السبت 2017/10/21

آخر تحديث: 12:27 (بيروت)

#العدالة_لبشير: الحرب بنسخة 2017

السبت 2017/10/21
increase حجم الخط decrease
ساعات قليلة بعد إصدار الحكم بالإعدام على حبيب الشرتوني، قاتل الرئيس بشير الجميّل، كانت كفيلة بنبش ذاكرة الحرب اللبنانية، من 1975 حتى 1983، واستعادتها بصرياً في شكل صور وشرائط فيديو ومقاطع صوتية، توثق الحرب بنسخة محدثة، وتُضاف محوراً جديداً الى محاور الاقتتال المعاصرة بين السنّي والشيعي، واللبناني والسوري، والإيراني والعربي، والعربي والكردي...
لم تنتهِ الحرب فعلياً في تسوية الطائف، إلا شكلياً. ما زالت حاضرة في الأرشيف. تمتلك قدرة على الاستعادة، وتحتاج الى محفزات، كما هو الحال في حكم الاعدام المتوقع، والذي يُقرأ برسائله السياسية بما يتخطى حيثياته العملانية. 

ورغم أن خيارات بشير الجميل وخيارات قاتله، كما اغتيال بشير، ومقتل أفراد من عائلة الشرتوني وهروبه من سجن قبع فيه 8 سنوات، لم تكن سوى جزء من دينامية الحرب والالغاء التي كانت سائدة في تلك الفترة، وأقفلها اتفاق الطائف، إلا أن استعادتها بعد ظهر أمس الجمعة، بالشكل القديم، لدى طرفي النزاع، مثّل عبوراً الى الماضي، بأبشع أشكاله، وتجدد الانقسام حول أدبيات الحرب ومفاهيمها وخياراتها. 

لكن الحرب، بظروفها السابقة، شحنت الخيارات وفق منطق التواتر. أما بعد ساعات على إصدار الحكم، فشحنتها وفق منطق التوثيق البصري. كان سهلاً استرداد خطابات بشير، واسترداد رؤية جورج حاوي بوصفه "لم يُوفَّق في قتل بشير"، الواردة في أحد الأفلام التوثيقية. وكانت سهلة استعادة صور لبشير الى جانب ضباط اسرائيليين، تحاول التبرير لحكم "إلغائه"، مقرونة بمذكرات آرييل شارون وضباط في الموساد، إضافة إلى تبرير كتائبي لذلك الخيار في تلك الحقبة، وتصريحات كريم بقرادوني، وتصريحات الشرتوني نفسه. كما كان سهلاً ضخ عشرات العناوين ومقاطع المقالات في الصحف، ومقتطفات المواد التلفزيونية الارشيفية.. 

الحرب هنا، لها صورتها المعاصرة. صورة بصرية، وتوثيق لحقبة الانقسام العمودي التي لم تعالج الا بالإلغاء والطمس. وثمة من يبرر لها الآن، عند الطرفين، مرة ضد بشير والكتائبيين، ومرة أخرى ضد الحركة الوطنية والفلسطينيين، بداعي "الحفاظ على الكيان" و"حماية لبنان من الدخول الى العصر الاسرائيلي". 

على أن الضخ البصري الذي رافق الحكم القضائي في مواقع التواصل الاجتماعي، بداعي تهشيمه، أو بداعي تثبيته، ليس سوى استعادة حديثة للحرب بمفاهيم 2017. هي تيمة تُضاف الى حروب هامشية، أو اساسية، مشتعلة على مساحة الحرائق المحيطة. استعادة لحرب مسيحية- اسلامية على خيارات الماضي البعيد. تتماثل، الى حد كبير، مع الحروب المعاصرة بين الممانعة ومحور الاعتدال، لكنها تنحو في اتجاه تثبيت الحق بالإلغاء الموثق، لدى الطرفين، مع ظروف تبريره. وتتجدد هذه المرة بالصورة والصوت. 

الحرب تجددت. يتقاسم طرفا النزاع مبررات اندلاعها، ولو انها لم تتخطَ مساحة مواقع التواصل الاجتماعي. كل طرف يحمل ولاعة لإشعال فتيل من جانبه. ووسط قراءة سياسية لحكم وجد فيه القوميون السوريون "حكماً عاطفياً"، والكتائبيون "عودة هيبة القضاء"، يلقي مغردون التراب على حيثياته، سائلين عن "هيبة الدولة في إيجاد قتلَة الرئيس رفيق الحريري وجرائم ما بعد 2005". 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها