الأربعاء 2017/10/25

آخر تحديث: 18:51 (بيروت)

إسرائيل تحرق معلومة أمنية.. فقط من أجل البروباغندا؟

الأربعاء 2017/10/25
إسرائيل تحرق معلومة أمنية.. فقط من أجل البروباغندا؟
كشفت إسرائيل هوية القائد العسكري لـ"حزب الله" في الجولان
increase حجم الخط decrease
من الطبيعي أن تستعرض اسرائيل بطولاتها عبر الإعلام لتُوظفه في سبيل البروباغندا و"الحرب النفسية" مع "الخصم" بُغية ارباكه، لكن الغريب أن تحرق معلومة امنية تخدمها في تتبع شخص مطلوب لديها، خصوصاً إذا ما كان صيداً ثميناً، وذلك عبر نشر صورة ومعلومات شخصية لمن تقول انه القائد العسكري لـ"حزب الله" في الجولان، ويُدعى منير علي نعيم شعيتو، وملقب بالحاج هاشم، بحسب إدعاء الإستخبارات الإسرائيلية.


ولوحظ أن الإعلام الإسرائيلي خصص مساحات لنشر نبأ اكتشاف الجيش الإسرائيلي، لهوية قائد الحزب العسكري في الجولان، والتهديد باغتياله. وتصدرت صحيفة "يديعوت احرونوت" في اليومين الماضيين، عناوين عن معلومات شخصية عن هذا القائد العسكري. كما نشرت في صفحتها السادسة، الأربعاء، تهديد المؤسسة العسكرية باغتياله من خلال وضع دائرة الاستهداف على صورته، ما أثار استغراب المراقبين، رغم أن هذا بات مألوفاً في الإعلام العبري خصوصاً بالتوجه اليميني، في الفترة الأخيرة، تماشياً مع المستوى السياسي والأمني الذي يبدو شغله الشاغل الآن، الخطر الإيراني ومعه "حزب الله" على الجانب الآخر من الحدود الشمالية.

وسارع الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، افيخاي ادرعي، هو الآخر، إلى الإستعراض المعلوماتي الذي تنطوي عليه رسائل موجهة لأطراف متعددة، فكتب في صفحته في "فايسبوك": "تعرفوا!_ولا شرف في التعرّف_ على منير علي نعيم شعيتو الملقب بالحاج هاشم... القائد العسكري لحزب الله في جنوب سوريا - القائم بأعمال إيران في الجولان.. مصلحة لبنان لا تدخل في حسابات حزب الله، أمر كان واضحاً على مدى عقود وأصبح حقيقة في حرب سوريا ليصبح مؤكداً بإدارة الحرب هناك لا سيما في الجنوب.. هل تعرفون هذا؟. نحن العين التي لا تنام على مخططات الإرهاب"، كما يدّعي أدرعي.

وتبرز في هذا السياق تساؤلات أمنية وعسكرية إزاء السبب الدافع لأن تضحي اسرائيل بمعلومة مهمة عن قيادي عسكري في "حزب الله" بهذا الحجم، وفي جنوب سوريا، وتجعله يأخذ الحيطة والحذر الكافيين واللازمين. فلماذا لم تقم اسرائيل، كما في حالات سابقة، بحفظ المعلومة المهمة وتوظيفها للإنقضاض على هذا القائد في الوقت المناسب؟.. وهل النشر كان لإرسال رسائل رأتها اسرائيل أهم من ان تكون سرية؟.. ثم لِمن توجه اسرائيل الرسائل المقصودة؟

مصادر "المدن" قالت إن الرسالة الأهم والأبرز من وراء هذا النشر الإسرائيلي موجهة لروسيا بُغيةَ تحريضها وتأليبها على "حزب الله" وايران، وذلك عبر القول ضمناً وعلانيةً: "أنتم الروس لستم مَن يسيطر على الجغرافية السورية، وأن الوعد الذي قطعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأن تضمن موسكو إبعاد حزب الله عن الحدود الإسرائيلية مسافة 15 كيلومتراً، قد ذهب أدراج الرياح".

وتحاول اسرائيل من وراء هذا الكشف الأمني- إعلامياً- أن تُقحم الروس في الأمر، وتقول لهم: "إما ان تبادروا إلى التعاطي الايجابي مع مطالبنا ومخاوفنا الأمنية في سوريا، خصوصاً في الجولان، أو ستذهب اسرائيل إلى حرب مُدمرة، مضطرةً لحماية وجودها".

اما الرسالة الثانية من وراء نشر الصورة، فهي موجهة إلى "حزب الله" نفسه، بأن اسرائيل قادرة على معرفة كل ما يصول ويجول على الجانب الآخر من الجولان، وكذلك في العمق السوري، وبالتالي الإعلان صراحة بأن قائد الحزب في هذه المنطقة بات في دائرة الإغتيال.

بينما وُجهت الرسالة الثالثة من وراء النشر، وكذلك تسليط الضوء على مخاوف من حرب مقبلة عند الحدود الشمالية، إلى الرأي العام الاسرائيلي، من أجل تهيئته نفسياً بأن الحرب هذه المرة ستكون مكلفة اسرائيلياً وعربياً، وأنها لن تقتصر على الجغرافية اللبنانية، بل ستمتد الى سوريا.

اللافت انه في الملفات الأمنية، نادراً ما تحرق اسرائيل معلومة أمنية بهذا الشكل وعبر الإعلام. وإذا كان المصدر العسكري غير معلوم الإسم، لكن الرسائل سابقة الذكر تدفع إلى الاستنتاج بأن كل ذلك يتساوق مع استراتيجية جديدة لإسرائيل حيال المخاطر المُلحّة، الأمر الذي دفع الأخيرة إلى توجيه رسائل إلى روسيا و"حزب الله" والجيش اللبناني بشتى الطرق، بموازاة تهيئة الرأي العام الإسرائيلي للآتي.

ولعل الإستراتيجية الجديدة، عبّر عنها نتنياهو في كلمته، منتصف الأسبوع الجاري، حينما قال إن الوجود الايراني في سوريا هو الخطر الأسمى الذي تتحسب له اسرائيل وتترقبه بحذر شديد، فنتنياهو أدخل بذلك تغييرات على استراتيجية المواجهة والتحديات المُحدقة بالدولة العبرية، وتقدم خطر الوجود الإيراني ومعه "حزب الله" في سوريا، على القنبلة النووية الإيرانية التي لطالما كانت تل ابيب تستغل كل محفل محلي أو عالمي للتحذير منها طيلة السنوات الماضية.

وسبق الإعلان عن هوية وصورة القائد العسكري لحزب الله في الجولان، أن تابع الإعلام الإسرائيلي بشكل لافت وغير مسبوق، زيارة رئيس أركان الجيش الإيراني، الجنرال محمد باقري، إلى العاصمة السورية دمشق قبل نحو أسبوع، وابعاد تصريحاته، حيث أخذت هذه الزيارة تغطية اعلامية وسياسية وأمنية اسرائيلية لافتة طغت على اي موضوع آخر. وكان السؤال المركزي: "ماذا يعمل رئيس أركان ايران في سوريا"؟.

بكل الاحوال، يقول متخصصون ومراقبون داخل الخط الاخضر، إن المجتمع الاسرائيلي يعتقد أن الحرب على الجبهة الشمالية مع "حزب الله" سواء من ناحية لبنان أو سوريا، باتت مسالة وقت، ويُتابع كل صغيرة وكبيرة حول ما يدور على الجانب الآخر من الحدود.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها