الأحد 2016/05/01

آخر تحديث: 18:46 (بيروت)

الدراما اللبنانية تستبق رمضان بالفشل

الأحد 2016/05/01
الدراما اللبنانية تستبق رمضان بالفشل
ادارة الممثل غائبة... والسيناريو يتسم بـ"لاواقعيته" (مشهد من مسلسل متل القمر)
increase حجم الخط decrease
الدراما اللبنانية لم تعد محصورة بسباق رمضان، علماً أن التحضير لهذا الموسم بات يعتمد على الإنتاج المشترك والشراكة التمثيلية بين لبنان وسوريا ومصر. لكن الانتاجات التي تمثل اختباراً للقدرة على المنافسة، سقطت، في ثلاث تجارب تُعرض حالياً على القنوات اللبنانية.

المشترك في تلك الاعمال، أن هناك ثمناً لدور البطولة، يتفاوت بحسب نجومية أو وسامة الممثل والممثلة. فحين يقرّر بعض المنتجين أسماء من الوجوه الجديدة أو التي اكتسبت بعض الخبرة، لا يبحثون عن قدرات تمثيليية أو درامية، بل يبحثون عن شكل جميل وجذاب ولافت ومغرٍ. وهذا ما يظهر مثلاً في مسلسل "الحرام" الذي يعرض على شاشة "المؤسسة اللبنانية للارسال"، أو في مسلسل "متل القمر" على "أم تي في".

يمكن القول إن العمل (الحرام) كارثة درامية شكلاً ومضموناً. ويعاني نجومه (وسام حنا، جويل داغر، رين أشقر) من فراغ درامي وقلة دراية بالانفعالات، والتمييز بين الطبيعي والتصنّع، فيما الحبكة التي يقوم عليها العمل سطحية وتخلو من أي إثارة، علماً أن المخرج (ايلي معلوف) حاول إدخال بعض الأحداث المثيرة، انما بطريقة بدائية.

ثمة ملاحظات تتنقل بين الأعمال التي تعرض حالياً وعرضت منذ فترة، لذا سنحاول عرضها مع التوقف عن أبرز سلبياتها وايجابياتها إن وجدت. والأعمال هي: "الحرام"، "ذات ليلة" (اخراج رندلى قديح)، "سوا" (إخراج شارل شلالا) و"متل القمر" (إخراج سيزار حاج خليل).

قد تكون المبالغة في إيصال الحالة الدرامية أو الانفعالات، سمة مشتركة بين هذه الأعمال، فيعلق الممثل في فخ التصنّع ولا يعرف كيف يخرج منه. 

هنا تبرز أهمية إدارة الممثل الغائبة، وهي جزء مهم من الإخراج، فالمخرج مدير فني أيضاً، وهو المسؤول المباشر عن أداء الممثلين وتصرفاتهم. وهنا تظهر مشكلة أساسية، أن غالبية الممثلين اللبنانيين، لا يتقنون فنون الأداء، أو ليسوا أكاديميين، وغالبيتهم أتت إلى المهنة من الغناء أو عرض الأزياء أو لتمتع بعضهن بصفات جمالية، في حين نجحت بعض الممثلات كنادين نسيب نجيم الوافدة من عالم الجمال في الدراما المحلية والعربية، وأثبتت قدرة على تقديم أدوار جدية بلا تصنّع.

ولا بد من الإشارة هنا إلى تميز الممثل يوسف الخال (سوا) القادر على ايصال الحالة الدرامية بلا تكلف أو مبالغة. ويبدو واضحاً أن ضعف الأداء التمثيلي في كثير من المسلسلات، يظهر قلة دراية المخرج وخبرته والتزامه القواعد الاساسة فقط في الإخراج بلا عين فنية أو نقدية أحياناً، وهذا ما ينطبق على الاعلامية الممثلة ستيفاني صليبا في مسلسل "متل القمر" التي قدّمت أداءاً مدرسياً، علماً ان البوتكس في وجهها منع ظهور انفعالاتها، والأمر ذاته ينطبق على ايميه صباح (من حيث الأداء) في "سوا" .

ومن المشاكل التي تظهر في الأعمال المذكورة، ابتعادها عن المنطق، واتسامها بـ"اللاواقعية"، والوقوع في فخ المثالية، وهذا ما ظهر مثلاً في مسلسل "ذات ليلة" الذي يحاول إظهار ترفّع مؤسسة قوى الأمن في لبنان عن الأخطاء، علماً أن فضائح القوى الأمنية في لبنان بات تظهر إلى العلن.

ومشاهد المطاردات كارثية ومثيرة للضحك... يبدو أن المسلسل حُرِّر على عجل، فانتاجه بدا بسيطاً ولم يقدم المشاركين فيه أي شيء لافت، سوا العمل على تلميع صورة قوى الأمن.

ورغم محاولات بعض كتاب السيناريو في إغناء الحبكة الدرامية أو تشعيب القصة، تبدو هذه المحاولات سيئة، كما في مسلسل "متل القمر" أو "سوا" أو "الحرام". وهنا تظهر مشكلة صوغ العبارات البسيطة والجمل القصيرة، بعيداً من الخطابة، فمن يتابع المسلسلات يستمع إلى جمل لا تُقل إلا بين بعض المثقفين أو النخبويين. لا نسمع مثلاً ما يقال في الشارع أو على المقهى.

ومن الملاحظات التي يستنتجها المتابع بعد مشاهدة هذه الأعمال أن لبنان بلد مثالي بلا زحمة سير، والجميع فيه يعيشون ترفاً وصحة وسعادة، وليس هناك من مشاكل اجتماعية، وجميع الفتيات جميلات ويستيقظن بكامل أناقتهن.

تكمن المشكلة الاساسية في هذه الأعمال في مقاربتها مشاكل فئة بسيطة، وابتعادها عن المشاكل الأساسية التي يعاني منها البلد، وعدم الجرأة على الانتقاد خصوصاً في ما يتعلق بالسياسة. ومواقع التصوير غالباً ما تكون في قصور أو شقق فخمة، فغالبية اللبنانيين يسكنون شققاً عادية ويدفعون أقساطا لسنين مقبلة. مشكلة عدم دخول الكاميرا إلى الأحياء الفقيرة والبسيطة، هي مشكلة أساسية، ونعود هنا إلى المثالية التي تعاني منها الدراما اللبنانية في معالجة قضايا الناس.

تبقى الموسيقى التصويرية الحلقة الأضعف في الأعمال الدرامية التي قدّمت وستُقدّم. فالاهتمام في هذا الموضوع يبقى في اسفل الأولويات، إذ إن الموسيقى جزء أساس من العمل، وهي مشكلة تعاني منها الدراما العربية عموماً. وقد تكون الموسيقى التصويرية لمسلسل "رأفت الهجان"، الأبرز والأكثر حضوراً في ذاكرة المشاهد العربي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها