الجمعة 2017/01/13

آخر تحديث: 18:46 (بيروت)

ترامب "المغرّد" يكسر شوكة الصحافة الأميركية

الجمعة 2017/01/13
ترامب "المغرّد" يكسر شوكة الصحافة الأميركية
وجوده في "تويتر" ينفي اي حاجة لوسائل الاعلام.. وزاد الشكوك بكل الملفات التي تطرحها حوله (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
باكراً، أنهى الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب دور وسائل الإعلام. فتح سجالات معها، وأهانها أخيراً، على خلفية نشر أنباء عن تسجيلات مزعومة له في روسيا... بذلك، شكّك بمصداقيتها، ودحض بشكل استباقيّ، أي أنباء يمكن أن تتناولها في المستقبل لقضايا وملفات تخصّه، كما أنهى حيثياتها كطرف مؤثر في نقل الأنباء، ليلوذ، وحده، بـ"تويتر"، حيث يخاطب العالم، بلا وساطة أحد. 
ولا يُقرأ الهجوم الذي شنه ترامب على وسائل الاعلام، في مؤتمره الصحافي الاربعاء، الا على هذا المحمل من الجدية. فهو يخطط ليتخلى عن وسائل الاعلام، كناقل لأخبار البيت الابيض، كما كشف الناطق باسم البيت الابيض مطلع الشهر الحالي.. وفي الواقع، لا يردّ لها ما بدأته من حملات ضده، إثر ترشحه للانتخابات الرئاسية فحسب، بل يتخطاها على قاعدة "انتفاء الدور" الذي كان موكلاً لها، واستطاعت به أن تهز كراسي رؤساء، أو تصنع آخرين. 

فبوجود "تويتر"، و45 مليون متابع لحسابه، لم يعد ترامب بحاجة لاسترضاء وسائل الاعلام، أو تلقّف هجماتها بالإذعان. على العكس، لن يجد مانعاً من المواجهة، بغرض زرع الشكوك في صدقيتها، والإنكفاء الى هاتفه اللوحي، حيث يخاطب العالم، ويتفاعل معه، فيما تكون وسائل الإعلام مكرهة على التعاطي مع الواقع، كأمر حتميّ خارج إرادتها.

تشعر وسائل الاعلام الاميركية اليوم بأنها دخلت في موت سريري. تنازع ببطء، وتصارع للبقاء على قيد الوجود. تتلقف الضربة من الرئاسة، وتطأطئ رأسها. وستجد نفسها مضطرة للنأي بنفسها عن مواجهة الرئيس بأي ملفات مشكوك بها. فتجربتها معه ببث تصريحات مصورة وموثقة، خلال الحملات ضده، أكدت أنها أقل قدرة عن مواجهته، بدليل فوزه بالانتخابات. تكتلت ضده، ولم تنجح في إبعاده عن الرئاسة.. فلجأت أخيراً الى مرحلة الانقسام. 

والانقسام هنا، مؤشر بالغ على محاولات النفاذ من "قدر" العزلة. التكتل السابق بمواجهة ترامب، دفعه للتخلي عنها، ومخاصمتها، ومواجهتها، بدلاً من تجنبها. كسب ترامب، وخسر الاعلام. أما اليوم، فتحاول وسائل الاعلام الحدّ من الخسائر، إثر تضعضعها في آخر مواجهة علنية، حيث دفع العالم للإنشغال بأزمته مع الصحافة، بدلاً من التركيز على التحقق من أنباء عن فضيحة. وفي المقابل، انشغلت وسائل الاعلام بالبحث عما يبقيها على قيد الحياة، وليس قيد المواجهة فحسب. 

وتستدعي تلك المهمة، اختبار الانقسام. تمكن ترامب من فرط عقدها، كتجمع إعلامي، يفترض أن يتوحد لمواجهة اتهامات وإهانات الرئيس. ويعد ذلك، أول خسارة مدوية لمجتمع الاعلام الاميركي، بعدما أثبت نجاحاً في أوائل عهد الرئيس السابق باراك اوباما حين استبعدت "وزارة الخزانة الاميركية" إحدى القنوات من جولة مقابلات صحافية شاركت فيها قنوات أخرى، مما دفع وسائل الاعلام للتوحد ضد "استبعاد واحدة من الشقيقات". 

اليوم اختلفت المقاربة. الانفصال، هو السمة البارزة، على الرغم من تحذيرات كتاب صحافيين أميركيين من أن ذلك يضعف الجبهة، ويمكن ترامب من اقصاء الجميع، واحدة تلو الاخرى، وذلك في محاولة لاستخلاص الدروس من المؤتمر الصحافي الاخير. 

غير أن التنظير شيء، والوقائع شيء آخر. تشعر وسائل الاعلام الاميركية انها تلقت الضربة القاضية، وأنها أمام خسارة محتومة. ولا يمكن للتصالح أو المهادنة مع البيت الابيض، أن تنقذها من قرار التهميش الرئاسي. 

منذ صعود نجم "السوشيال ميديا" في العالم، بدأت التوقعات بأن تنتهي مهنة الصحافة في 2020، ويبدأ دورها بالانحسار قبل ذلك. كان التوقيت يحتمل زمناً إضافياً مما نحن عليه اليوم. لكن ترامب، أنهى دورها من الآن، على الأقل في الولايات المتحدة. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها