الأحد 2017/10/08

آخر تحديث: 16:08 (بيروت)

مسيرة "نداء السلام"تحيي نقاش"التطبيع"..و"السلطة" تدافع

الأحد 2017/10/08
مسيرة "نداء السلام"تحيي نقاش"التطبيع"..و"السلطة" تدافع
"نساء يصنعن السلام"، تضم شرائح سياسية واجتماعية مختلفة في اسرائيل
increase حجم الخط decrease
الخلاف الذي ساد المشهد الالكتروني الفلسطيني، بين مناصري حركة "فتح" وحركة "حماس"، يجدد الانقسام حول تعريف "التطبيع"، من غير أن يدركه. فالطرفان يدافعان عن وجهة نظرهما تجاه هذا المصطلح الذي تجدد الاشتباك حوله، إثر مسيرة "تطبيعية" تحمل عنوان "السلام" نظمتها مجموعة نسائية اسرائيلية تطلق على نفسها "نساء يصنعن السلام" وذلك في مدينة اريحا الواقعة بالضفة الغربية، الأحد، ولم تعارضها "لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي" التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية. 


ودانت اللجنة الوطنية للمقاطعة BDS في بيان نشرته على صفحتها على "فايسبوك"، المسيرة النسوية، إذ دعت جهات رسمية في السلطة الفلسطينية إلى مشاركة نساء فلسطينيات بالمسيرة لتعزيز "حل الدولتين" وإنهاء الصراع. وتساءلت BDS: "متى سيتوقف المستوى الرسمي الفلسطيني عن تشجيع التطبيع بكافة أشكاله والمرفوض من قطاع واسع من الشعب الفلسطيني، بالترافق مع التطبيع الرسمي العربي الخطير؟".

ودعت لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي، الصحافة الفلسطينية لتغطية الحدث الذي أقيم الأحد، فيما طالب ناشطون بعدم الموافقة على تغطية هذا "النشاط التطبيعي". وأكدت مصادر "المدن" أن الإتحاد الأوروبي سيكون حاضراً عبر ممثلي مكاتبه بالقدس، في هذه المسيرة أيضاً.

المسيرة التي انطلقت الاحد، سبقتها اشتباكات حادة بين الناشطين الفلسطينيين. فالناشط عن المبادرة الوطنية الفلسطينية، احمد زهران، كتب على صفحته في فايسبوك: "لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي هدفها إختراق المجتمع الإسرائيلي و إيصال الرسالة الوطنية الفلسطينية لجمهور اسرائيل و ليس أن يخترق الأخير مجتمعنا!". ثم ذيل منشوره بهاشتاغ #لا_للتطبيع.

وفيما دعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة "حماس" لإلغاء لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي التابعة لمنظمة التحرير بعد دعوتها لما أسمتها المسيرة التطبيعية مع الاحتلال، قالت صمود سعدات ابنة أمين عام الجبهة الشعبية والمعتقل في السجون الإسرائيلية، أحمد سعدات، في منشورها على صفحتها الشخصية على فايسبوك "إن لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي التطبيعية في منظمة التحرير تدعو للمشاركة في مسيرة (نداء السلام)، وهذه المرة تحت مسمى مشاركة نسوية فلسطينية. وين الحركة النسوية الفلسطينية من الموضوع، ولا هذا مش نطاق عملهم بحكم التمويل والبرامج البعيدة عن هموم النساء!". وتنهي صمود ما كتبت بهاشتاغ #التطبيع_خيانة.

وفي المقابل، برزت بعض المنشورات والتغريدات التي تؤيد المسيرة وتدافع عنها، وكان من بينها: "أنا مع هذه الفعاليات طالما أنها موجهة وتعمل اختراقاً في المجتمع الإسرائيلي وتحول دون تنامي اليمين المتطرف". تلتها تغريدة لشاب آخر يقول فيها: "عقم سياسي ومزايدات، طيب الدعاة لمقاطعة المسيرة ما بنتظروا تصاريح من اسرائيل في تنقلاتهم ولا بتعاملو مع المنتج الاسرائيلي؟".

والحركة النسائية الإسرائيلية التي تُدعى "نساء يصنعن السلام"، ويُقال إنها تضم شرائح سياسية واجتماعية مختلفة في اسرائيل بدءاً من اليسار ومروراً باليمين الوسط، تلتقي عند هدف واحد يتمثل في "ضرورة انهاء الصراع والحروب في المنطقة".

وتعود خلفية نشاط هذه المجموعة النسائية الإسرائيلية إلى العام الماضي حينما قررت الإضراب عن الطعام لمدة واحد وخمسين يوماً وهي مدة الحرب الثالثة التي شنتها اسرائيل على غزة، وذلك كأول فعالية تُنظمها بمنطقة المغطس قرب نهر الاردن، حيث انضمت اليها في حينها نحو 800 امراة فلسطينية، كوسيلة لإعلاء صوت "السلام".

وبحسب معلومات "المدن" فإن هذه الحركة النسائية الإسرائيلية توسعت وازداد عدد الأعضاء فيها من ثلاثة الاف امرأة إلى عشرة آلاف حالياً في غضون عام، الأمر الذي جعل الجهات الرسمية الفلسطينية تعتقد أن مسيرة الأحد، ستكون ضخمة وستعطي رسالة مهمة.

نائب رئيس لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي، الياس الزنانيري، دافع في حديثه لـ"المدن" عن هذه المسيرة وأهدافها، إذ وصف مَن ينتقد لجنته ويضعها في الصف نفسه مع جهات "مشبوهة تطبيعية" أخرى، بأنه مصاب بـ"الحَوَل السياسي"، على حد تعبيره، مشيراً إلى أن لجنة التواصل تشجع هذه المسيرة المشتركة لنساء فلسطينيات واسرائيليات في سياق الاشتباك السياسي مع اسرائيل، وليس التطبيع.

وبدا الزنانيري حذراً في وصف دور "لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي" في ما يتعلق بهذه المسيرة، حيث رفض استخدام تعبير "التبني" أو "الدعم" للمسيرة وارتأى أن يقول إن اللجنة تشجعها برفدها بمشاركات فلسطينيات؛ لأن المسيرة بتنظيم وادارة وترتيب الحركة النسائية الإسرائيلية سابقة الذكر التي تواصلت مع اللجنة وطلبت منها أن تنضم فلسطينيات إليهن.

ويرى الزنانيري أن الأهمية لا تكمن في عدد المشاركات، بقدر تحقيق الهدف المرجو وهو دحض الادعاء الإسرائيلي "بأنه ليس هناك شريك فلسطيني وأننا ارهابيون"، مُبيناً أنه حينما تتضامن  جهة اسرائيلية مع الفلسطينيين في وجه الإحتلال، "فهذا يعزز موقفنا، وفيها رسالة سياسية بالدرجة الأولى للاسرائيليين، ثم المجتمع الدولي". 

بَيدَ أن هذه الحركة النسائية الإسرائيلية، ورغم اتفاقها حول الهدف العام الداعي إلى إنهاء الحروب والصراع، إلا أنها غير متناغمة تماماً في الإلتفاف حول السبيل إلى ذلك، بمعنى آخر هناك إسرائيليات في هذه الحركة يدعمن "حل الدولتين- اسرائيلية وفلسطينية"، وأخريات لا يدعمنه، بحسب ما يؤكده الياس الزنانيري نفسُه، غير أنّهُ يُعول على استمرار الجدل والإحتكاك المباشر مع المجتمع الإسرائيلي ومقارعة "الحجة بالحجة".

وفي الوقت الذي تتخذ السلطة الفلسطينية قراراً بوقف التنسيق الأمني مع اسرائيل، علمت "المدن" من مصادر موثوقة أن رئيس السلطة محمود عباس، ابلغ "لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي"، مواصلة عملها بجميع الاحوال، كرؤية استراتيجية له بانه لا بُد من اختراق المجتمع الإسرائيلي والتأثير على الرأي العام هناك. وتلقى "مسيرة السلام المُشتَرَكة" دعماً من أعلى مستوى سياسي فلسطيني ممثل بمحمود عباس، مع الإشارة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نيتنياهو، كان قد رفض لقاء هذه الحركة النسائية خلال فعالية سابقة.

ويقول الياس الزنانيري الذي ينتمي إلى حركة "فتح": "نحن نبحث عن دعم المجتمع الاسرائيلي للحق الفلسطيني ونشجع اي خطوة تصب بهذا الاتجاه. مطلوب منا مواجهة دعاية حكومة نتنياهو بهذا الأسلوب، وبأقل الخسائر. نحن لا نفعل ذلك لمصالح شخصية وإنما من أجل القضية، ولذلك لا يجوز لاحد أن يُخوّننا ويشكك بوطنيتنا".

يُذكر أن اللجنة الفلسطينية الرسمية للتواصل مع المجتمع الإسرئيلي كانت قد تشكلت بقرار من رئيس السلطة محمود عباس، قبل خمس سنوات. وبينما تقول اللجنة إنها رفعت لأروقة القيادة تقريرها الذي يلخص انجازاتها خلال المدة المذكورة، يؤكد مراقبون أنها لم تُنجز شيئاً، والدليل أن صوت اليمين في المجتمع الإسرائيلي لا يزال هو الأعلى، في مقابل غياب صوت اليسار في اسرائيل واختزال دوره فقط في سياق العمل الحقوقي في إطار منظمات، مثل "بيتسيلم" وغيرها.

 لكن اللجنة تُبرر ذلك، بالقول إن مَن يتوقع من لجنة التواصل أن تمحو موروثاً من الحقد الإسرائيلي والتزوير للحقائق خلال 5 سنوات، فسيكون واهماً، لأن هذا ليس سهلاً، غير أن جُهدها في هذا المضمار مهم ضمن عملية تراكمية. وتضيف اللجنة: "نحن مثل خلية النمل نعمل 6 اشهر من اجل نتيجة لشهرين في العام".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها