الجمعة 2017/02/17

آخر تحديث: 18:47 (بيروت)

التعديل الوزاري المصري: هكذا كُسر الروتين

الجمعة 2017/02/17
التعديل الوزاري المصري: هكذا كُسر الروتين
نقاش حول جدوى تعيين ناديا عبدو في موقع "محافظ": هل يجب أن تكون أكثر ثورية من رجال الدولة؟
increase حجم الخط decrease
في النقاش السياسي الحالي في مصر الفترة الأخيرة، لا حديث أعلى صوتاً من التعديل الوزاري وحركة المحافظين الجديدة، والأداء المشهدي في طرح أسماء وزارية وعرضها على مجلس النواب للتصويت عليها.
ما يثير الدهشة، هو محاولات النظام بعد كل الانتهاكات الدستورية والقانونية التي ارتكبها بانتظام عبر السنين الماضية، للاعتماد على فعل إجرائي مثل التعديل الوزاري، رغم عدم لامبالاته بشكله الديموقراطي بالفعل، واحتقاره كل ما يخص الفعل والعمل السياسي، وهو ما أكّده فعلاً عبر إغلاق المجال العام، وتصريحاً على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي.

هكذا جاء الضجيج الإعلامي على التعديل الوزاري طوال الأسبوع الماضي، أشبه ما يكون بتوقعات نتائج الثانوية العامة. أي الوزارات سيتغير وزيرها؟ ومن القادم الجديد؟ من دون اهتمام حقيقي بما فعله الوزراء القدامى، أو التغيير المنتظر من الوزراء الجدد.

في مصر عبر تاريخها بعد 1952، لم يجلس على كرسي الوزراء غير "التكنوقراط". يتعرف عليهم الناس للمرة الأولة خلال قَسَم اليمين أمام رئيس الجمهورية، وتبقى الصحف تبحث عن سيرتهم المهنية لتبدو إعلامياً في النهاية مثل صفحات "ويكيبيديا"، حيث تتضمن معلومات أساسية، بلا منجز لافت يمكن الوقوف عنده.

الوزارات في مصر طوال عمرها عدوة السياسة، وهذا ما يتم التأكيد عليه في عهد السيسي بالطبع، وهو ما أحبط لميس الحديدي التي رأت أن الاختيارات الجديدة ضعيفة ولا تليق بالوزارة، وقالت إن رئيس الوزراء شريف إسماعيل كان يجب أن يطلع الشعب على الأسباب الدافعة لاختيار هذه الأسماء. أما أحمد موسى وعمرو أديب، فقد انشغلا بتقديم التوقعات المتلفزة عن الوزراء الجدد، وهي اللعبة القديمة، بالبحث عن أساتذة جامعيين في اختصاصات الوزرات ودراسة ملفاتهم وتخمين من هو الأقرب للكرسي. أما مصطفى بكري فقد اهتم بتجميل الصورة وقال عبر برنامجه "حقائق وأسرار" على شاشة "صدى البلد"، إن التعديلات الجديدة تبث الأمل في نفوس المصريين بعدما تكبدوا عناء شهور صعبة.

وبعد انشغال الإعلام في التغطية التقليدية للتعديلات الوزارية والمحافظين، ولعبة "مَن هؤلاء" التي يلعبها في كل تعديل وزاري، جاءت الفرصة المواتية لملء ساعات البثّ الفضائي وصفحات الجرائد الورقية والمواقع الإخبارية بقصتين، أعطيا الإعلام سبباً وجيهاً للانشغال: حكاية فساد وزير الزراعة الجديد، وتعيين أول سيدة في منصب المحافظة.

أما حكاية فساد وزير الزراعة، فقد أثارها أحد نواب مجلس الشعب، ببلاغ تقدم به إلى النائب العام، عن الوزير الجديد عبد المنعم البنا، في مناصبه التي شغلها قبل الحقيبة الوزارية، بـ18 قضية فساد، لتبدأ الصحف بحثها في الحكاية، وتخلص إلى أن "الجهات المعنية" موافقة على الاختيار! أي أن أي تهمة فساد، طالما لم تستوقف الجهات المعنية، فلا مشكلة فيها، لتعود الصورة الأمنية إلى الإداء التمثيلي في التغيير الوزاري مرة أخرى.

ثاني القضايا التي شغلت الرأي العام بحق، لأنه حدث ليس هيناً على الرغم من الرداءة السياسية الحالية، فهو تعيين أول امرأة في منصب المحافظ، وهي السيدة نادية عبده على محافظة البحيرة في منطقة الدلتا. لتنطلق نقاشات حول جدوى أن يتم ُتعيين امرأة في هذا المنصب في ظل الحصار السياسي الحالي، في مقابل آخرين رأوا في تعيين امرأة مكسباً "بالمطلق" ولا يجب التوقُّع بأن تكون السيدة المعيّنة أكثر ثورية من الرجال في هذه الدولة! وأن الأمر الأهم هو "التمكين" الذي سيؤتي ثماره لاحقاً في معركة المساواة بين الجنسين.

انشغل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بتعيين امرأة، لأن قضية المرأة فاعلة في المشهد اليومي اجتماعياً وسياسياً، حتى مع الإطباق على المجال العام، والإنصراف الشعبي عموماً عن التعديلات الوزارية. لكن في المجمل، فإن التغيير الوزاري بكل تغطياته لم يكن أكثر من ضجة بلا طحين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها