الثلاثاء 2017/02/07

آخر تحديث: 18:18 (بيروت)

#المسلخ_البشري يُحيي الغضب السوري وحملات المعتقلين.. ومستنكري "الظاهرة الصوتية"

الثلاثاء 2017/02/07
increase حجم الخط decrease
ضعوا حداً للرعب والتعذيب في سجون سوريا، هي الحملة التي أطلقتها منظمة العفو الدولية "أمنستي"، بالتزامن مع تقريرها الحقوقي الذي كشفت فيه للمرة الأولى ارتكاب النظام السوري جرائم بحق الإنسانية بإعدامه 13 ألف معتقل سوري، عرفياً، في سجن صيدنايا العسكري، بريف العاصمة دمشق منذ العام 2011.


تتضمن الحملة رفع عريضة إلكترونية إلى الحكومتين الأميركية والروسية، لتوظيف نفوذهما كدول كبرى من أجل "ضمان سرعة السماح للمراقبين المستقلين بزيارة جميع منشآت الحجز التي تديرها السلطات السورية، والتحقيق في الظروف والأحوال السائدة داخلها" إضافة لمناشدتهما بالضغط على النظام السوري لكشف معلومات عن مصير الأفراد المعتقلين لديه وتوضيح حالتهم القانونية وأماكن تواجدهم.

ووصفت الحملة سجن صيدنايا بأنه "المكان الذي تذبح الحكومة السورية شعبها فيه"، مستخدمة عبارة "المسلخ البشري" القوية التي وردت في التقرير الحقوقي، والذي كسرت لغته جمود التقارير الحقوقية التقليدية، حيث قدمت فيه "امنستي" معلومات لا تتعلق بالأرقام فقط، بل دعمتها بمقاطع فيديو وشهادات مع معتقلين سابقين وعاملين سابقين في السجن، مع عرض للجانب الإنساني من الجريمة، واصفة الرعب الذي يدور في المكان بأدق التفاصيل كي يستطيع الجمهور العالمي، والمجتمع الدولي، استيعاب ما يقوم به نظام الأسد في البلاد، من تصرفات لا يصدقها العقل البشري بمجرد السرد التقليدي.


هذه اللغة انتقلت بدورها إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ردد المغردون في "تويتر" عبارات التقرير في معرض صدمتهم بالواقع المخيف، الذي لطالما تحدثوا عنه وبات اليوم موثقاً بطريقة لا تقبل الشك، كما نشروا الصور ومقاطع الإنفوغرافيك التي تضمنها التقرير.


في السياق، كان هاشتاغ #المسلخ_البشري رائجاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بموازاة كونه عنواناً لفيلم "أنيميشن" قصير قدمته "أمنستي" في سياق تقريرها، تقدم فيه قصة بصرية بألوان داكنة للإعدامات بناء على أحداث واقعية سردها حراس سابقون في السجن المرعب ومسؤولون ومعتقلون تم احتجازهم هناك، مع التركيز على لحظات ما قبل الإعدام شنقاً، والذي لم يكن المعتقلون يعلمون أنهم يساقون إليه بعدما تم إخبارهم أنهم ينقلون إلى سجون مدنية أفضل حالاً، فيما تذكر نهاية المقطع القصير بمشهد الإعدام الشهير في فيلم "Dancer in the Dark" للمخرج الدانماركي لارس فون تراير، والحاصل على السعفة الذهبية في كان العام 2000.


حجم المعلومات المرعبة في التقرير، وندرة التفاصيل أصلاً عن المعتقلين السوريين في معتقلات النظام عموماً وصيدنايا خصوصاً، جعلت تفاعل السوريين معه كبيراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكان وسم (هاشتاغ) #مذبحة_صيدنايا من أكثر المواضيع المتداولة في "تويتر" و"فايسبوك" التي عبر فيها كثيرون عن صدمتهم من هول المجزرة فيما تساءل البعض إن كان أفراد عائلاتهم المفقودين قد قتلوا بنفس الطريقة الهمجية من دون اقتراف أي ذنب.

والحال أن فاجعة صيدنايا أعادت للأذهان قضية آلاف المعتقلين المفقودين في سجون النظام، ليحيي ناشطون هاشتاغات وحملات سابقة مثل #انقذوا_السوريين_المعتقلين و#أنقذوا_البقية و#الحرية_للمعتقلين، والتي عاشت لسنوات في الظل مع انشغال الناشطين والإعلام بتغطية الأحداث الأمنية والعسكرية بالدرجة الأولى على حساب القضايا الإنسانية والحقوقية.


من جهتها، أعادت وسائل الإعلام المعارضة ووسائل الإعلام العربية والعالمية التي تفاعلت مع التقرير، كافة ما قدمته من أنباء وتغطيات عن سجن صيدنايا في السابق، مع تذكير بالحملات والنشاطات التي لم تتوقف منذ العام 2011 لوضع حد للرعب في المعتقلات السورية، حيث لا يمتلك الإعلام الإمكانية للقيام بأي تغطية على الأرض مباشرة، كتصوير السجن أو محيطه أو لقاء العائلات السورية التي قتل أبناؤها أو حتى أخذ ردة فعل النظام السوري على التقرير، بعدما طرد النظام السوري كافة وسائل الإعلام المستقلة والمحايدة بعد الثورة في البلاد.


في ضوء ذلك، يجب القول أن تقرير "أمنستي" هو استكمال لمشروع أكبر طرحت الجزء الأول منه في شهر آب/أغسطس الماضي بالتعاون مع خبراء علم العمارة الجنائية في كلية "غولد سميث" التابعة لجامعة لندن بالتشاور مع وحدة علم النفس الجنائي في الجامعة، وقدمت فيه مقطع فيديو بتقنيات ثلاثية الأبعاد للسجن الذي لا تتوفر له حتى اليوم أي صور حقيقية، وذلك بالاستناد إلى شهادات بعض الأشخاص القليلين الذين خرجوا من أسوأ معتقلات النظام السوري وهم على قيد الحياة.


ورغم الإشادة الكبيرة بالتقرير، إلا أن بعض الناشطين اعتبروه مجرد كلمات في النهاية بعد يأسهم من أن تقوم منظمات حقوق الإنسان بدفع المجتمع الدولي فعلاً لاتخاذ خطوات عملية ضد رموز النظام السوري، مذكرين بأسف أن التاريخ في سوريا يكرر نفسه مجزرة بعد مجزرة مع بقاء المجرمين بمعزل عن العقاب. فكتب أحدهم: "أكبر كذبة في التاريخ هي ما يسمى منظمة حقوق الإنسان الدولية كل هذه المجازر ولم يفعلوا شيئا ولن يفعلوا، هم فقط ظاهرة صوتية!!".

وكما هو متوقع، يتعامل الإعلام السوري الرسمي والصفحات الموالية عبر السوشيال ميديا، مع التقرير ككل من مبدأ التعتيم المطلق، بينما استبقت فيه بعض الصفحات المعارضة ردة فعل جمهور الموالين المتوقعة بسخرية مبتكرة، أبرزها حساب "دكتور هاوس السوري" في "تويتر"، وهي الشخصية المستوحاة من مسلسل "دكتور هاوس" الشهير. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها