الثلاثاء 2017/04/18

آخر تحديث: 15:06 (بيروت)

"اتحاد الشعب اللبناني".. الخطاب الخسيس

الثلاثاء 2017/04/18
"اتحاد الشعب اللبناني".. الخطاب الخسيس
أطفال سوريون يعملون في مسح الأحذية في بيروت (غيتي)
increase حجم الخط decrease
لا تكشف صفحة "اتحاد الشعب اللبناني" في "فايسبوك"، عنصريةً مستفحلة وكراهية لـ"الغريب" فحسب، بل هي صفحة تحريضية، وترهيبية! تنشد حشد رأي عام لمقاطعة المتاجر التي يديرها السوريون، لأسباب يفترض أنها "اقتصادية" صرفة، لكنها حتى بهذا المعنى هي الهرطقة الاقتصادية الصرفة.


والأجنبي، في هذه الحالة، وكما تظهر الصور، هو السوري حكماً. فالضخ الميديوي الترهيبي فيها، يتخطى أي ممارسة عنصرية عُرفت في لبنان منذ أربع سنوات. لا يتطلع مديرو الصفحة إلى السوري بنظرة دونية، كما جرت العادة في صفحات مشابهة. ولا يستسهلون السخرية منه. ولا يقاربون المسألة بالتعميم. ذلك أن جلّ ما تتناوله الصفحة، هو المؤسسات الاقتصادية التي يديرها سوريون في لبنان، مطالبين البلديات والسلطات الرسمية بإيقافهم عن العمل، كما يطالبون الناس بالمقاطعة.

وفعل المقاطعة، إذا كان ينظر إليه كممارسة ديموقراطية، لا يأخذ هذا المنحى في صفحة تزخر بالتحريض والتخويف. إذ ثمة خطابان أساسيان تقوم عليها الصفحة: خطاب "التدعيش"، وخطاب التخويف من أعراض صحية!

الخطاب الأول ترهيبي لناحية التعميم باللعب على وتر "داعش"، حيث يتم لصق التهمة بكل سوري، بالقول أنه إرهابي محتمل. وهي مقاربة تحاكي الهواجس اللبنانية، مما يسهل انتشارها وبالتالي، الاستجابة لها. وقد ظهرت علامات الاستجابة في تعليقات كثيرة مؤيدة للمقاطعة.

أما المستوى الثاني، فهو لا يقارب الخوف العام. إذ يتخصص في مخاطبة الخوف الخاص لدى اللبنانيين من أعراض صحية مزعومة، ناتجة عن عمل السوريين في قطاع المأكولات. فيلصق مديرو الصفحة صوراً مجمّعة من "غوغل" لتقديمها على أنها احتمال قائم لممارسة المهنة في المطاعم اللبنانية التي يعملون بها.

لكن هذه المقاربات غير الأخلاقية، عملياً، لا تراعي صحة اللبنانيين، ولا تنظر في الأمن الممسوك حكماً من قبل السلطات الرسمية. إذ أنها تقارب المسالة من زاوية اقتصادية مريضة، والنظر في ضرورة لأن يكون السوري مستهلكاً فقط. فالصفحة تستهدف شريحة العمال، دون أصحاب القدرة الشرائية والاستهلاكية. ولا تُخوِّف من الأثرياء السوريين، بل من فقرائهم، متجاهلة أن مليون ونصف المليون سوري، لا يستطيعون أن يكونوا بيئة استهلاكية فحسب، من غير إنتاج مواز، وهم إذ يشكل عددهم ربع اللبنانيين المقيمين، فإنه من الطبيعي أن يقدموا خدمات، كل من خلفيته المهنية، للسوريين أنفسهم قبل اللبنانيين. وهو الأمر القائم في تركيا والأردن والدول الأوروبية التي استضافت اللاجئين، ناهيك عن تحري الاقتصاد من زوايا يرفض رؤيتها أصحاب الخطاب المتطرف هذا.

وعليه، فإن المفارقة من هذه الناحية هي خسيسة واستعلائية، وتعبر عن جشع لبناني لدى البعض، قائم على عنصرية يُجاهَر بها بلا حياء أو وازع إنساني أو أخلاقي، وذلك كله يتم تغليفه بخطابات التخويف والترهيب لحشد تأييد للحملة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها