الإثنين 2017/02/27

آخر تحديث: 18:19 (بيروت)

أقباط سيناء: ضحايا الفشل والبروباغندا

الإثنين 2017/02/27
أقباط سيناء: ضحايا الفشل والبروباغندا
اقباط مصر في مركز ايواء بعد نزوحهم من سيناء (غيتي)
increase حجم الخط decrease
 
 
"الناس دول مش أقباط بس فيهم مسلمين ومحدش اتكلم عليهم".
يصرخ عمرو أديب في حلقة برنامجه مساء السبت، مثلما يصرخ كل يوم. لكنه هذه المرة، يريد أن يجاري الصراخ العام المتابع لما يحدث في سيناء. فبعد أربع سنوات من تسييد خطاب أمني استخدمه النظام لقمع الداخل دون أن يقدر على السيطرة الفعلية على التصاعد الإرهابي في سيناء، بل إن الأمر وصل به الحد إلى أن داعش أصبحت تقدر على توثيق العمليات التي تقوم بها بصرياً، وتذيعها على الإنترنت، وزادت على ذلك بوصولها إلى العاصمة وتنفيذ عملية في الكنيسة البطرسية.

المواجهة بين الإرهاب الداعشي والدولة في سيناء وصل إلى طريق مسدودة على سكان شبه الجزيرة المنكوبة بين شقيّ رحى الإرهابيين والدولة. وكلا الطرفين يقمعان أهالي هذه المنطقة. لا يُقصد من ذلك مساواة المجرم الداعشي بالدولة المصرية، بقدر ما هو تقرير لواقع لا يُعلم عنه الكثير.

إلا أن الدولة أيضاً تمارس عنفاً خاصاً على أهالي سيناء من إخلاء إجباري لبيوتهم كما جرى العام الماضي، وحظر تجول يومي، واعتداء بالرصاص على الأهالي بعنف مجاني. ثم أخيراً "نزوح" الأقباط من العريش بعد الإستهداف الداعشي.

"النزوح" هي المفردة التي تصف ما يحدث حقيقة على أرض الواقع، وهي المفردة التي لم تستخدمها أية وسيلة إعلامية مصرية ولا مرئية ولا مقروءة، بل كأن التغطية الإعلامية المصرية في مجملها حدثت بنسق الردّ على هذه المفردة بكل تداعياتها المدوية في الذهنية المصرية. إذ أنها تعني ضمناً أن سيناء واقعة تحت وطأة "إحتلال" وأن هذا النزوح واحد من آثار هزيمة.

لذلك فإن صراخ عمرو أديب هذه المرة، كما في الفيديو المشار إليه سابقاً، يأتي بغرض إيصال رسائل محددة، باعتباره –أي أديب- هو "الصوت العاقل" للنظام الحالي. يقول "محدش بيزعل على المسلمين كدا لما يموتوا.. نعمل ايه الوضع صعب وهذه حرب، وأنا عاوز أعرف الناس اللي عمالة تولول على قتل الأقباط في سيناء.. ما هي اقتراحاتكم؟ ماذا نفعل؟"... لينهي صراخه بالتهديد المخيف، استعادة العبارة "الحمد لله لم نبق مثل سوريا أو العراق"، إذ قال أديب "هل البديل أن يتم التعامل في سيناء مثلما يحدث في سوريا.. ونسويها بالأرض؟". 

أي أن التفكير الحالي ذهب إلى أن العنف المفرط في سيناء دونما تفريق بين الداعشي وأهل البلد، لم يعتبر حلاً جذرياً، بل لا بدّ من الاستمرار فيه وزيادته لدرجة التسوية بالأرض، كما في سوريا.. هل يتذكر عمرو أديب ما هي المدن التي سويت بالأرض على يد النظام السوري؟ هي حماة 1982، ثم حلب 2016، هل هو تهديد مستبطين، أم جسّ نبض لقرار سيحدث في القريب العاجل؟

**

"مفيش تهجير في سيناء"

لا ينفك أحمد موسى يؤكد على غرائبيته. كما في تصريحه السابق، ينفي بالأساس مقدم برنامج "على مسؤوليتي" أن يكون هنالك تهجير يحدث، بل إنه أخذ القضية إلى ماهو أبعد من ذلك، باعتباره أن ما يحدث في سيناء هو سبب اتفاق قام به الرئيس الأسبق محمد مرسي ببيع سيناء بمبلغ 200 مليار دولار! 

ما زال أحمد موسى مستمر في تقديم نفس البروباغندا الغرائبية التي ما زالت تلقى صدى عند قطاع كبير. لا يمكن الوقوف بدقة على ماهية هذا القطاع، لكنه يجد آذاناً بالملايين، يرتاحون إلى ما يقدمه من خرافات. الفارق الأساس بين موسى وأديب في التعامل مع هذه القضية الخطيرة هو أن أديب يقدم وجهاً واقعياً صفيقاً ثم يزايد على الحل. أما موسى فهو يرفض الواقع أصلاً ويزايد على من يملكون حقائق مغايرة. في كل الأحوال يقود النظام رجاله في اتجاه المزايدة المطلقة.

وائل الإبراشي في برنامجه "العاشرة مساء"، قدم مساهمة تقليدية، وهي كاميرا اتجهت إلى مناطق إيواء الأسر النازحة، وظهر بعضهم أمام الكاميرات فقط ليقول إنه يثق في الرئيس السيسي لحل مشكلة الإرهاب. وهي الاستراتيجية القديمة مضمونة النجاح في لعبة التوافق مع الأنظمة حتى وإن لم تكن ذات صدى شعبي.

هنالك كارثة حقيقية تحدث على أرض الواقع، هي آخر حلقات مسلسل الفشل الأمني، فيما النظام حريص على نوع بروباغندا ترفع عنه الخطأ وتكمل مبايعتها المطلقة لحماقاته التي لا تنتهي.
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها