الأحد 2017/02/12

آخر تحديث: 18:58 (بيروت)

"اختيار إجباري": إخافة المصريين من التكنولوجيا!

الأحد 2017/02/12
"اختيار إجباري": إخافة المصريين من التكنولوجيا!
تحولت السوشيال ميديا إلى كيان مرعب
increase حجم الخط decrease
لا يقوم مسلسل "اختياري إجباري" المعروض على قنوات DMC بتقديم رسالة مباشرة، كما هو الحال مع الدراما المصرية عبر تاريخها، من ذكر لمواعظ وأخلاق على ألسنة أبطالها. هذه المرة يحاول صهر خطابه عبر حكاية محكمة أنفق عليها الإنتاج جيداً ليعطيها سمة الإبهار الأميركي، لتكون كل حلقة من حلقاته فيلماً سينمائياً، كما صرح مخرجه التونسي مجدي سميري.
وبعيداً عن الرسالة التي يحاول أن يقدمها المسلسل، وعلى مستوى فني؛ لم يعد جديداً على عين المتلقي المصري معيار الجودة الذي، من خلاله، يتباهى صناع الدراما بأن العمل يشابه المنتج الفني الأميركي، أي أنه قادر على محاكاة أصل، ثم يتحدثون عن "الإبداع" في تقديم العمل، في مفارقة لا معنى لها على الإطلاق! 

ومحاكاة المنتج الدرامي الأميركي لا تقتصر على سماته البصرية فحسب، بل على "اقتباس" كامل لثيمات ومشاهد وبناء حوار، حتى يبدو للمشاهد للوهلة الأولى أن العمل قد تُرجم إلى العامية المصرية. أما باقي تفاصيله فمنقولة كما هي، وإن لم يكن "النقل" من عمل معروف له. الإضافة الوحيدة على التأمرك الواضح للصورة هو "الطموح" في تقديم عمل درامي في طول المسلسلات التركية، وخلق حالة رومانسية بين أبطاله تشابهها. إذن المسلسل هو خليط من الرومانسية التركية والإثارة الأميركية.

هذا هو ما يتعثر فيه مسلسل "اختيار إجباري" من بطولة كريم فهمي وأحمد زاهر وخالد سليم ومي سليم وهيدي كرم، ومن تأليف حازم متولي. يحكي المسلسل عن ثلاثة أصدقاء التقوا بعد 15 عاماً، والسبب وسائل التواصل الاجتماعي، التي هي في الوقت نفسه البطل الحقيقي للمسلسل ومكمن رعبها وصناعة أحداثها وسرديتها الدرامية، وكيف من الممكن أن تحوّل مواقع التواصل الاجتماعي حياة الفرد منهم إلى جحيم. ورغم المحاولات في تقديم مسلسل معتمد على التشويق اليومي، إلا أن طول حلقاته كما بشروا "60 حلقة" تركت فرصة للمط والتطويل في أخذ مجاله كما هو معتاد في الدراما المصرية.

أداء كل من الممثلين خالد سليم وكريم فهمي امتاز بالكثير من المبالغة، ومحاولة رسم ملامح جدية تحول المشاهد إلى عمل كاريكاتوري يثير الضحك أكثر من الانتباه والاهتمام، أما أحمد زاهر فهو حبيس دور واحد يقدمه منذ عدة سنوات ولا يقدر على الخروج منه.

هكذا تحولت السوشيال ميديا إلى كيان مرعب، والرسائل التي تظهر على الشاشة بين الأبطال، أحيانا بالفرانكو (وهو ما يستلزم تجميد الصورة عدة مرات حتى تتمكن العين التي لا تألف كتابتها من فهم فحوى الرسالة) هذا الرعب من التكنولوجيا كان مثار التعليقات الواسعة على المواقع التواصل الاجتماعي نفسها مما دفع مثلاً الإعلامية سلمى صباحي لتكتب: "إختيار اجباري" مسلسل كويس جداً، ويخوف جداً مش بس من التكنولوجيا، من الجيل الجي كمان. ربنا يستر على ولادنا". 

هذا هو الخطاب الفخ الذي يحاول المسلسل تقديمه، وهي أن "التكنولوجيا غير آمنة، التكنولوجيا خطيرة" ولا يمكن ألا يوضع هذا الخطاب في سياق أن المسلسل معروض على قنوات DMC، أي أنه ذات الخطاب الذي حاولت الدولة التكريس بإصرار بعد ثورة 25 يناير.

مخطئ من يظن أن المسلسل يحاول تقديم فكرة نابهة على غرار المسلسل البريطاني ذائع الصيت "المرآة السوداء"، خصوصاً أن الأخير يلعب على عدة ثيمات في كل موسم، صحيح أن كلها تحمل خوفاً من التكنولوجيا، لكنها في النهاية "تلعب" حرفياً على هذا الخوف، الخوف باعتباره سلعة، الخوف الذي يسوق أفلام ومسلسلات الرعب ويعطيها جمهورها. أما في المسلسل المصري، فهناك تكريس لفكرة قد تبدو بعيدة حول "التهديد" الذي تعنيه التكنولوجيا لحيوات المصريين.

يظل العنصر الإيجابي الوحيد هو تقديم مسلسلات خارج الموسم الرمضاني، وتحقيق نسب مشاهدة عالية. والمفارقة الألطف، أن صناع المسلسل حرصوا على وضع الحلقات على "يوتيوب" وخلق دعاية على السوشيال ميديا جيدة جدا قبل وأثناء عرضه، ليكون بالفعل مستخدم مواقع التواصل مصداقاً لجملة المسلسل الافتتاحية: "أنت لا تحصل على خدمة مجانية إلا لأنك المنتج" لتحاول خلق حالة الإثارة ووهم التورط في الأحداث، ناهيك عن الاستعانة بالفعل ببعض أشهر حوادث السوشيال ميديا التي حدثت في مصر في أعوام ما بعد الثورة. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها