الإثنين 2016/08/29

آخر تحديث: 18:31 (بيروت)

"العونيون مضحكة التاريخ"

الإثنين 2016/08/29
"العونيون مضحكة التاريخ"
الإعلان الأجوف أتى ليسوّق لحزب أكثر جوفاً من الإعلان ذاته (محمود الطويل)
increase حجم الخط decrease
"نحنا جيل عون"، تقولها الطفلة في نهاية الفيديو الإعلاني الأخير الذي أطلقه "التيار الوطني الحر" للدعوة إلى الانتساب إلى صفوفه، جاعلة من عبارتها تلك قفلة للهزل والتهريج الزجلي الذي ردده أيضاً أطفال "التيار" المستقبليين خلال 40 ثانية هي مدة الإعلان، والذي أتى ليكّرس، بفكرته ومضمونه وإخراجه، الضحالة التي يقوم عليها الخطاب البرتقالي المعروف بإصراره على التمسك بالشعارات الجوفاء، والتي يعكس الإعلان المذكور سعيه لتوارثها عبر الأجيال.


فقد نشرت سلسلة من الصفحات الفايسبوكية التابعة للتيار الوطني الحر مقطعاً مصوّراً يُظهر مجموعة من الأطفال الذين يروّجون للانتساب إلى التيار ويحملون بطاقة الانتساب بقولهم: "لتكون زينة هالدار لازم نبقى بالتيار، ليكون عندك اعتبار التزم بالتيار، لمّا تدخل عالتيار بتحقق أحلام كتار، لنقضي عالفساد بدنا الرئيس العماد، إيدي وإيدك يا خيي منحافظ عالقضية، عجّل بدنا بطاقة لنزيد التيار طاقة، ما فيك تبقى عالحياد وتبقى منصانة البلاد، لمّا تدخل عالتيار شمس الحرية بتغار...". إلا أنه لم تمضِ ساعات قليلة على نشر وتداول الفيديو حتّى سارعت هذه الصفحات إلى حذفه، جراء الردود والتعليقات الساخرة منه التي غصّت بها مواقع التواصل والتي وصفت الإعلان بـ"الفكاهي" الذي جعل من العونيين "مضحكة التاريخ"، فيما تم توصيف من يقف وراء فكرته بـ"السخيف" و"الأخرق". بل وشكّل فعل الحذف نفسه مادة جديدة للسخرية، إذ اعتبره ناشطون خطوة معبّراً عن الصورة الأدق لخطاب التيار وسياسته، والذي يبدو أن صدره قد ضاق بالانتقادات والردود السلبية على الفيديو فما كان منه إلا العودة لأسلوبه المعتاد بالانقلاب على الافكار التي ينادي بها.

وفيما لم يصدر أي توضيح من مصادر "التيار" حول السبب الذي أدى إلى إزالة الإعلان من الحسابات الاجتماعية، إلا أن عرضه فضح ما بان أنه نزعة عند "التيار الوطني الحر" تشبه بأسلوبها الدعائي ما دأب عليه حزب البعث والحزب الشيوعي في كوريا الشمالية لناحية سخافته وركاكته باعتماد التربية الحزبية للأطفال القائمة على تمجيد القائد الملهم والأفكار التي يمثلها وينادي بها.

الشعارات التي وردت في الإعلان هي بذاتها التي أثبت التيار تخليه عنها خلال ممارسته السياسية والحزبية منذ تأسيسه، حيث أن كل محطة من المحطات التي رافقت تاريخ عمله السياسي شهدت سقوط هذه الشعارات المتوالي. إذ إن فضيحة المازوت الأحمر كمّت رائحتها الأنوف بالفساد، في حين أن الحرية ليست إلا كلمة لا تجد لها أي مكان في ذهنية مؤسس التيار إن كان من خلال تعاطيه السياسي وأدائه الحزبي ليأتي صهره المُعيّن على رئاسة الحزب ليقضي بأدائه على ما تبقى منها. أما الوطنية فقد ذهبت أدارج الرياح حين تعطلت الحكومة لأجل عيون صهر الجنرال، وتعطلت رئاسة الجمهورية لأجل الجنرال نفسه، وحلقّت الوطنية بأجنحتها بعيداً من الوطن لتدور في تبعية وفلك المحور الايراني السوري.

الإعلان الأجوف أتى ليسوّق لحزب أكثر جوفاً من الإعلان ذاته، فهو حزب لا تجد له نهج أو منظومة فكرية أوعقائدية، بل هو "خطاب" و"شعار" لبنانوي وشعبوي، أكثر من أي شيء آخر، وتغيب عنه المبادىء والثوابت التي دوماً ما تكون عرضة للتغير حسب ما تصح طموحات الجنرال في رئاسة الجمهورية ومصالحه وتحالفاته، لذا فإن الرهان على ما يُطلق عليه "جيل عون" ما هو إلا رهان على تكريس الخط نفسه. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها