الأربعاء 2017/03/15

آخر تحديث: 17:50 (بيروت)

تفجيرات دمشق في إعلام النظام: مونتاج سريع لـ"إرهاب المعارضة"

الأربعاء 2017/03/15
تفجيرات دمشق في إعلام النظام: مونتاج سريع لـ"إرهاب المعارضة"
تفجير قصر العدل في دمشق (غيتي)
increase حجم الخط decrease
تزامن التفجيران الدمويان في دمشق، الأربعاء، مع ذكرى الثورة السورية، إضافة إلى تزامنها مع انتهاء المفاوضات الهشة بين النظام والمعارضة في أستانة، والتي ارتفعت فيها حدة الدراما بعدما رفض وفد المعارضة المشاركة في الاجتماعات لعدم تنفيذ النظام أي من وعوده السابقة.


التفجير أثار كثيراً من الشكوك عبر مواقع التواصل الاجتماعي من قبل ناشطين معارضين اتهموا النظام السوري بارتكاب التفجيرين لتوجيه رسائل لطالما رددها إعلام النظام ودبلوماسيته في كافة مؤتمرات السلام السابقة، حول "إرهاب المعارضة" وبأن الثورة في البلاد ليست ثورة في الأساس بل هي "تمرد من إسلاميين متطرفين متعطشين للدماء"، بحسب وصف وسائل الإعلام الرسمية في تعليقها على التفجيرات.

تساؤلات المعلقين، امتدت إلى موالين للنظام أيضاً، في تعليقاتهم على منشورات الصفحات الموالية، وشملت نقاطاً مثل كيف استطاع "الانتحاريون" التحرك بسهولة في شوارع دمشق المليئة بالحواجز الأمنية من دون اكتشافهم، وكيف استطاعوا التفجير رغم اكتشافهم من قبل رجال الأمن بحسب الرواية الرسمية، فضلاً عن التساؤل حول السرعة التي نفذت فيها قنوات النظام فواصلها ذات عمليات المونتاج المتقنة وكأنها على علم مسبق بما سيجري!


وفور انتشار أخبار التفجير، انشغلت صفحات تابعة للنظام السوري ("دمشق الآن" وغيرها)، بمهاجمة الثورة السورية في ذكراها السادسة وليس بالترحم على الشهداء والقتلى أو تحليل التفجيرين سياسياً وأمنياً، وتم تعميم هاشتاغات مثل #ليست_ثورة و#Not_a_revolution و#تفجير_القصر_العدلي مع عبارة موحدة تداولتها الصفحات والشخصيات المؤيدة من فنانين ومحللين وإعلاميين وناشطين: "الثورة التي تحتفل بذكراها بتفجير إرهابي ليست ثورة".

إثر ذلك طالبت صفحات مؤيدة بقطع الحوارات مع المعارضة، ليس فقط في مؤتمر أستانة الذي انتهى وكأنه لم يبدأ، بل أيضاً في جولات جنيف المقبلة وحتى ضمن عمليات المصالحة الداخلية التي تتبعها عمليات تهجير قسري من مناطق مثل غوطة دمشق: "اذا كنتم فجرتوا بقصر العدل معناها أنتم لا تؤمنون بالعدل وعلى الحكومة إيقاف المصالحات والدعس على شرف الإرهابيين بالعدل". وهو ما كررته وسائل الإعلام الرسمية لاحقاً بطريقة مهذبة وكأنها تستجيب لنبض الشارع السوري المؤيد الذي ملّ الحوار العقيم "مع الإرهابيين" في إعادة لطروحات الحل العسكري كحل وحيد في يد السلطة.



تفسير الإعلام السوري لكيفية حدوث التفجيرات مثيرة للسخرية وكأن محافظة دمشق أقامت ماراثوناً للتفجير، حيث ركض الانتحاري الأول ستة أمتار داخل القصر العدلي بعد اكتشاف رجال الأمن للمتفجرات، بينما كان الانتحاري الثاني يركض أيضاَ لكن رجال الأمن لم يتمكنوا من اللحاق به ليفجر نفسه في أحد المطاعم بمنطقة الربوة، بينما تمكنت قوات الأمن من الإمساك بانتحاري ثالث كان يركض أيضاً على جسر الرئيس وسط العاصمة!.



وقالت قناة "الإخبارية السورية" أن إرهاب المعارضة لا يستهدف جيش النظام كعملية عسكرية مثلاً، بل أنه يستهدف القضاء السوري كمؤسسة رمزية يرفضها الإرهاب! معتبرة أن القضاء هو أهم مؤسسة في الدولة السورية، وبأن المعارضة لا تريد تحقيق العدالة في البلاد ولا تعرف شيئاً عن القانون بما في ذلك القانون الدولي، في إشارة إلى مفاوضات أستانة من دون تسميتها، ثم التعميم بأن المعارضة بالمطلق، سياسية أم عسكرية، هي فعل خارج عن القانون وعمل إرهابي من دون شك!

وعند الحديث عن الحل السياسي "في ظل هذا النوع من المعارضين"، خلص الإعلام الرسمي إلى أنه لا يمكن الوصول إلى حل سياسي في البلاد! "لأنهم لا يفهمون سوى لغة الدم"، وهنا كانت كاميرا مراسلي "الإخبارية" ومراسلي الصفحات الموالية عبر السوشال ميديا مركَّزة على الدم المسفوك في القصر العدلي، لدقائق طويلة، من دون أن تتحرك لتنقل صورة أكبر، مع ترديد عبارة "لغة الدم" أكثر من مرة.

الهدف الأساسي للتفجيرات ذكرته مذيعة "الإخبارية" رانيا ذنون في تغطيتها، والتي قالت بأن التفجيرات بهذه الطريقة تضع المجتمع الدولي والدول الضامنة للمعارضة وتحديداً تركيا في موقف محرج، لتعتبر القناة أن المعارضة هي التي تعرقل الحل في سوريا بعكس ما قاله وفدها في أستانة في تبريره لرفض المشاركة في الاجتماعات مع النظام الذي لم يقم بخطوات ملموسة على الأرض تخدم الحل السياسي، لترى القناة أخيراً أن التفجيرات قد تكون وسيلة ضغط مناسبة على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي للتعاون مع دمشق وموسكو في مجال مكافحة الإرهاب.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها