الأربعاء 2017/01/18

آخر تحديث: 18:11 (بيروت)

سوريون في الملعب

الأربعاء 2017/01/18
سوريون في الملعب
ملعب الحمدانية في حلب
increase حجم الخط decrease
كنا نذهب إلى المدينة الجامعية بحلب، منتصف الثمانينات من القرن الماضي، للعب كرة القدم في ملعب ترابي بطريقة السداسيات. وكنا نذهب كفريق لنلاقي فرقاً اخرى هناك من مختلف محافظات سوريا. يعني سكان المدينة الجامعية من طلبة المحافظات الأخرى. 

كما كان هناك، إضافة للسوريين، فريقاً من طلاب أريتريا. وكانوا مميزين جداً بطريقة لعبهم. فقد كانوا يتوازعون الكرة في ما بينهم، على عكسنا نحن السوريين جماعة حارة كل من إيدو ألو على قولة نهاد قلعي او حسني البورظان. وعلى الغالب كنا بعد المباراة نخرج من الملعب بأصوات مبحوحة من كثرة ما كنا نصرخ على المستحوذ على الكرة من فريقنا كي يفتح "باصاً". في حين كان الأرتيريون يفتحون الباصات لبعضهم البعض من دون أن تسمع أصواتهم حتى.

وشاءت الظروف أن يأتي فريق الأرتيريين بلاعب إضافي معهم. وكان فريقنا منقوصاً للاعب واحد بالصدفة. فقررنا إشراك أنور الأرتيري معنا، كي لا يجلس على دكة الإحتياط. سرَّ أنور كثيراً لمبادرتنا الطيبة وبدأ باللعب معنا. وكالعادة وصلت الكرة للأرتيريين وبدأوا بتوزيع الكرة من لاعب لآخر إلى أن تم قطعها من قبل أحد لاعبينا فبدأنا بالصراخ باسمه: افتح عبدو.. طبهاَّ لقدام.. شوفني ع يسارك عبدو.. إلخ. لكن عبدو لم يسمع. طحش. رمى الكرة أمامه وراوغ لاعباً. صرخنا به أكثر. لك هاتها. افتح باص. لكن هيهات. عبدو لم يأبه لأحد. خسر الكرة وسقط على الأرض مدعياً الإصابة. ثم نهض من جديد.

بينما كان الأرتيريون يتوازعون الكرة، استطاع محمود الإستيلاء على الكرة من بين أقدام الأشقاء الأرتيريين. وشد فيها يا شباب. وبلشنا نصرخ. افتحها محمود. مدَّها لقدام. لكن محمود لا يسمع أيضاً. هنا تعلم أنور الأرتيري الذي يلعب معنا أن عليه أن يصرخ أيضاً. فبدأ يصرخ. افتح باص يا أخ محمود. افتح باص يا زميل محمود. لكن الزميل محمود شادد. والكرة الآن مع محمود. ومحمود بيراوغ الأول، وبيراوغ التاني، ويا خسارة. الفريق الأرتيري يأخذ الكرة من محمود. والكرة الآن مع الفريق الأرتيري الشقيق. والتوزيع شغال على أبو موزة بيناتهن. وهدف متل فراق الوالدين أكلناه.

سنطرنا يا أبو شريك واستلم أبو أحمد الطابة. وفات فيها يا قاتل يا مقتول. بده يحط كول. وطحش أنور معه على جنبه اليمين. وانفرد أبو أحمد. صرخ فيه أنور: افتح باص يا زميل أبو أحمد. لكن الزميل أبو أحمد بده يحط كول لحاله. مستحيل يفتحها. ويسدد. وإلى خارج المرمى يا خسارة. وهنا انتفض أنور الأرتيري محتجاً وقال: أنتو ليش ما بتوزعولي الكورة.. هي مسألة لون؟!!..

هون قربت لعنده وقلتله شو تفضلت زميل أنور؟! عم تتهمنا بالعنصرية؟!! قال أنو إي ليش ما عم تفتحوا لي باص لكان؟! تطلعت فيه وقلت له: يا زميل أنور شفتلي شي سوري بهالفريق فتح باص لسوري تاني؟! فكر أنور قليلاً واسترجع صور المباراة في ذهنه وقال: آسف يا زميل.. أنا تسرعت.. أنتو مو عنصريين.. بس بصراحة أنتو أسوأ من هيك بكتير.  

هززتُ برأسي ضاحكاً وأنا أصرخ بمحمود: لك مدَّها لقدَّام يا زميل زيكو مدَّها لقدَّام. وكالعادة.. هيهات. فالج.. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب