الإثنين 2017/01/16

آخر تحديث: 19:23 (بيروت)

عشائر البقاع والحشد الشعبي: بروباغندا الموسم

الإثنين 2017/01/16
عشائر البقاع والحشد الشعبي: بروباغندا الموسم
رسالة للمقاتلين العراقيين، تقول انهم مؤازرون من عشائريين لبنانيين (غيتي)
increase حجم الخط decrease
يمرّ خبر مقتضب على إحدى الشاشات اللبنانية المحلية، مفاده أن عشيرة آل زعيتر في البقاع، شرقي لبنان، تعلن استعدادها للمشاركة في القتال ضد "داعش" في الموصل. خبر مشابه، لا بدّ أن يؤخذ على محمل الجدّ. إذ ان اعلاناً مشابهاً على القنوات اللبنانية، لا يحتمل أي مزاح. فيه "ورطة" لبنانية، تصيب العهد الجديد بمقتل. وورطة لطائفة، ولعشيرة، ولمنطقة بحالها، في زحمة الانقسام الطائفي الذي يصيب المنطقة.

لكن الخبر، ما لبث أن غاب، بلا اي ضجيج. لم يصدر تأكيد رسمي، ولا نفي أيضاً من العشيرة. تبين في ما بعد، أن الخبر، مصدره تقرير تلفزيوني، بثّ في قناة عراقية. أثار جلبة لبنانية محدودة، بعدما تعامل معه لبنان، سياسياً وشعبياً، على أنه مزحة سمجة، لا تستأهل التعليق.

الواقع أن التقرير، لم يكن "جسّ نبض" للشارع اللبناني، بقدر ما هو رسالة للمقاتلين العراقيين، تقول إنهم مؤازرون من عشائريين لبنانيين. بهذا القدر من الضحالة، يُقرأ التقرير غير المحترف اصلاً، والذي يفتقد أدنى المعايير المهنية التي تؤهله ليتمتع بمصداقية، فضلاً عن أن القناة التي بثته "الطليعة"، لا تحظى بمشاهدة محلية. ولم يكن ليطلع عليه لبنانيون، لولا أن تداركته وسائل اعلام محلية.

التقرير، هو بروباغندا جوفاء، والهدف منه، تعبئة في العراق، لا في لبنان. يدرك معدو التقرير استحالة تعميم ابداء الرغبة على سائر عشائر البقاع. أما الشخصيات التي تحدثت فيه، فلا تمتلك أهلية قانونية لمنحه ما يؤهله ليؤخذ على محمل الجدّ. وتقول مصادر عشائرية في البقاع لـ"المدن" ان الاعلان، حتى لو كان واقعاً، "فهو لا يتخطى كونه حالات فردية لا يمكن تعميمها"، مشددة على ان مراسل القناة "لم يعرض القضية على فعاليات العائلة، وشخصياتها المعروفة".

وحالات تجنيد اللبنانيين في أزمات المنطقة، لا تخرج عن كونها "حالات فردية"، أو حزبية في حالة "حزب الله" اللبناني. منذ العام 2003، وإثر الغزو الاميركي للعراق، لم تستجب العشائر والعائلات اللبنانية، في عكار أو شرق لبنان، لدعوات التجنيد. بقيت حالات فردية. وتكرر الأمر إثر الأزمة السورية. فلا يمكن تعميم حالات التجنيد في صفوف المعارضة السورية على البيئة السنية اللبنانية، ولم تنخرط عشائر وعائلات فيها، وكذلك الامر في حالات التجنيد "الفردية" في صفوف التنظيمات المتشددة التي قاتلت في العراق أو سوريا.

وعلى المقلب الآخر، ينطبق الأمر نفسه على الشيعة. ففي زحمة التحشيد "للدفاع عن المقدسات" في سوريا والعراق، لم تنخرط العشائر في عمليات التجنيد. وحين وصلت التفجيرات الارهابية الى لبنان، وطالت شرقه، لم يتم تجييش عشائر وعائلات مثل آل جعفر وغيرهم، الذين يتاخمون في مناطق سكنهم الحدود اللبنانية–السورية. فلماذا يقفز مقاتلون عشائريون الآن للقتال في العراق، حيث تشير التقديرات الغربية الى نحو 80 ألف مقاتل في صفوف "الحشد الشعبي" العراقي؟ وهل سيشكل بضع عشرات، فارقاً في المعركة الدائرة؟

من هنا، يصحّ وصف التقرير التلفزيوني بأكمله على أنه مادة دعائية مبتذلة، لا أرضية لبنانية لها، ولا تستحق تمريرها في شريط الاخبار. التعاطي الجديّ معها، يستدعي تمحيصاً بالخلفيات والشكل. ومن دونه، هو انجرار وراء أغراض دعائية عراقية فئوية، لا تنطبق على الحالة اللبنانية. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها