الخميس 2017/03/09

آخر تحديث: 18:25 (بيروت)

صناعة "لورد المخدرات" علي شمص

الخميس 2017/03/09
صناعة "لورد المخدرات" علي شمص
علي شمص يستعرض أسلحته المتوسطة أمام الكاميرا
increase حجم الخط decrease
يُخرج علي شمص سائر أسلحته، الخفيفة والمتوسطة و"المذهبة" لعرضها أمام الكاميرا البريطانية. ما فعله، ليس إستعراضاً للقوة. هو استعراض للتمردّ على الدولة، وهيبتها وسلطتها وعهدها الجديد.. ومحاولة لاستدراجها الى منازلته، إذا استطاعت. وهي الغائبة منذ عام تقريباً عنه، كما قال.
إستعراض التمرّد هذا، الذي شاهدناه ضمن تقرير حمل اسم "لورد المخدرات" وعرضته قناة "بي بي سي"، لا يقول جديداً في أحوال منطقة البقاع اللبناني، ومأثورات صناعة المخدرات والاتجار بها. كما لا يكشف الكثير عن عجز الدولة عن بسط سلطتها على منطقة محرومة، لجأت الى زراعة الحشيش، بعد فشل الزراعات البديلة. وهي زراعة نشطت في أعقاب تراخي الدولة، وترهّلها، بموازاة انطلاق الحرب السورية التي شرّعت حدوداً مفتوحة على الحرب والتوتر والبؤس..

في الواقع، يسعى شمص لطرح اسمه كرقم جديد في ساحة الاتجار بالمخدرات، ولو أنه من أصغر التجار، وأقلهم ملفات عالقة مع الدولة، كون عائداته السنوية تتراوح بين مليون و 1.5 مليون دولار، كما قال، وفي جعبته 6 قتلى فقط! ومع ذلك، قدم نفسه، بل قدمه تقرير "بي بي سي" على أنه "لورد المخدرات" في لبنان. رقم جديد يُضاف الى سجل "اللوردات" العاصين على القانون، ويقدمون أنفسهم على أنهم "روبن هود" المنطقة!

وما كان شمص ليحظى بهذا اللقب، لولا التقرير الإعلامي. منفعة الاعلام في أنه كشف عن وجه جديد، يقدم القصة المألوفة التي يقدمها "لوردات المخدرات" حول فشل الدولة، وغضّ نظرها احياناً عن ظاهرتهم.. لكن المنفعة العائدة لشمص، أنه قدم نفسه كجزء من هؤلاء "اللوردات"، ورقم جديد في المهنة. وليس بالضرورة أن ينافس نوح زعيتر مثلاً، الذي أتقن استغلال الاعلام، وفرض نفسه على قنوات إعلامية إنطلاقاً من كونه متمرداً على القانون، وطافراً من الدولة.. بل وضع نفسه في الخانة ذاتها.

والإعلام، العالمي منه والمحليّ، يستفيد من التسهيلات القائمة في لبنان، للإضاءة على نماذج "غريبة". غياب الضوابط، يتيح الوصول بسهولة الى هؤلاء. يستفيدون من الاعلام، بالقَدَر نفسه الذي يستفيد الاعلام منهم لتحقيق سبق، ورفع نسبة المشاهدة. فتُصنع النماذج غير المألوفة، وتتحول الى النجومية بين ليلة وضحاها، بمجرد تناولها في الاعلام.

بمعزل عن سياق تقرير "بي بي سي"، وقدرة الوصول لتحقيق سبق، لا يتخطى التقرير مهنيته. فقد كَشَف عن وجه جديد في نموذج مألوف عن ترهّل الدولة التي لا توفر مئة عنصر للقبض على شمص، كما قال رئيس شعبة مكافحة المخدرات في قوى الامن الداخلي العميد غسان شمس الدين في التقرير. وكشف عن أن القرار السياسي لمحاصرة الظاهرة، لم يُتخذ بعد. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها