الإثنين 2017/02/20

آخر تحديث: 17:57 (بيروت)

إنتخابات نقابة الصحافيين المصريين: سباق التقارب مع الدولة

الإثنين 2017/02/20
إنتخابات نقابة الصحافيين المصريين: سباق التقارب مع الدولة
صحافيون يريدون أن تتمتع النقابة باستقلالية عن الدولية بهدف مواجهتها في حال انتهاك الحريات
increase حجم الخط decrease
ثمة زوايا عديدة لرؤية انتخابات مجلس نقابة الصحافيين المصري. لكل منها نصيبه في التغطية الخبرية، وبالتالي التحليل، أو وفرته بالأحرى. قد يصحّ معها أن نحاول أن ننظر إلى الصورة العامة بهزلها القليل، وجدّها الكثير الذي "قد" يؤدي إلى نتائج فادحة، وجدّها الذي يأخذ سمة الهزل.

وفتح باب الدعاية الانتخابية، أمس الأحد، بدأت تنتظم الانحيازات، حتى قبل العملية الانتخابية نفسها في الشهر المقبل. يحيى قلاش النقيب الحالي، ينتظر استمراره على مقعده لدورة ثانية، وأمامه ستة مرشحين، أهمهم بالطبع عبد المحسن سلامة، مدير تحرير "جريدة الأهرام"، المنتمي لمؤسسة "الحسم الانتخابي"، وهي "الأهرام" بكل ثقلها نظرا لأنها المؤسسة التي تحوز أكبر عدد من حاملي عضوية النقابة في مصر. وجرت العادة أن يكون النقيب إما منها، أو تدعمه.

غير أن ثقل سلامة هذه المرة أنه المشرّح المرضيّ عنه من قبل الدولة، وقطاع من الصحافيين "المحافظين" الذين يرون في قلاش نقطة ضعف في النقابة، بصدامه مع الدولة، ودخوله في صراعات قانونية معها. قبل حسم الأسماء المرشحة، كان أعلن الدكتور ضياء رشوان النقيب الأسبق ترشحه، ثم تراجعه عن الترشح ببيان نشره في صفحته الرسمية في "فايسبوك"، يرى متابعو المشهد أن انسحابه هو دعم لسلامة في معركته أمام قلاش.

المعركة الكلامية بين قلاش وسلامة بدأت عنيفة من قبل الطرفين، مع الانحياز الواضح لوسائل الإعلام الموالية للدولة، لسلامة ضد قلاش. ظهر ذلك جلياً في مداخلة النقيب الحالي في برنامج "90 دقيقة"، حين حاصره المذيع تامر عبد المنعم، بإخبار واضح، أن الغرض منها هو ضرب مصداقية قلاش، و"اتهامه" بمدّ خط واصل بينه وبين الإخوان المسلمين، وذلك عبر "خبر" لقائه بالنقابي المخضرم "الإخواني" محمد عبد القدوس، وهو ما نفاه قلاش تماماً، قائلاً: "على الرغم من أن جلوسي مع أي من الزملاء أعضاء النقابة أمر طبيعي بصرف النظر عن تصنيفهم السياسي، ومع أن الزميل محمد عبد القدوس، رغم الخلاف السياسي معه، يمتلك تاريخاً نقابياً ودماثة خلق ومن ثم فإن زيارته في منزله- إن كانت قد حدثت لأي سبب - فإنها لا تدعو للإنكار لكن الجلسة التي يتحدثون عنها لم تحدث"، وشدد قلاش على أن هذا الخبر كاذب جملة وتفصيلاً.

من ناحية أخرى، فالتصريحات التي يروج بها عبد المحسن سلامة لصورته، تشير الى موقفه من الصدام مع الدولة، حيث قال في مقابلة أجراها معه الإعلامي شريف عامر أنه سيقوم ببناء جسور حوار جاد مع الدولة لدعم مدخلات صناعة الصحافة، مؤكداً أن نقابة الصحافيين جزء من الدولة ولا يصح أن تكون ضدها، كما أن امتلاك علاقات مميزة مع الدولة ليس "عيباً"، ملقياً باللوم على يحيى قلاش، في أزمة اقتحام النقابة من قبل قوات الأمن بوزارة الداخلية لإلقاء القبض على الصحافيين عمرو بدر، ومحمود السقا، قائلا: "النقيب الحالي أساء إدارة الأزمة بين الدولة والنقابة، وكان لا يجب أن يتم إدخال رئيس الجمهورية كخصم في هذه الأزمة".

وراء المعركة المحتدمة بين قلاش وسلامة، وانحياز الدولة للأخير، يبزغ اسم سيد الإسكندراني كمرشح خاص على مقعد النقيب. ترشح الإسكندراني أربع مرات على مقعد النقيب. واجه في الأولى مكرم محمد أحمد، وضياء رشوان. وفي الثانية ممدوح الولي، ويحيي قلاش. وفي المره الثالثة واجه يحيي قلاش وضياء رشوان. آخر مرة حصد سبعة أصوات! ويبدو الإسكندراني في الصورة كضرورة كوميدية في معركة الأعصاب المشدودة.

وبعيداً من معركة كرسي النقيب، تبدو صورة مجلس النقابة أقل قتامة، مع ترشح شخصيات ذات حضور ومصداقية مثل خالد البلشي وجمال عبد الرحيم وإبراهيم منصور ومحمد سعد عبد الحفيظ وعمرو بدر، والأخير هو واحد من اثنين كانا سبب أزمة النقابة مع الدولة، حيث اقتحمت الداخلية المقر للقبض عليه، وقت اشتعال أزمة مصرية جزيرتي تيران وصنافير.

حسم المعركة الانتخابية الآن، لا يعتمد فقط على أسماء المرشحين أو علاقتهم بالدولة، بقدر ما تمثله النقابة عند الصحافيين. ثمة جزء منهم يعتبرون النقابة كياناً خدمياً معنياً بالبدل المالي والتأمين الصحي فقط، في مقابل قطاع آخر يحتاج لأن تتحول النقابة إلى "نقابة" بالمعنى المعروف للكلمة، وذلك لا يقتصر على الخدمات وحدها، بل على استقلالية هذا الكيان عن مؤسسات الدولة ليقدر على "مواجهتها" في حالة تعديها على أحد نقابييها، وتجاوزها في مسألة الحريات الصحافية، وهو ما يجب أن تكون عليه. ما يعني أن المواجهة القادمة هي باختصار ما بين إقرار السياسة أو إماتتها كما في قطاعات كثيرة في المجال العام الآن.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها