليهم أخلاقياً وقالت على الأقل هي تقوم بترقيص "جسدها" لا "لسانها" مثلما يفعلون هم. وهكذا سحبتهم سما المصري إلى ملعبها ومنطقها.

يعرف القاصي والداني طبيعة شهرة المصري، وكيف صارت من الشخصيات العامة، بالقفز الخفيف من التمثيل إلى الرقص فالغناء ثم السياسة وأخيرا الدين. فهي في كل مرة تعرف كيف تطرق على موقع الألم فيعلوا صراخ المجتمع ليخرج أمين اللجنة الدينية بمجلس النواب الأستاذ الأزهري الدكتور عمر حمروش ليقول أن "هذا الأمر استخفاف بدين الله عز وجل، ما هي مؤهلاتها العلمية والدينية لتقديم برنامج ديني؟ حرفتها تدعو للخلاعة وتساعد على هدم قيم المجتمع، فالكاسيات العاريات مصيرهن نار جهنم".

ورّط النائب الأزهري نفسه، فبينما كان يحاول إدانة المصري، دان "وسطية الأزهر" وهو يرمي الكاسيات العاريات في النار، كما ورطته عصبيته الدينية في عدم التمهل ليسأل نفسه: وما هي مؤهلات عشرات المذيعين الذين يقدمون برامج دينية على الشاشات؟ وما هي المؤهلات المطلوبة لذلك أصلاً أكثر من الإعداد الجيد للحلقات؟

وهنا، قد تكون سما المصري واعية تماماً لحجم "الورطة" التي أوقعت فيها المؤسسة الدينية والكيانات التي ترعاها، وهم لا يفصلون بين المنظومة الأخلاقية واللاهوت، وربما هي تتصرف بحسن نية فعلا، ولها غرض داخلي في أن "تتقرب إلى الله" من خلال هذا البرنامج.

التجربة أثبتت أنه لا يمكن الثقة في الخطوة التي أقدمت عليها سما المصري، وأنها كانت غالباً على وعي تام بتبعات الإعلان عن برنامجها، لكنها من دون أن تدري ألقت حجراً في مياه "التابوه" الديني الراكد، الملتصق بالمنظومة المتداعية المسماة "أخلاق المجتمع"، بكل الهوس المرافق لتلك المنظومة من أجل الحفاظ على مظهرها الخارجي، لتسأل بذلك الأزهريين الغاضبين: ما الذي يمنع مسلماً "عاصياً" من تقديم برنامج ديني؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها