الأحد 2017/01/22

آخر تحديث: 18:49 (بيروت)

مصر: قاعدة فاشية اسمها "مصلحة الوطن"

الأحد 2017/01/22
مصر: قاعدة فاشية اسمها "مصلحة الوطن"
عبدالرحيم علي :ما عرضه أحمد موسى من مكالمات للبرادعي سبق وعرضتها من قبل
increase حجم الخط decrease
تباهي الإعلامي ورئيس مجلس إدارة مؤسسة "البوابة نيوز"، عبد الرحيم علي، بـ"ريادته" في إذاعة تسجيلات خاصة، يأخذ موقعاً خاصاً للغاية في الطبيعة الإعلامية لمذيعي وصحافيي النظام. فما كان في الماضي القريب يعتبر صفاقة وتجاوزاً للآداب والأعراف وأخلاقيات المهنة، صار "ضرورة" تحتمها المعركة الكبيرة التي يخوضها النظام المصري ضد مؤامرة في خياله هو وحده، لتتحول في النهاية إذاعة التسجيلات من "ضرورة المعركة" إلى موضع المباهاة الصحافية بالسبق.
لم يترك عبد الرحيم علي، في مقابلته السبت مع الإعلامي ورئيس تحرير "اليوم السابع" خالد صلاح، عبر شاشة "النهار" في برنامج "على هوى مصر"، فرصة، إلا ونسب فضل هذا الانتهاك إلى نفسه باعتباره كاشفاً لما تمر به البلاد من حروب خفية من قبل شخصيات الصفوف الأولى من الثورة، بل إنه زايد على ما قدمه أحمد موسى من تسريبات خاصة بالبرادعي أنه قد تحصل قبله، على التسجيل الخاص برئيس الأركان السابق سامي عنان مع البرادعي ورفض أن يذيعه في برنامجه.

تكلم عبد الرحيم علي في البرنامج فقط ليقول إن أحمد موسى "نزع اللوغو الخاص ببرنامج الصندوق الأسود، حتى ترجمة الكلام غير الواضح التي أخطأنا فيها، نزلت كما هي".. ليرد خالد صلاح أن بعض المكالمات جديدة ولم تذع من قبل، واستشهد صلاح بالحديث النبوي المروي من صحيح مسلم: "لا تحقرن من المعروف شيئاً". وأضاف صلاح: "أحمد اجتهد صراحة، وعمل في توقيت مناسب برضه".

هنا يرد عبد الرحيم علي، بأن الجديد في اجتهاد أحمد موسى هو ما رفض أن يذيعه "المكالمة الوحيدة المختلفة ربنا يستر عليه فيها".. لينهي خالد صلاح الحديث بجملة الوطنية النهائية: "كلنا بنشتغل عشان مصر".

هذا الحوار، وهذه اللغة التي جمعت إعلاميَين لا ينتميان للنظام فحسب، بل يتحركان بتعليماته، تقول الكثير عن طبيعة المعايير التي صارت تحكم المهنة في مصر. فلم يعد التردّي والانحطاط الأخلاقي أمراً مستنكراً، ولم يعد يأخذ سياقاً خجولاً على اعتبار أننا في مرحلة تباح فيها الموانع كما كان يقال في العام 2013 وأوائل 2014. بل أصبح هذا الخلل هو المتن، وما سواه الحاشية، حتى أن إعلاميي النظام الآن، كل منهم ينسب فضل التسجيلات التي تخالف الدستور صراحة، إلى نفسه.

أما أحمد موسى، فيبدو أنه أقل حيطة من عبد الرحيم علي، وهو الآن معرّض للتحقيق بتهمة تعريض الأمن المصري للخطر، بعد إذاعته مكالمة رئيس الأركان. إذن، كل شيء مباح طالما أنه بعيد عن القيادات العسكرية للبلاد، الحالية منها والسابقة.

هزيمة الثورة صارت أمراً لا خلاف فيه. هزيمة قاصمة وقاسية، لكن النظام المصري هو أكبر المستفيدين منها حتى الآن، لأنه خبِر جيداً أنه لا يجب أن يُترك أي هامش في المجال العام، بزيادة القمع إلى حدود لم يعرفها أحد من قبل، حتى في أعتى فترات دولة المخابرات الناصرية.

إن ظهور عبد الرحيم علي في هذا التوقيت بالذات، ليعيد إنتاج خطاب المؤامرة المتعلق بثورة يناير، ليؤكد، ومن ورائه الدولة، أنها لم تنس، حتى وإن نسي الثوار أنفسهم، وأنها متأهبة دائماً، وتراقب الجميع، إلى الدرجة التي جعلتها تحتوي سوق الإعلام، صحافة وإذاعة وتلفزيوناً، بل إن رجالاتها الآن، يتنافسون مَن منهم ينسب انتهاك الحريات الشخصية إلى نفسه، تحت قاعدة فاشية ضخمة اسمها "مصلحة الوطن".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها