الجمعة 2017/03/03

آخر تحديث: 17:05 (بيروت)

براءة مبارك: توثيق لسلسلة هزائم الثورة

الجمعة 2017/03/03
براءة مبارك: توثيق لسلسلة هزائم الثورة
"حكم نهائي ببراءة مبارك من قتل المتظاهرين"
increase حجم الخط decrease
كانت محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، بالنسبة لكثيرين، بالذات من المعسكر الثوري، "نصراً رمزياً" على النظام الذي خرجت تهتف ضده الملايين. المشهد التاريخي بوجود مبارك وراء القضبان، كان تتويجاً للحدث الأهم في تاريخ مصر الحديث. ورغم أن كل الإجراءات السياسية بعد تولي السيسي كانت تقود إلى الهزيمة الكاملة، إلا أن قطاعاً كبيراً رأى في محاكمته "خضوعاً" من النظام المهيمن رغم قفزه بثورته المضادة على مكتسبات الثورة ووأدها تماماً. وهو الاعتراف العملي بثورة يناير، أبعد من ذكرها في الدستور المصري، أو التحية السنوية الفارغة من رئيس الجمهورية.
يأتي حكم المحكمة أمس، بمثابة قرار الهزيمة النهائية، أو واحد من تفاصيله الأخيرة. هو تفريغ كامل للثورة من أي مضمون حقيقي وفاعل في المجال العام، وهو ما يُفهم في سياقه كيف استقبل الجميع الخبر بالصدمة والحزن.

ما أن أُذيع الخبر، حتى تفجرت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات. وفي ساعات معدودة تحولت هاشتاغات #مبارك و#محاكمة_مبارك و#براءة_مبارك إلى أبواب تدخل تيارات واسعة من الغضب والحزن و"التذكر" ومواجهة تفاصيل الهزيمة.

على المستوى الصحافي، انشغلت الصحف والمواقع الإخبارية بإذاعة الخبر، واستعادة الإجراءات منذ حبسه حتى البراءة. ورغم عدم ظهور أي مظاهر شماتة "متوقعة" من الصحف المؤيدة للدولة، والاكتفاء بالتوثيق المعلوماتي، إلا أن هذا التوثيق وحده بدا كتوثيق لسلسلة هزائم الثورة واحدة تلو الأخرى، ولو بشكل رمزي ممثلة في محاكمة مبارك. واستطاع موقع مصراوي الحصول على "تعليق صوتي" من مبارك نفسه بعد صدور الحكم.

لم يعلق نجوم البرامج الحوارية "الرئيسيين" على الخبر بعد (عمرو أديب وأحمد موسى ولميس الحديدي). تامر أمين تكلم، وهو الإعلامي الذي روج لأكاذيب عن الثورة يوم 28 يناير، فقال إن الحكم الذي أصدرته محكمة النقض ببراءة مبارك، حكماً نهائياً باتاً لا يقبل الطعن.. الحكم الصادر يؤكد للكل أن المصريين انضحك عليهم خلال الـ6 سنوات.. حطيت شمع أحمر على لساني حتى ظهور الحقيقة.. مبارك اتظلم.. الكلام الصعب لازم يطلع في الوقت الصعب، ثورة يناير نجحت فقط في تغيير وزير الداخلية حبيب العادلي، وهناك دول وأشخاص أرادت توجيه التهم بقتل المتظاهرين للرئيس الأسبق مبارك بهدف سرقة الثورة فقط".

يصح الآن، مع الغضب والحزن الكامنين، أن نستشهد بما كتبه الباحث والكاتب السياسي محمد نعيم، الذي رأى ردود الأفعال في حزنها وغضبها أمراً طبيعياً، وأضاف: "بعد 6 سنوات عندما تقرأ هذا الخبر فرمزيته -مجرد رمزيته- تذكرك وتنغص عليك بأن الآلاف الذين ماتوا في يناير وأصيبوا بأن تضحياتهم راحت هدر". مضيفاً: "لم تكن محاكمة مبارك ولا نتيجتها هي التي سترد حق التضحيات أو لا، لكن نجاح الثورة أو تحرك عجلة مسارها في اتجاه أفضل بالمعنى الاصطلاحي هو ما كان سيخفف من وطأة تذكر هذه التضحيات الكبيرة ومشاهدها وملاحمها.. فقطعاً المسألة لا علاقة لها لا بمبارك ولا غيره، المسألة مرتبطة بالنصر أو بالهزيمة وبمآلاتهم، أما الذاكرة فعلى الناس أن تطمئن جدا، لأنه لا يمكن نسيان يوم نزل فيه الملايين لا نحن ولا النظام. المشكلة الحقيقية هي أن الذكرى تؤرق وتزيد الحاضر وطأة".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها