الثلاثاء 2017/10/10

آخر تحديث: 16:16 (بيروت)

هل رأى "المسيحيون" سُكارى مثلنا؟!

الثلاثاء 2017/10/10
هل رأى "المسيحيون" سُكارى مثلنا؟!
عارض البعض إقرار الضريبة على الكحول المستوردة، باعتبارها موجهة ضدّ المسيحيين حصراً (غيتي)
increase حجم الخط decrease
إقرار مجلس النواب عدداً من الضرائب في سبيل تمويل سلسلة الرتب والرواتب، تفاعل معه اللبنانيون بالكثير من الغضب والاستياء، وهو ما ظهر في مواقع التواصل من خلال هاشتاغ #ضرائب_بالقوة و #يسقط_عهد_الضرائب، وهو جدل ممتد منذ أشهر ترافق مع السجالات والإشكاليات المحيطة بسلسلة الرتب والرواتب وكيفية تمويلها.


ضمن هذا النقاش المحموم برزت انتقادات أقرب ما تكون إلى الطرفة والنكتة السمجة، رغم أنها بدت جدية تماماً إذ أطلقها مغردون وناشطون في "فايسبوك" و"تويتر" ترفض إقرار الضريبة على الكحول المستوردة، باعتبارها "موجهة ضدّ المسيحيين" حصراً! لكن ما يزيد الأمر استهجاناً وغرابة هو أن تكون هذه الانتقادات صادرة عن شخصيات في الوسط الثقافي والفني، بينها الفنان المسرحي رفعت طربيه الذي كتب في حسابه في "فايسبوك": "من موقع طائفي، الضريبة على الكحول هي تحديداً تطال المسيحيين، وتطال المطاعم والبارات ودور الرقص والملاهي القائمة في المنطقة المسيحية، مش رح نشوف أزمة بمطاعم الضاحية الجنوبية، بس هاي الأزمة رح نشوفها بمار مخايل وبالبردوني وبجونية وجبيل والبترون. نعم هذه الضريبة مطلوبة من المسيحي دون سواه، وكل ضريبة لا تساوي بين اللبنانيين هي ضريبة غير قانونية...".




تطييف الضريبة على الكحول بالشكل الذي قدّمه طربيه يبدو بعيداً، بل منفصلاً عن الواقع، وبالأخص حين يمرّ من الذهنية اللبنانية التي ابتدعت الصيغة العبقرية صاحبة رقم الستة والستة الشيطاني المكرر. والحقيقة أن قليلاً من التأمل يكفي لجعل استهلاك الكحول لبنانياً، رمزاً للوحدة الوطنية كالتبولة والهبرة النية والكبّة المقلية، وأنه يساهم في توحيد اللبنانيين بنسبة ربما تفوق ما يجتمعون عليه من الأمور السياسية والوطنية. وما على المعترض أو المتسائل، إلا القيام بجولة أينما شاء وفي مختلف المناطق والقرى اللبنانية، بجميع صبغاتها ومذاهبها، ليلحظ مدى انتشار الفنادق والمطاعم والمقاهي والمحلات التي تزخر بشتى أنواع المشروبات الكحولية وتقدّمها لجميع المواطنين من دون التحقق من طوائفهم، بداية من مشاريب الطاقة التي تحوي نسبة 10% من الكحول، مروراً بمختلف أنواع البيرة، وصولاً إلى للـ"سكوتش" و"الفودكا" و"الشمبانيا"، والتي من المعلوم أن للمسلمين منها كوتا محترمة!

إذن، فليطمئن المعترضون، ولعله من الأجدى البحث عن عيوب أخرى في قانون الضرائب. لكن طالما أنّ النقاش قد فتح، فلعله من المفيد التساؤل: ألا يُشجّع هذا القرار الصناعة الكحولية اللبنانية؟ وبالمنطق "المسيحي" نفسه الذي برز في مواقع التواصل، من يستطيع تصنيف الصناعة الكحولية في لبنان طائفياً؟ وفي مصلحة أي طائفة يصبّ انتعاش هذه الصناعة اللبنانية؟ 

ها هم نواب "تكتّل التغيير والإصلاح" يطالبون بإلغاء الضريبة، وأيّدهم في ذلك النائب سامي الجميّل، الذي اعتبر أنها تمسّ بنمط حياة مجموعة من اللبنانيين، حتى ردّ عليه النائب وائل أبو فاعور، ممازحاً: "شو رأيك نفرض ضريبة على المتّة والسوس والجلاب، حفاظاً على العيش المشترك؟". ليتدخّل بعدها وزير المالية مقترحاً رفع الرسوم إلى خمسة أضعاف الرسم الحالي المعمول به، لترتفع الضريبة من 60 إلى 300 ليرة على كل ليتر من البيرة، ومن 200 ليرة إلى ألف ليرة على النبيذ ومشتقاته، ومن 400 ليرة إلى 2000 ليرة على الويسكي والفودكا، فصدّق عليها خلال الفترة الصباحيّة من الجلسة، لينقذ بعدها رئيس مجلس النواب، نبيه بري، الموقف بطرحها على التصويت خلال الجلسة المسائيّة بناءً على اقتراح النائب سيمون أبي رميا، فخفض الرسم حتى ثلاثة أضعاف بدلاً من خمسة، ليسود من بعدها الوئام والسلام وتنتهي "الأزمة الوطنية" على خير، بصيغة لا غالب ولا مغلوب كما هي العادة في لبنان. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها