الجمعة 2017/11/17

آخر تحديث: 18:46 (بيروت)

مرسال غانم يواجه القضاء.. بقوته السياسية

الجمعة 2017/11/17
مرسال غانم يواجه القضاء.. بقوته السياسية
increase حجم الخط decrease
أخرج التضامن السياسي الواسع، مع الإعلامي مرسال غانم، قضية استدعائه الى القضاء، من إطار الدفاع عن الحريات، الى إطار سياسي، كسب فيه غانم الجولة الأولى من مواجهة طويلة الأمد مع العهد، بدأت الاسبوع الماضي ويُتوقع ألا تنحسر في ظل بيان تصعيديّ أصدره مكتب وزير العدل سليم جريصاتي. 
فالسياسيون المتضامنون مع غانم، لا ينطلقون من خلفية الدفاع عن الحريات فحسب، بل من حسابات اعلامية، يبدو غانم فيها مقرراً وقوياً ومشاركاً في صناعة السياسة المحلية. وبالتالي، فإن أي خصومة معه، هي خصومة مع منبر هو الأقوى في لبنان منذ أكثر من 20 عاماً. فضلاً عن أن المواجهة التي يخوضها اليوم، هي مواجهة سياسية مع العهد، تجذب الكثير من الأفرقاء للمشاركة فيها على سبيل المناكفة، من بوابة الحريات التي يفترض أن يكون "التيار الوطني الحر" واحداً من أبرز المدافعين عنها، لكنه للأسف يكرس نموذجاً مخزياً لملاحقة الصحافيين والمدوّنين والنشطاء الالكترونيين.

ولعل غانم لم يكن ليتمكن من المواجهة، ويفتح محاكمة علنية لوزارة العدل، تطاول تجربتها منذ تشكيل الحكومة الحالية، في مقدمته النارية مساء الخميس، لولا أنه شخصية مؤثرة. ما يعني أن المواجهة، من موقع اعلامي صرف، هي مواجهة خاسرة مسبقاً، بدليل عشرات الإخبارات القضائية التي انتهت بتوقيع الصحافيين تعهدات، أو على الأقل تم استدعاؤهم، من دون أن تثير تلك الإجراءات المتخذة في حقهم أي تضامن مؤثر.

والحال أن غانم، لا يحمل صفة إعلامية فحسب. وشراكته في العمل السياسي، تتخطى العلاقات الشخصية مع السياسيين. تلك العلاقات بناها على مدى 25 عاماً، وقبل أن يصبح الكثير منهم جزءاً من الطبقة السياسية في وقت لاحق، وكان شريكاً في صناعة السياسة والشأن العام. برنامجه هو الأوسع انتشاراً، والأكثر تأثيراً. أما إدراكه لذلك، فدفعه لمواجهة السلطة حيناً بقضايا حياتية، وأخيراً بمواجهتها، على سبيل رفض استدعائه، والتأكيد ان من يرتجي القضاء أن يطاوله في القضية، ليس الضيوف، بل مرسال غانم حصراً!

والتصوير بأن غانم، الذي ما انفك يطالب بدولة قوية، على أنه خرج على القضاء حين مسّه شخصياً، ينطوي على مبالغة. كما أن تصويره بأنه عقد محاكمة تلفزيونية لنفسه، وتمرد على القضاء الذي ما انفك يطالب بأنه يكون قوياً وعادلاً، ينطوي على سوء تقدير. ذلك ان غانم، حوّل القضية الى قضية رأي عام، دفاعاً عن حق الصحافي في العمل الحر، لكن من موقع الهجوم. فبأي منطق يُساءل إعلامي في اختياراته لضيوفه، طالما أنه لا يتبنى ما يطلقون من اتهامات، وفي الوقت نفسه يفسح المجال للرد عليها. كان الأمر يحتاج الى "صدمة ايجابية" هو الآخر، ليس انتقاصاً من القضاء، ولا تهويلاً بتسييسه، بل تصحيحاً لمسار ديموقراطي يجب أن يحمي حرية التداول الاعلامي، بضوابط، ومن دون خطوط حُمر، وهو ما عبّر عنه السياسيون في تضامنهم مع غانم، اليوم الجمعة. 

لكن غانم بدا، في معرض دفاعه عن نفسه، وحقه في ممارسة الاعلام، مسيساً أيضاً، لدرجة وقوفه على النقيض من موقف "ال بي سي" حينما وصل الأمر الى انتقاد الامتناع عن بث مقابلة الرئيس سعد الحريري أخيراً، "التزاماً بموقف رئيس الجمهورية". وإذا كانت "أل بي سي" اتخذت موقفاً مسايراً، فإن الموقف الذي أظهر تنافراً في داخل البيت الواحد، على سبيل الاختلاف، وحتى لو كان انتقاداً للعهد، فهو سيصب حكماً في صالح "تعددية الآراء" في المحطة.

مرسال غانم يخوض مواجهة مع العهد، بخلفيتين سياسية وحقوقية. ويسجل له بأنه من اعلاميين قلائل، يواجهون القضاء والسلطة الآن. لكن مقدمته النارية فتحت نقاشاً جديداً يطاول القضاء نفسه، وسط اتهامات بالاستنسابية، ما من شأنه أن يصعّد المواجهة، والتي لن تكون مواجهة على الهامش في زحمة المواجهات السياسية المقبلة في البلاد. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها