الأربعاء 2016/06/22

آخر تحديث: 12:37 (بيروت)

..وانقلبت الآية: أغاني فيروز بالتركية!

الأربعاء 2016/06/22
..وانقلبت الآية: أغاني فيروز بالتركية!
"بحبك يا لبنان" تحولت الى أغنية عاطفية بعنوان "تنظري لسقوطي"
increase حجم الخط decrease
لم يعد بالأمر المفاجئ أن تستمع لأغنية عربية جديدة وتكتشف أن أنغامها مسروقة من لحن تركي، إسباني أو يوناني. الإستعارة، أو السرقة، باتت أقرب إلى عادةٍ متكررة تعوّض عن النقص في الإبداع العربي. لكن الجديد، أن الالحان اللبنانية باتت خلفية موسيقية لأغان تركية، وأبرزها، أغاني الاخوين الرحباني.


والحال انه بسبب كثرة "مقتبسي" الالحان في دول حوض البحر المتوسط، وتشابه الثقافات والأنغام بينها، لم يَعد يُنظر كثيراً إلى مُقتبِس الألحان بشكل سيء، بل يجرد من بعض التقدير والثناء المستحقين لصاحب اللحن الأصلي، من دون أن ينفي ذلك قدرة الكثير من المقتبسين على الهروب من الإعتراف.. والفضيحة. إلا أن ذلك بات أصعب من الماضي، مع وجود وسائل التواصل الإجتماعية والمواقع الكثيرة المتخصصة بالترويج للموسيقى والأغاني.

بتصفح بعض هذه المواقع، تبرز ظاهرة سرقة الألحان اللبنانية من قِبل فنانين أتراك خاصة خلال سبعينيات وثمانينات القرن الماضي. صحيح أن السرقة هذه قد تبدو تهمة مبالغاً فيها، وربما فيها تجنٍّ، على إعتبار أن نقل اللحن ربما تم بعد شرائه من صاحبه اللبناني، كما يمكن أن يكون الملحن اللبناني والتركي إستعارا اللحن، مداورة، من طرف ثالث.

وتبرز ألحان الأخوان الرحباني وأغنيات فيروز كأكثر المواد التي تم نقلها إلى التركية. وهذه الألحان لم تقتصر على مدة سنوات قليلة فقط، إنما شملت عشرات السنوات، كما لم تقتصر على أغان عاطفية من مشهد مسرحي، بل تعدتها حتى إلى الأغاني الوطنية اللبنانية.

ومن هذه الألحان، أحصينا 21 أغنية "فيروزية" تم نقلها إلى التركية، مع ما يعني ذلك أن إيجاد المزيد منها هو أمر كبير الإحتمال. ومنها لحن "طريق النحل" التي غنتها الفنانة التركية "أدجا بيكان"، ولحن أغنية "لا إنتَ حبيبي" التي غناها الفنان التركي "فردي أوزبيان". بالإضافة إلى أغنية "وينن" التي أخذها "إركين كوراي"، وهو الفنان التركي الذي اشتهر بإستعارة الألحان العربية و"تتريكها" وغنائها بصوته مثلما فعل مع لحن أغنية "عالعين موليتين" التراثية التي نقلها إلى التركية عام 1974.

يمكن قياس مسار الإستعارة بين الفن اللبناني والتركي بحسب فترتين زمنيتين مختلفتين. الأولى، الممتدة بين ستينيات وثمانينات القرن الماضي، كان الفن اللبناني خلالها في "عصره الذهبي"، والعروض المسرحية والمهرجانات لا تتوقف، والإنتاج الموسيقي اللبناني يتخطى حدود لبنان. فيما تشكل استعارته مشروع شهرة لفناني الدول المحيطة به، فأخذ الأتراك الكثير منه.

في المقابل، أدّى تراجع مستوى وضخامة الإنتاج الفني اللبناني، بعد الثمانينات، إلى تحوّل المصدِر إلى مستهلك وباحث عن ألحان من ثقافات أخرى، فكانت الفترة الثاني حيث تحوّل الإنتاج اللبناني، في الكثير منه، إلى نسخة معدلة ومهجنة من الألحان التركية وألحان الشعوب الأخرى المحيطة بالمتوسط.

أما الأغاني الوطنية اللبنانية، والتي تربى جيل كامل من اللبنانيين عليها، فهي تعرضت بدورها إلى الإستعارة والسرقة. ومن غير المعيب القول أن الرحابنة استقدموا بعض هذه الألحان من الثقافات الأجنبية، إلا أن الأتراك فعلوا الأمر ذاته وحولوا الألحان الوطنية إلى أغاني عشق تتناسب مع الأجواء الرومانسية للفن والمسرح التركي في السبعينيات والثمانينيات. فلحن أغنية "هيلا يا واسع" الرحبانية باتت بالتركية أغنية عشق ومناجات تحت عنوان "أين أنت أين"، فيما باتت الأيقونة الفيروزية "بحبك يا لبنان" أغنية عاطفية من حبيب عاشق لحبيبته الخجولة تحت عنوان "أنظري لسقوطي".

تراجع مستوى الفن اللبناني ترافق كذلك مع وفاة الرحابنة، وتوقف مسرحهم عن العمل والإنتاج، وغياب الفنانة صباح ووديع الصافي وإنحسار جديد فيروز تحت وطأة العمر، كما وظهور طفرة من الفنانين المهتمين بجمال خدودهم ومؤخراتهم أكثر من صوتهم أو معنى أغانيهم.

في المقابل، شهدت السنوات العشر الأخيرة "ثورة" في الفن التركي، أكان من ناحية الضخامة، أو من ناحية نوعية الإنتاج السينمائي والمسلسلات والفنون الأخرى المرافقة، كما اكتسب الإنتاج التركي أسواقاً جديدة في العالم العربي وفي لبنان. فيما بات الفن اللبناني، بمعظمه، بالكاد يستطيع أن ينافس في دول الخليج العربي والمغرب العربي والأردن بعدما كان الأول والأنشط في هذه الدول منذ سنوات قليلة مضت.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها