الإثنين 2016/08/29

آخر تحديث: 18:28 (بيروت)

بريتني سبيرز.. تولد من جديد!

الإثنين 2016/08/29
increase حجم الخط decrease
تصف النجمة العالمية بريتني سبيرز ألبومها الجديد "Glory" الذي يصدر في 26 أب/أغسطس الجاري بأنه بداية حقبة جديدة في حياتها. ولا يعني ذلك على ما يبدو تغييراً في نوعية الموسيقى التي اعتادت سبيرز تقديمها منذ انطلاقة مسيرتها الفنية عام 1999، فهي بوفائها المطلق لعالم "البوب" من جهة، وعلاقاتها مع شركات الإنتاج الكبرى على الطراز القديم من جهة ثانية، تضمن لها مكانة في صناعة الموسيقى العالمية كقيمة ثابتة مع مرور الزمن.

الألبوم التاسع لسبيرز، جاء بعد سنتين من التحضيرات، وخصصت له حملة ترويجية ضخمة تكثفت منذ تموز/يوليو الماضي عندما أطلقت سبيرز أغنيتها المنفردة الأولى "Make me" التي احتلت المرتبة 17 في قوائم مجلة "بيلبورد" لأكثر الأغاني الجديدة شعبية، وباعت في أول أسبوع لها 96 ألف نسخة وتم الاستماع لها رقمياً 20 مليون مرة على مستوى العالم. 
انكسار مسيرة بريتني عام 2007 على المستوى الشخصي، جعلها تتوقف وتتراجع لصالح أسماء أخرى أكثر شباباً، لحد وصفها باليأس من أجل العودة لنجوميتها القديمة، رغم أنها لم تغب أبداً عن الأضواء، ونالت قدراً كبيراً من التعاطف بعكس معظم النجوم الآخرين الذين يسقطون ولا يعودون للنجاح مطلقاً، لكن سبيرز تمتلك في داخلها شيئاً من الإصرار كامرأة قوية لا تستلم، وهي صورة ذهنية أخرى باتت تبيعها كسلعة من خلال الموسيقى.
 
والحال أن ثقافة البوب تعتمد على تعميم الأنماط الأكثر شيوعاً وجاذبية والتي تلامس المشاعر العامة لدى معظم البشر، ونموذج سبيرز المراهقة الحالمة، تحول بعد 2007 إلى المرأة القوية التي تبعد عنها كل مشاكل الماضي لتحافظ على صورتها القديمة وتطورها، وتحقق حلمها بالنجومية والاستمرار مهما تعثرت خلال الطريق، "لأنها تستحق"، ويصبح الألم ثم التغلب عليه مفتاحاً للترويج كعنصرين يشترك بهما كل الناس على اختلاف المستويات، وتصبح الكلمات والألحان والعروض مجرد طريقة لترويج النمط الذي يريد الناس الحصول عليه لدعمهم عاطفياً لتجاوز آلامهم الخاصة. 


وبريتني لا يمكن أن تنطفئ بسبب هذا النمط، بل تتأرجح بين النجاح والفشل، بين الفضيحة والإبهار، تدمن المخدرات وتدخل مصحاً عقلياً وتحلق شعرها بالكامل إثر سلسلة مشاكل شخصية، ثم تطلق ألبوم "سيركوس" (2008) لم يستطع رغم نجاحه النسبي منافسة أرقام فنانين آخرين حينها (تايلور سويفت، مايلي سايرس، ..)، لتنتقل عام 2012 للتلفزيون كحكم في برنامج "إكس فاكتور"، ثم تطلق ألبوماً هو الأقل نجاحاً في مسيرتها عام 2012 بعنوان "بريتني جين"، لتتحول بعده نحو فيغاس وتقدم لسنتين أحد أنجح العروض الموسيقية هناك على الإطلاق. 

هذا التنوع يلاحظ في طريقة ترويجها للألبوم الجديد، حيث تقوم بكل ما يمكن لنجمة بوب كبرى القيام به، تنشر صورها شبه عارية، وتطرح فيديو كليب جدلي ومثير لأول أغنية منفردة "Make me"، ثم تطرح نسخة أقل إثارة منه لترضي جميع الأذواق، وتطلق أغنية أخرى "Clumsy" تدمجها بأشهر أغنياتها على الإطلاق "oops I did it again"، لتفعيل عامل النوستالجيا لدى معجبيها، وصولاً لاقتحامها منزل مقدم البرامج جيمي كيميل في منتصف الليل لتقديم عرض خاص له من "Make me"، في غرفة نومه بالاتفاق مع زوجته ومنتجي برنامجه الذي يعرض على قناة "ABC" منذ عام 2003.


البحث عن معنى الحقبة الجديدة لبريتني يوصل إلى جذورها الأولى في عالم البوب، فهي المغنية الوحيدة التي غنت مع أيقونتي البوب مايكل جاكسون ومادونا، كما أنها أفضل مغنية - مراهقة من ناحية المبيعات عبر التاريخ، فضلاً عن حصدها عدداً كبيراً من الجوائز والمراتب الأولى لأغنياتها وألبومتها حول العالم، وبالتالي يصبح التحول نحو حقبة جديدة مرادفاً لتحول بريتني عبر السنين من أميرة البوب الصغيرة نحو آلهة بوب بكل ما تحمله الكلمة من معنى، مع وصولها إلى منتصف الثلاثينيات، وليس مجرد عودة إلى الجذور. 
ويشكل صوت بريتني العلامة الفارقة في هذه المعادلة، رغم أنه يختفي وراء جسدها والإغراءات الجنسية الكثيرة التي تقدمها في رقصاتها وعروضها ومقاطعها المصورة كامرأة ناضجة، فهو وإن كان ليس خارقاً كصوت غريمتها كريستينا أغيليرا، إلا أنه يحمل نوعاً من الإحساس الطفولي الغريب والشقي في آن واحد. ومهما تقدم العمر بسبيرز تبقى صورتها المراهقة في الأذهان تماماً كما كانت عليه عندما انطلقت مسيرتها الفنية عام 1999، بسبب صوتها فقط، والذي يمحي صورة وجهها الجديد وشفاهها الممتلئة، بعد عمليات التجميل الأخيرة التي أجرتها مطلع العام. 

مكانة سبيرز في سوق الموسيقى العالمية تبدو غير قابلة للمساس، بسبب قدرتها على الالتزام بشروط السوق وشركات الإنتاج، خصوصاً بوصولها لملايين المحبين على الكوكب من دون أن تثير الملل أو الاستنكار والسخط، حتى تحولت إلى آلة إعلانات "مألوفة" لعشرات المنتجات الاستهلاكية، من سيارات "بي أم دبليو" إلى تلفزيونات "سوني" ومستحضرات التجميل والشوكولا، كما يظهر بوضوح في أول 40 ثانية فقط من أغنيتها الضاربة الأن "Make me".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها