الإثنين 2017/11/06

آخر تحديث: 18:44 (بيروت)

الحريري يُغرّد.. جواب نهائي

الإثنين 2017/11/06
الحريري يُغرّد.. جواب نهائي
التفاعل في "تويتر" مع التغريدات والصور التي نشرها الحريري عكس تجذّر الانقسام والاصطفاف بين مؤيديه ومعارضيه
increase حجم الخط decrease
لم تهدأ بعد الضجّة التي أثارتها الاستقالة المفاجئة للرئيس سعد الحريري، ولا يبدو أن السجال المشتعل منذ أيام آيل إلى الهدوء أو الخفوت، خصوصاً بعدما كشفت الأحداث الأخيرة عمق الخلاف وهشاشة التسويات وتصدّع التفاهمات التي طبعت المشهد العام عقب دخول لبنان "العهد الجديد" المتمثل بمجيء العماد ميشال عون إلى الرئاسة، إذ تجلّت مؤخراً بعد انقلاب الصورة التي ظهّرت الانقسام العامودي بعدما بلغ السيل الزبى وطفح كيل الرئيس الحريري، كنتيجة لـ"جملة ممارسات الطرف الآخر"، الذي اعتبر الحريري أنه أخل بجوهر التسوية، مشفوعة بسلسة الأحداث الإقليمية والتطورات الدراماتيكية التي يشهدها صراع المحاور، وبدا أنها على أشدّها.


المرحلة الجديدة التي دخل بها لبنان، وانتقل فيها الرئيس الحريري من الاستكانة والمسايرة إلى المواجهة، تلتها مباشرة اصطفافات جديدة وترتيب للأوراق، بدأت ملامحها تتظهر من خلال احتدام الجدل والتراشق الإعلامي، الذي بدأ برصّ الصفوف تحضيراً لمستلزمات المرحلة المقبلة، ويمكن تلمّس ملامحها ومتابعة مساراتها من خلال المشهد الحالي، الذي احتلّ شاشات وصفحات الإعلام اللبناني في اليومين الأخيرين، حيث أعدّ كل فريق عدّته وجنّد صقوره، ممن احتلوا الشاشات والمنابر على اختلافها، خصوصاً رموز 14 آذار (الذين غابوا عن المشهد السياسي في المرحلة الأخيرة) في مواكبة عبر المداخلات الهاتفية من الوزير السعودي ثامر السبهان، الذي أفردت له مساحة واسعة في أهم وأبرز برامج التوك شو، مثل "كلام الناس" و"بموضوعية" و"انترفيوز"، حيث عبّر عن الموقف السعودي الحاسم بنبرة عالية غير مسبوقة، وجاء في خلاصته أن عصر التسويات والمهادنات قد ولّى إلى غير رجعة، وإن زمن المواجهة الشاملة والحاسمة قد دقت ساعته. وعبر الشاشات نفسها ظهر أنّ مواقف الشخصيات المعبّرة عن محور الممانعة، كانت تميل الى امتصاص الصدمة وعدم التصعيد داخلياً، مع تركيزها وتردادها بأنّ موقف الحريري واستقالته أتى كنتيجة لضغوط ورغبات اقليمية ودولية، وأن الحريري لا يعدو عن كونه مغلوباً على أمره وأنه قد يكون قيد الاقامة الجبرية في المملكة.

المشهد الإعلامي والسياسي المستجد ليس غريباً على اللبنانيين، الذين اختبروه وعايشوه سابقاً في المرحلة التي شهدت الاغتيالات السياسية. لكن تجليات الصراع اليوم ظهرت من منطلقات ودوافع جديدة وبأساليب لم تُختبر بعد، خصوصاً وأن الحقبة الحالية تشهد صراعات اقليمية كبرى ومفتوحة على شتى الاحتمالات، وذلك في ظلّ وجود الرئيس دونالد ترامب ومواقفه العدائية تجاه إيران وحزب الله، وفي ظل صراع عسكري وحرب ضروس تقودها المملكة السعودية في اليمن وفي ظل عقوبات تبدو مشددة أكثر من أي وقت مضى على حزب الله وكل من يدعمه ويسانده، ما يجعل انهيار التسوية اللبنانية في هذه اللحظة بالذات ذات دلالات قد تكون بالغة الخطورة، وذلك ما تجلّى في محاولات فريق محور الممانعة، سواء عبر الإعلام أو في مواقع التواصل، التصويب حصراً على المملكة السعودية والموقف الأميركي، ما أظهر توجساً من اندلاع أي شرارة تشعل فتنة داخلية في خضم الجو السياسي المشحون على صعيد الداخل اللبناني.

الادعاءات والحجج التي واكبت استقالة الحريري، خصوصاً كلام السيد حسن نصر الله، الذي عزا سبب هذه الاستقالة إلى ضغوط سعودية مورست على الرجل، وتلميحه إلى أنه بانتظار عودته كي يقرر ما هي الخطوات التي سيتم اتخاذها من محور الممانعة المصدوم والمربك على جميع المقاييس والمستويات، اتى الرد عليها من خلال تغريدات وصور نشرها الحريري في حسابه في "تويتر"، حيث ظهر في صورة تجمعه بالسفير السعودي المعيّن في لبنان، وليد اليعقوب، تلاها نشره لصورة تجمعه بالملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، ما شكّل رداً واضحاً على كل المزاعم والادعاءات التي تحججت بأن الحريري قد نُبذ من المملكة وأن موجة التغييرات الداخلية فيها قد جرفته إلى غير رجعة، وأنه أضحى من المغضوب عليهم. كما شكّلت الصور والتغريدات التي نشرها الحريري رداً مباشراً على السيد نصر الله، بأن استقالته مبرمة، وأنه قد أغلق الباب الموارب الذي قد فتحه له، وهو ليس بصدد العودة أو الترجع عن قراره، وأن موقف الحريري أضحى في الضفة المقابلة، ولم يعد يقبل بأنصاف الحلول.

التفاعل في "تويتر" مع التغريدات والصور التي نشرها الحريري، عكس تجذّر الانقسام والاصطفاف بين مؤيديه ومعارضيه، وبدا أن صوره الأخيرة لم تجدِ نفعاً بإقناع خصومه بأن قراره نتاج قناعة ذاتية، بل أدت تلك التغريدات إلى جولات جديدة من المشاحنات والمعارك الكلامية بين الأطراف التي تموضع كل منها في الجهة المقابلة للآخر. وفيما كان التجهّم وعبوس الحريري لحظة قرائته بيان الاستقالة مصدراً للتفسير والتأويل التحليل، فلا بدّ أن ابتسامته وانشراح أساريره في صور لقائه الملك السعودي، لن تغيب هي الأخرى عن التعليق،  إذ ستشكّل مادة جديدة للأخذ والرد بين متصارعي الشاشات وجهابذة التحليل والتأويل.  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها