الجمعة 2017/02/03

آخر تحديث: 18:17 (بيروت)

الأب الروحي: الركاكة مضافة إلى اقتباس مشين

الجمعة 2017/02/03
الأب الروحي: الركاكة مضافة إلى اقتباس مشين
"العصابات" دائماً ما تكون مادة جذابة للمشاهد العربي
increase حجم الخط decrease
لم ينشغل صناع السينما والدراما العرب بملحمة سينمائية، بقدر انشغالهم بثلاثية "الأب الروحي" أو "العراب" لفرانسيس فورد كوبولا، خصوصاً في جزئها الأول حيث الظهور الاستثنائي لمارلون براندو. في موقع IMDB، اعتبروه "الفيلم الأعظم في تاريخ السينما الأميركية" بحسب رأي النقاد وتصويت الجمهور، ويبدو أن هذه "العظمة" لم تمر مرور الكرام على الفن العربي.
آخر محاولات التعريب، جاءت في مسلسل حمل اسم "الأب الروحي"، وبدأ عرضه مع انطلاق شبكة قنوات DMC (كتابة هاني سرحان ومحمد جلال وإخراج بيتر ميمي). سبقته حملة إعلانية ضخمة ملأت شوارع القاهرة، بعدد كبير من نجوم الدراما محمود حميدة وأحمد عبد العزيز وسوسن بدر وعزت أبو عوف وأحمد فلوكس وغيرهم.

ما أن ظهرت الاعلانات عن انطلاقته، حتى حوّلتها مواقع التواصل الاجتماعي إلى نكتة جديدة تبث فيها سخريتها، عن إعادة الإنتاج وحجم الخيبة المتوقعة من تنفيذ مسلسل عن واحد من الأفلام العظيمة. فضلاً عن طبيعة المقارنات التي ستحدث بلا شك بين شخصيات الفيلم وشخصيات المسلسل، والتي لن تكون بطبيعة الحال في صالح المسلسل.

"العرّاب" في نسخته الأصلية يحكي قصة عائلة المافيا في الولايات المتحدة الأميركية (كيرليوني) بزعيمها الروحي فيتو كيرليوني (مارلون براندو)، وصعود ابنه الأصغر مايكل (آل باتشينو) إلى الزعامة في ظروف عائلة ونفسية ودرامية بعد مقتل أخيه ومحاولات اغتيال أبيه. في النسخة المصرية ولمحاولات التطبيع على البيئة المحلية، صارت عائلة العطار الصعيدية التي تتاجر بالسلاح، بزعيمها زين العطار "محمود حميدة" أيضا لها نفوذها الكبير في البلد وحروبها مع عائلات أخرى للسيطرة على السوق غير القانونية.

يحاول المسلسل أن يقدم نسخة مصرية "مبهرة" إنتاجياً وبصرياً من الحكاية، بعد مدّ خطوط درامية جديدة، تناسب بناء سردياً لمسلسل. لكن محاولات التمصير تلك، وقعت في فخ "أمركة" تفاصيل كثيرة أهمها طقوس اختيار "الزعيم" وكيفية إخراجها. وكأن كل ما شغل صناع العمل هو إلباس الصورة بهالة من العظمة المفتعلة حول الشخصيات الرئيسية، حتى وإن خرجت هذه المشاهد منذ الحلقة الأولى ضعيفة درامياً، ولا تقدم مفتتحاً جذاباً لحكاية يريدون أن يصنعوا منها "ملحمة درامية"، كما صرح المخرج بيتر ميمي في إحدى حواراته الصحافية.

عُرض من المسلسل 15 حلقة حتى الآن، وحاول صنّاعه أيضاً محاكاة المسلسل الأميركي "لعبة العروش" الشهير في واحدة من مكامن قوته، وهي التضحية بالشخصيات الرئيسية، مثلما فعلوا مع شخصية محمود حميدة زين العطار، وإماتته في الحلقات الأولى.

كُلفة إنتاجية كبيرة، ومحاولات استعارة ثيمات النجاح من الدراما الأميركية الآن، وقصة من فيلم تاريخي كبير وناجح، كلها عوامل لا تساعد على تقديم مسلسل جيد، مع التفكك الدرامي المشغول فقط بالإبهار البصري الخالي تماماً من أي مبررات درامية، أو خلق عالم يمكن التماهي معه، ناهيك عن الجُمل الحوارية شديدة الافتعال، وكأن المقصود بها أن تكون مناسبة للإقتباس بدلاً من أن تكون عبارات على ألسنة شخصيات.

لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنة "الأب الروحي" بفيلم كوبولا، لكنه يمكن أن يقارن مع عملين حملا الاسم نفسه، واقتبسا من الفيلم نفسه، وهما "العراب" من بطولة سلوم حداد وإخراج المثنى صبح. و"العرب نادي الشرق" من بطولة جمال سليمان وإخراج حاتم علي. والعملان لا يختلفان كثيراً عن "الأب الروحي" في نسخته المصرية.

الأعمال الثلاثة أخدت من الفيلم فكرته وحولته إلى عجينة عربية مشوهة مهلهلة درامياً. لكن المشترك أيضاً بين المسلسلات الثلاثة هو نجاحها جماهيرياً، ومتابعتها على نطاق واسع، رغم السخرية من التعريب في مواقع التواصل، لكن "العصابات" دائماً ما تكون مادة جذابة للمشاهد العربي.

لعل الأمر الأكثر إيجابية في ما يخص مسلسل DMC، هو عرضه خارج الموسم الرمضاني، ليكون بذلك من التجارب القليلة ذات الإنتاج الكبير التي تحقق نجاحاً خارج الموسم، ما يفتح المجال للخفيف قليلاً من التخمة الرمضانية، ولعله يشجع شركات الإنتاج على ألا توفر أموالها، لتتسع مواسم العرض، وتمتلئ السنة بالأعمال الدرامية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها