الثلاثاء 2017/04/11

آخر تحديث: 14:32 (بيروت)

نورس يكن يقدم "ما لم يطلبه الجمهور"

الثلاثاء 2017/04/11
نورس يكن يقدم "ما لم يطلبه الجمهور"
increase حجم الخط decrease
غالبية السوريين لم تعرف في الصغر سوى قناة تلفزيونية واحدة، مع احتكار النظام البعثي لكافة وسائل الإعلام في البلاد منذ استيلائه على السلطة العام 1963، ليجبر السوريين حتى منتصف التسعينيات على متابعة ضخ دعائي - ترفيهي موجه ووحيد. واليوم بعد 6 سنوات من الثورة في البلاد وظهور وسائل إعلام معارضة، باتت دراسة تلك الحقبة من الإعلام الرسمي ضرورية، وهو ما يحاول برنامج "ما لم يطلبه الجمهور" تقديمه عبر أثير راديو "سوريالي" المعارض، في حلقات أسبوعية تبث مساء كل أحد، ولا تتعدى مدتها 30 دقيقة وتستعرض تاريخ التلفزيون السوري.


"المدن" التقت معد ومقدم البرنامج، نورس يكن، على هامش انطلاق البرنامج، وكان الحوار التالي:

* ما هي أبرز محاور البرنامج؟ وكيف أتت فكرته؟

** في الحقيقة انطلقت فكرة البرنامج من سؤال "كيف بقي بلد كامل بسكانه لمدة 40 عاماً تقريباً وهو لا يملك سوى مصدر واحد للمعلومة؟" لو فكرنا بهذا السؤال بجدية لوجدنا أن أبعاده خطيرة جداً. فهناك جيلان على الأقل تشكل وعيهم من خلال هذه المؤسسة، ولذلك أردنا الإجابة على هذا السؤال وعلى كل الأسئلة التي تجول في بال أي مواطن سوريا كان يستيقظ على تلاوة من الذكر الحكيم ويغفو على برنامج "غداً نلتقي".

* ما الذي تريد إيصاله وقوله من البرنامج؟

** أتمنى أن استطيع حل العديد من الألغاز التي قد يفكر بها كثر من السوريين وأنا شخصياً أفكر بها وابحث عن حلول لها، صوت إذاعي واحد، تلفزيون واحد، صحف رسمية تتبع مصدراً واحداً، اتوقع هناك حاجة لتوضيح ملابسات الجريمة الفكرية التي ارتكبت بحق السوريين من خلال قمع وتقييد مهنة الصحافة ووسائل الإعلام بهذه الطريقة.

* كيف تم التحضير للبرنامج؟؟ ما هي المصادر التي تم الاعتماد عليها؟

** تم التحضير للبرنامج على مراحل، كان أولها جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن تاريخ مهنة الصحافة في سوريا ومعرفة وضع الصحافة في البلاد قبيل الانقلاب البعثي من خلال العديد من المراجع أهمها كتاب "تاريخ الصحافة السورية" لشمس الدين الرفاعي. إضافة إلى عدد من الأبحاث. وبصراحة وجدنا أن المصادر حول الصحافة السورية  شحيحة للغاية.

في المرحلة الثانية انتقلنا إلى التحضير للمقابلات ومعرفة الأسماء التي لديها المخزون الكافي والتاريخ الطويل مع الهيئة لإغناء هذه الفكرة، كما تعرف النظام لا يمكن أن يترك أي مادة أرشيفية يمكن الارتكاز عليها، وعليه كان العنصر الأهم هو شهادات العاملين، كما اعتمدنا أيضاً على المقاطع الأرشيفية المتاحة والمفيدة للمحتوى.

* الحديث عن الإعلام الرسمي متشعب جداً، من شخصياته وبرامجه إلى كواليسه حيث قضايا الرقابة والتسييس وهامش حرية التعبير. على ماذا سيركز برنامجكم؟

** البرنامج في الحقيقة يركز على الجزئين فهو سوف يستعرض المرحلة التاريخية من بوابة الحدث السياسي بكل تأكيد، وكذلك سيلتفت إلى الخفايا التي كانت تدور وراء الكواليس، وصولاً إلى البرامج الأكثر شعبية على مدار عمل الهيئة والشخصيات الأشهر فيها، إضافة للدراما وسنحاول تقديم كل ذلك بقالب إذاعي حديث يخلو من الرتابة.

* ربما تكون الانطباعات الذاتية هي كل ما يؤرخ حقبة 4 عقود من الإعلام الرسمي أحادي الجانب، مع نقص المعلومات والدراسات. كيف ستصلون في برنامجكم للتوازن بين الرأي والمعلومة من أجل نقد وتقييم الأداء الإعلامي بموضوعية؟

** البرنامج لكي نكون واضحين ليس عملاً نقدياً بالمعنى المطلق، إنما هو عمل تحليلي. نحن نطرح أسئلة ربما فكر فيها جميع السوريين لكنهم لم يجدوا إجابات شافية لها، وذلك بسبب الطوق المفروض على المؤسسة الإعلامية في سوريا. وكما تعرفون فإن الاعلام الحكومي في الأنظمة الشمولية لا يقل أهمية عن الجيش وفروع الأمن من حيث تدعيم سياسة السلطة وتكريس صورة القائد، وبالتالي فإن الدخول إلى أروقة هذه المؤسسة ضروري جداً، وهنا يأتي دور البرنامج في البحث عن إجابات وتقديم حقائق، أما النقد فهو بحث أخر مطول، وربما يوضح ضيوف البرنامج بعض النقاط والمغالطات التي لاحظوها هم أثناء عملهم.

* بالحديث عن الأنظمة الشمولية، أعتقد أن الحديث عن الإعلام السوري وتاريخه الطويل قد يكون أفضل وأسهل طريقة لانتقاد النظام السياسي ككل في سوريا على اعتبار الإعلام مرآة للسياسة، تعليقك على هذه النقطة؟

** من جهتي أعتقد أن النظام السياسي في سوريا بات واضحاً بما فيه الكفاية، لكن البرنامج يحاول شرح كيف يكون الإعلام مرآة للسياسة في الأنظمة الشمولية، وكيف تضع هذه الأنظمة  خططاً مدروسة لتوجيه الرأي العام. في "ما لم يطلبه الجمهور" ندخل أروقة "الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون" في سوريا للمرة الأولى بهذا الشكل، وأتمنى أن أقدم معلومات قيمة كما أتمنى أن يكون هناك تجارب قادمة متخصصة وموسعة للوقوف على واقع الصحافة السورية وتاريخها.

* مازال مفهوم التحليل الإعلامي غائباً حتى بعد 6 سنوات من الثورة في البلاد، سواء على مستوى الإعلام البديل أو حتى ضمن الإعلام العربي عموماً بعكس ما نشاهده في الإعلام الغربي. تعليقك على هذه النقطة، وكيف ترى برنامجك ضمن هذه الإطار؟

** البرنامج فعلياً هو محاولة لتقديم التحليل الإعلامي، وأتمنى أن تكون هذه المحاولة ناجحة، ربما مع الحلقة الأخيرة يمكن أن يتوضح ما إذا كنا نجحنا في ذلك، لا أعلم إذا كنت أستطيع أن أوافقك الرأي بغياب التحليل عن الإعلام السوري الجديد بشكل كامل، ولكن بالفعل حضوره ضعيف سورياً وعربياً وذلك لأسباب تتعلق برأيي الشخصي بحداثة التجربة في سوريا

* "ما لم يطلبه الجمهور" عنوان مميز يوصف بالتحديد حالة أربعة عقود من التلفزيون الرسمي! ما هي رمزية الاسم بالنسبة لكم؟

** لقد طرحنا عدة أسماء في مرحلة التحضير وكان "ما لم يطلبه الجمهور" هو الأقرب بينها للتعبير عن فكرتنا التي انطلقت من سؤال كيف بقيت سوريا تعيش عقوداً بمصدر واحد للمعلومة؟ هل هذا ما طلبه الجمهور؟ بالتأكيد لا فالجمهور دائما يحب التنوع والخيارات المفتوحة أمامه، و للمفارقة كما يعرف الجميع كان أحد أشهر برامج التلفزيون السوري يحمل عنوان "ما يطلبه الجمهور".

* ترك الإعلام الرسمي أثراً عميقاً في حياة السوريين، ربما كمزيج من القهر والإحساس بالظلم خاصة في فترة التسعينيات التي بدأت في الفضائيات بالانتشار. كيف تقرأ ذلك الأثر وكيف تضمنه في برنامجك أم هو عنصر يتفعل تلقائياً لدى المتلقي بمجرد الحديث عن الإعلام الرسمي؟

** ليس القهر والإحساس بالظلم فقط ما تركه الاعلام السوري، قد تجد لدى الجميع ذكريات طيبة مع بعض البرامج لا سيما الرسوم المتحركة والدراما والمنوعات كـ "التلفزيون والناس" و"غداً نلتقي"، إنما مع بداية مع ظهور القنوات الفضائية لم يعد هذا الإعلام يكفي حاجات المتلقي السوري. من خلال "ما لم يطلبه الجمهور" وفي هذه النقطة تحديداً نحاول معرفة مدى مهنية وكفاءة هذه البرامج ولماذا لم تسارع الهيئة العامة لمواكبة التطور السريع الذي حدث لوسائل الاعلام في التسعينات.

* هناك حالة عامة في الإعلام البديل اليوم تسترجع ذكريات الإعلام الرسمي، سواء بإحياء برامج قديمة مثل "التلفزيون والناس" أو عبر تقديم رؤية نقدية لها كبرنامجك. لماذا هذه العودة بالزمن برأيك؟ وهل تعكس قصوراً في التعامل مع الأحداث الحاضرة أو نوعاً من النوستالجيا ربما؟

** لا بد أن كل السوريين من لاجئين ومهجرين أو حتى ممن يقيمون في سوريا لديهم حالة نوستالجيا ليس فقط للتلفزيون وانتاجاته القديمة بل لكل الأشياء التي كانت تميز الحياة السورية قبل 2011 وهذا ميل طبيعي لفترة الاستقرار والسلام بغض النظر عن عيوبها وسلبياتها، الحالة التي تحدثت عنها ليست فقط في الإعلام البديل إن صحت التسمية بل أيضاً نجدها في إعلام النظام حيث تتجه "إذاعة دمشق" لبث أعمال قديمة ومعروفة لدى السوريين، كما تبث التلفزيونات الحكومية والخاصة مسلسلات قديمة مثل "الجوارح" و"نهاية رجل شجاع" وغيرها من الأعمال الكلاسيكية المؤثرة في نفوس السوريين.

* ربما يرتبط الأمر بضرورة ملء الفراغ المعلوماتي التوثيقي حول تلك الفترة من الستينيات وحتى اليوم بعيداً عن البروباغندا والمعلومات أحادية الجانب؟

** بالنسبة لهذه النقطة، حسب معلوماتي لم يتم التطرق إلى هذا الجانب قبل برنامج "ما لم يطلبه الجمهور"، وبالفعل هناك اليوم ضرورة للحديث عن تلك المرحلة بمناخ حر يتيح تداول كافة المعلومات، وهذا هو جوهر البرنامج بالنهاية.

* بعد عقود من الإعلام الرسمي الذي احتكر المجال العام في البلاد. ما هي أهمية الإعلام البديل اليوم إلى جوار أهميته كصوت يعبر عن المعارضة السياسية.

** مع تحفظي على تسمية "الإعلام البديل" والتي أميل لاستبدالها بـ "الإعلام الجديد" أو "التجارب الإعلامية الجديدة"، فتجربتنا اليوم كإذاعات وتلفزيونات وصحف تأخذ أهميتها من تحديد موقع سوريا على خارطة الصحافة العربية والعالمية وتقديم تجارب مهنية وذات مصداقية ومحتوى غني ومفيد يساعد المتلقي على تنمية مداركه وكذلك لا ينسى أن يقدم له الترفيه والمنوعات.

طبعاً هذه التجارب عانت الكثير من التخبطات ووقعت بالكثير من المطبات ولكن هذه ضريبة التعلم واكتساب الخبرة، والنتيجة اليوم إذا ما نظرنا للنصف الممتلئ من الكأس سوف نرى أننا بتنا نمتلك كوادر إعلامية محترفة ووسائل إعلام جيدة لا سيما في المسموع والمكتوب وبالطبع التجربة لم تنته بعد وما زال الوقت مبكراً جداً للحكم عليها بشكل نهائي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها