الإثنين 2016/07/11

آخر تحديث: 18:48 (بيروت)

"صرح الخلافة": بروباغندا ما قبل التلاشي

الإثنين 2016/07/11
"صرح الخلافة": بروباغندا ما قبل التلاشي
يبرز بوضوح مستوى التخبط على مستوى قياداته الإعلامية والعسكرية
increase حجم الخط decrease
يلفظ تنظيم "داعش" أنفاسه الأخيرة إعلامياً، بموازاة خساراته العسكرية على الأرض. ولا يغدو إصداره المرئي الأخير "صرح الخلافة" سوى محاولة لتكذيب التقارير الغربية حول الخسارات المتتالية للتنظيم عسكرياً ومادياً منذ إطلاق التحالف الغربي ضد الإرهاب، وإضفاء شيء من الطمأنينة بين عناصره القلقين من خسارات جديدة تنهي حلم الخلافة قريباً.


في الواقع، لا يحاول "داعش" أنسنة وحوشه أمام المجتمعات المحلية، بل يتوجه لعناصره أنفسهم لبث الطمأنينة فيهم، خصوصاً أن أرقام الهاربين من التنظيم ارتفعت في 2016 مقارنة بالأعوام السابقة، بفضل سياسة قطع الموارد عن التنظيم التي أدت لانخفاض الأموال التي يتلقاها المقاتلون.

يشرح الإصدار في 15 دقيقة، هيكلية الخلافة الداعشية وعدد الولايات وأسمائها وهيئات الشورى وطريقة إدارة المناطق التي يسيطر عليها، والدواوين (الوزارات) التابعة له والهيئات الإدارية الأخرى، من دون الكشف عن أسماء وهوية المسؤولين عن كل منها.
ويحاول التنظيم التعويض عن خساراته، بدعاية بلهاء، لا تشكل أي سند اخباري، ولا أهمية في ظل خساراته المتتالية لمدن حيوية مثل الشدادي والرمادي في العراق وتدمر في سوريا.

لكن التنظيم، يصر على استكمال دعايته. يدعي في الشريط الأخير امتلاك 35 ولاية، منها ولايات فقد السيطرة عليها بالكامل، أو على الأقل لا يشكل فيها وجوداً حقيقياً يُذكر، مثل دمشق، إضافة لأماكن ينتشر فيها موالون له لتأسيس ولايات تتبع للبغدادي ضمن لا مركزية، يشرحها الفيديو بشكل مقتضب، وتشرف عليها "هيئة الهجرة"، مثل ولاياته في ليبيا وبقية أفريقيا وحتى اليمن الذي ما زال لتنظيم "القاعدة" حضور أبرز هناك.

بالتالي لا يتعدى الفيديو، الذي تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأشرفت عليه مؤسسة "الفرقان" الداعشية، فكرة استباق الهزيمة من دون الإقرار بها عبر التشبث غير المنطقي بكذبة الدولة الواسعة. ويمكن استشفاف حالة إنكار واضحة لخسائر التنظيم عبر إظهار ظروف الاستقرار الداخلي التي يعيشها التنظيم، بدلاً من حالة الحرب التي اعتاد عليها العالم في كافة إصداراته السابقة.

بناء عليه، تظهر ولايات "داعش" المزعومة في التقرير، متماسكة من الداخل، فالجميع يضحكون بما في ذلك أحد "المدنيين" الذين يتلقون عقوبة الجلد في الطريق قبل أن يعانق جلاده الذي نهاه عن "المنكر" فقط، والأولاد يمرحون في الشوارع صبياناً وبناتاً، والمقاتلون الأشداء ليسوا سوى "أخوة" بعكس صورتهم المخيفة التي اعتاد التنظيم تقديمها في معظم إصداراته السابقة.

نهاية الشريط تصبح هزلية، مع دقيقتين مرسختين للعنف الداعشي الذي قام عليه "صرح الخلافة"، وهنا يناقض "داعش" نفسه، ففي البداية كانت الخلافة مثالاً للتسامح واللطف والبعد عن العنف، ثم تصبح فجأة دولة حربية فقط. تتالى صور "إنجازات التنظيم" من قطع للرؤوس وإعدامات شنيعة وجرائم ضد الإنسانية، من دون أن يقول الشريط أن هؤلاء هم "الكافرون الأعداء" كما اعتاد، ليعترف من دون قصد بهمجيته التي حاول إخفاءها طوال 13 دقيقة، ويبرز بوضوح مستوى التخبط على مستوى قياداته، الإعلامية والعسكرية أيضاً، مع الأخذ بعين الاعتبار مكانة أجهزة الإعلام ضمن التنظيم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها