الإثنين 2017/02/27

آخر تحديث: 18:17 (بيروت)

في أوسكار 2017.. ترامب "يتلقى الإصبع الوسطى"!

الإثنين 2017/02/27
في أوسكار 2017.. ترامب "يتلقى الإصبع الوسطى"!
غصت مواقع التواصل الاجتماعي بدعوات المقاطعة التي قوبلت بالسخرية الفنية.. والرئاسية (غيتي)
increase حجم الخط decrease
من اللحظة الأولى لافتتاح الدورة الـ89 لحفل توزيع جوائز "الأوسكار"، بدت المناسبة، وبموازاة كونها ذات هوية فنية وثقافية بامتياز، ممهورة بالطابع السياسي، إذ يبدو أنّ "أكاديمية العلوم والفنون السينمائية الأميركية" تعمّدت مخاطبة العالم من خشبة مسرحها من خلال منحها "الأوسكار" لأول مرة لممثل مسلم أميركي من أصل أفريقي، وكأنها تقول لا تصغوا لعنصرية ترامب، هذه هي أميركا وهذه رسالتها الحقيقية.


الرسائل السياسية الموحّدة والقفشات الساخرة التي حفلت بها المناسبة استهدفت بمعظمها سياسة الرئيس الأميركي دونالد  ترامب وعنصريته، ما جعلها تبدو وكأنها إعلان تبرّؤ من خطابه وقراراته السوداوية تحت أنظار أكثر من مليار شخص تابعوا توزيع الجوائز حول العالم، خصوصاً بعد الجدل الكبير الذي أثير حول ترامب في المجتمع الهوليوودي، والذي حدا بالكثير من نجومه إلى إظهار ردود أفعال قوية تجاهه، تمثّلت بمعظمها بالتصريحات اللاذعة والدعوة والمشاركة بتنظيم تظاهرات واحتجاجات على عدائيته ضد المهاجرين والمسلمين.

نجم البرامج الكوميدية ومقدّم الحفل، جيمي كيميل، لم يتوان طوال ظهوره عن الاستهزاء بترامب والسخرية من قراراته وتصريحاته، مستغرباً عدائية الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة للصحافة ومستنكراً وصفه لوسائل الإعلام بأنها "مصدر للأخبار الكاذبة"، ومستعرضاً بأسلوب كوميدي تساؤله عما اذا كان في القاعة ممثلون عن شبكة "سي إن إن" وصحيفتي "لوس أنجلس تايمز" و"نيويورك تايمز"، طالباً منهم مغادرة القاعة فوراً، مقلداً ترامب من خلال استخدامه الكلمات نفسها التي وجهها في وقت سابق للوسائل الإعلامية المذكورة، ليعود في فقرة أخرى وهو يتأوه باستغراب قائلاً "يا للهول إن ترامب لم يغرّد منذ ساعتين، إنّي قلق عليه فعلاً"، مرسلاً إليه رسالة عبر "تويتر"، عُرضت عبر شاشة ضخمة أمام الكاميرات والحضور، حيث سخر منه بالقول:"مرحبا.. هل أنت مستيقظ؟".



كيميل الذي سبق له أن سخر من ترامب في برنامجه "جيمي كيميل لايف"، وعد في تصريح سابق بأنه سيضفي طابعاً سياسياً على حفل الأوسكار، بحسب ما تفرضه الأحداث والمواقف التي تسبق موعده، مذكراً الحاضرين  بالنجمة الأميركية، ميريل ستريب، التي سبق لها أن وجهت نقداً لاذعاً لترامب في حفل "الغولدن غلوب"، بعدما وصفها ترامب بأنها ممثلة "تحظى باهتمام أكبر من حجمها". وردّ كيميل على ترامب ساخراً من جهله: "ربما أستطيع القول أنه ابتداءً من أدوارها "العادية" في أوائل مشوارها الفني في أفلام The Dear Hunter وOut of Africa، مروراً بأدائها المتواضع في Kramer Vs Kramer وSophie's Choice، ميريل ستريب لم تبذل أي مجهود في 50 عمل سينمائي، ورغم ذلك حصلت على 20 ترشيحاً للجائزة، والمثير هنا أنها لم تظهر في أي فيلم هذا العام، لكننا كتبنا اسمها هنا بحكم العادة.



الخطابات والرسائل السياسية لم تغب يوماً عن حفل توزيع جوائز "الأوسكار"، إذ لطالما تطرقت لقضايا تتعلق بالأمن والإرهاب والحرب والسياسة الخارجية الأميركية، إلا أنّ المناسبة هذا العام سلكت مساراً مغايراً، حيث كان الإجماع للمرة الأولى بتصويب السهام على الرئيس ترامب، والذي لخّصت صحيفة "دايلي بيست" الحدث بمجمله بأنه ردَّ الصاع صاعين لترامب و"رفع الإصبع الأوسط في وجهه"، في إشارة إلى الحركة المهينة والاستفزازية الشهيرة، التي تعبّر عن النيل من الآخر.

رسالة أخرى وجهها "الأوسكار" إلى ترامب من خلال منحه الفيلم الإيراني "البائع المتجول" جائزة "أفضل فيلم أجنبي"، لمخرجه أصغر فرهادي، الذي اعتذر في رسالة وجهها للحاضرين عن غيابه عن فعاليات الحفل وعدم رغبته بتسلّم الجائزة بشخصه، معتبراً أن موقفه هذا أتى كنتيجة لقرار ترامب الذي قلل من احترام بلاده بمنعه الإيرانيين إلى جانب حاملي جنسيات ستة دول أخرى ذات غالبية إسلامية من دخول الولايات المتحدة.



كما حصد الفيلم الوثائقي "الخوذات البيض"، الذي مُنع مصوّره السوري خالد الخطيب من السفر إلى لوس أنجلس، جائزة "أفضل فيلم وثائقي"، في رسالة واضحة لترامب وإدارته بدعوتهم لعدم إشاحة أنظارهم عن معاناة الشعب السوري والمجازر التي تُرتكب بحقه، مع يتضمنه من دعوة إلى العودة للدفاع عن القيم الإنسانية التي لا يُلقي لها ترامب بالاً ولا يضع لها أي اعتبارات في سياساته. فيما تأتي جائزة فيلم "الخوذات البيض" تماهياً مع روح حفل "الأوسكار" الذي وصفته النجمة جودي فوستر بأنه "في الوقت الذي نحتفل بأفضل الأفلام الفائزة، لا يمكننا أن ننسى أنها تُصنع من أجل إلقاء الضوء على قضايا إنسانية، وإن تعاطفنا مع حقوق الإنسان وحقوقنا المدنية هو في صلب عمل واختصاص كل فنان وكل فرد".

وعلى الرغم من محاولات مؤيدي ترامب التقليل من قيمة وشأن رسائل "الأوسكار" ومعانيها باستباقهم الحدث بالدعوة لمقاطعة الحفل، داعين من أطلقوا عليهم لقب "الأميركيين الشرفاء" إلى الوقوف ضد الأشخاص الساخرين من رئيسهم، معربين عن أملهم أنه في حال هجوم بعض الفنانين على ترامب، أن يقوم المشاهدون بتغيير القناة، ما سيؤدي إلى تقليل نسب مشاهدتها، وذلك تزامناً مع ما أعلنه المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، بأن الرئيس ترامب والسيدة الأولى لن يُتابعا حفل "الأوسكار".

إلا أن إعلان ترامب ودعوات مؤيديه بدت أشبه ما تكون بالنعامة التي تدفن رأسها في الرمل لناحية إنكارهم للواقع، كون فعاليات توزيع جوائز "الأوسكار" حدث محلي -عالمي بامتياز، يُتابع أحداثه ويتفاعل مع مضمونه مئات الملايين حول العالم، خصوصاً في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كان من اللافت التعليق على الخطأ الذي تجلّى بالإعلان عن فوز "لا لا لاند" بجائزة "أفضل فيلم" ثم إعلان خسارته وفوز "مون لايت" بالجائزة، ما جعل هذا الخطأ موضوع تندّر عند الكثير من الأميركيين ممن عبّروا عن تمنيهم لو أن مثل هذا الخطأ حصل لحظة الإعلان عن نتائج الانتخابات الأميركية، وتصحيحه بإعلان هزيمة ترامب وفوز كلينتون، داعين لتخيّل ردة فعل ترامب وتعابير وجهه وجسده في حال حصول مثل هذا الخطأ.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها