الجمعة 2017/11/10

آخر تحديث: 14:42 (بيروت)

"المستقبل" بين وَعدَين

الجمعة 2017/11/10
"المستقبل" بين وَعدَين
وعدان يتصادمان. الوعد لرفيق الحريري بالاستمرار على دربه، والوعد لسعد بالحب
increase حجم الخط decrease
الشجن الذي يكتنف أغنية "منبقى عالوعد" الصادرة خلال الساعات الماضية تعبيراً عن الدعم والتأييد لرئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، يؤشر الى "التسرّع" لدى جمهور"المستقبل" في التعبير العاطفي، بلا أي احاطة سياسية لظروف المرحلة. 

فالأغنية المتداولة في مواقع التواصل، منذ أمس الخميس، لا تصلح بأي حال من الأحوال للمرحلة. ذلك أنها تبث انطباعاً بالضعف، بما لا يتلاءم مع الضرورات الراهنة، ولا مع خطاب "تيار المستقبل" السياسي الذي ما زال يؤكد بأن الحريري مالكٌ لقرارات نفسه، ويمتلك حرية التنقل، في مقابل تزايد التقديرات لدى سائر اللبنانيين الآخرين بأن حركته مقوضة.
تالياً، تخرج الأغنية عن خطاب "المستقبل"، وتتبنى الخطاب الآخر الذي يبدي تعاطفاً مع سعد الحريري لجهة وضعه الشخصي، من غير إبداء أي استعداد لتصحيح خلل سياسي قاد الحريري لاستقالته، على الأقل كما جاء في نص الاستقالة. ذلك أن الأغنية، محبِطة بالحد الأدنى، تثير التعاطف، كما لو أن تجربة الحريري السياسية انتهت، أو هي قاب قوسين أو أدنى. 

تسمية الأغنية، "منبقى على الوعد"، هي تسمية مكررة لأغنية سابقة أصدرها علاء زلزلي في أعقاب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وحملت اسم "عالوعد منكمل دربك". الوعد نفسه يتكرر، لكن ثمة مفارقة غريبة بين "الوَعدَين". ففي أغنية زلزلي، التي حاكت مشاعر اللبنانيين وأنصار الحريري بعد اغتياله، لم تأخذ الطابع الحزين، رغم أن ذلك كان مبرراً لو طُبّق. بينما الأغنية الجديدة، الموجهة الى سعد الحريري، لم تبث انطباعاً بالقوة والتحدي اللذين يؤكدان صلاحية الحريري الابن لأدوار وطنية جامعة، وقدرة على المواجهة السياسية. 

وَعدان هنا، يتصادمان. الوعد لرفيق الحريري بالاستمرار على دربه، والوعد لسعد بالحب. وفي الوعد الجديد لا تعهد سياسياً كما كان الوعد الأول، ما يعني أن تداوله جزء من خطاب استسلاميّ، إن لم يكن انهزامياً، بدليل اللحن الذي يقدم الأغنية. 

لكن الواضح أن الأغنية، العاطفية بشكلها وتوقيتها، لا تخرج عن سياق سياسي داخل تيار "المستقبل" يتنامى، بعد نحو أسبوع على استقالة الحريري وانقطاعه عن التصريحات الاعلامية، ما يدفع الى "التعاطف" معه. وهذا الخطاب يتلاقى مع خطاب الخصوم "السابقين" في السياسة، ويشير الى خطابين داخل التيار: الأول معلن، يعبر عنه في تصريحات أعضاء الكتلة البرلمانية تلفزيونياً وفي اجتماعات الكتلة، والثاني خطاب "تحت الطاولة" يوحي بأن وضع الحريري يستدعي هذا العطف، ويعبر عنه في تلميحات سياسية، أو في اغنية بدت خارج السياق السياسي، وتتصادم الى حد الانفساخ مع الضرورات الدعائية لتكريس الخطاب السياسي والاعلامي لموقف التيار. 

وعليه، يصبح تداول الأغنية إدانة، بما يتخطى الضرورة، وهي تعطي الطرف الآخر صورة عن الفجوة التي تتزايد بين الخطاب السياسي ومحاكاة الجمهور للأزمة. وليس فيها، إلا التعبير عن الحب، وهو ما لا يخدم قضية الرئيس سعد الحريري. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها