الخميس 2016/04/28

آخر تحديث: 18:59 (بيروت)

اليمن: اغتيال أصغر مدوّن بعد تكفيره

اليمن: اغتيال أصغر مدوّن بعد تكفيره
يتهموني بأني ملحد! يا هؤلاء انا أرى الله في الزهور وأنتم ترونه في القبور
increase حجم الخط decrease
إثر نقاش في صفحته في "فايسبوك"، اتهم متطرفون المدون اليمني الشاب عمر محمد باطويل، بالإلحاد، ثم اختطف ووجد مقتوﻻً. وبنهاية صادمة ومؤسفة كهذه، تحول النقاش الديني إلى إلغاء مباشر.

من العبارات التي كتبها القتيل، ذو البسمة اليافعة المشرقة بالبراءة على حائطه، وتناقلها على نحو واسع مئات من الذين رفضوا مرور جريمة مقتله بسهولة واستخفاف في مختلف وسائط التواصل الاجتماعي: "يتهموني بأني ملحد! يا هؤلاء أنا أرى الله في الزهور وأنتم ترونه في القبور.. هذا الفرق بيني وبينكم"، و"كيف ننتظر سلاماً من جماعات شعارها الموت؟"، و"من الممكن أن تحصل على تبرير لفرض إرادتك على الآخرين.. كل ما عليك فعله هو أن تسميها إرادة الله"؛ و"إذا رأيت المساجد تبث الحقد والكراهية والعنصرية في نفوس البشر باسم الدين اعلم أنها ليست دور لعبادة الرب، وإنما دور لعبادة الكهنة".

وسرعان ما تحول حادث القتل قضية رأي عام. ورغم مأساة الحرب المشتعلة في البلاد، وأخبارها وتداعياتها المختلفة، ولا سيما تراكم الأهوال والمصائب والهموم على اليمن واليمنيين، إلا أن الجريمة هزّت المجتمع من أقصاه إلى أقصاه.

فقد لاقت الحادثة فسحة غير متوقعة من الإهتمام والإدانة، فيما تداعى أبرز النشطاء والكتاب والصحافيين والإعلاميين والسياسيين والحقوقيين اليمنيين إلى وضع صورته في حساباتهم، كنوع من التضامن ضد منطق القتلة والتكفيريين. واعتبرت حائزة نوبل للسلام توكل كرمان أن "جريمة قتل عمر محمد في عدن بتهمة الردة جريمة إرهابية بشعة ستتكرر إن لم يتم التصدي لفكر التكفير ومكافحته".

فالفتى المغدور (17 عاماً)، وجد بجمجمة مثقوبة، مرمياً في منطقة قريبة من حارته في عدن جنوب البلاد، بعد أيام من التحريض عليه في مواقع التواصل الاجتماعي.

وعمر باطويل ناشط مدني له اهتمامات بمبادرات شابة، ظهرت بعد اندحار ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع على عبد الله صالح من مدينة عدن، تدعو إلى الإهتمام بمظهر المدينة والمشاركة في تنظيف شوارعها وإعادة طلائها.

وهو ناشط في "فايسبوك"، يدوّن آراءه الناقدة للعقل الفقهي التي تحولت إلى دين بمنتهى الشجاعة والتلقائية الملفتة. وكانت آخر الكلمات التي دونها على حائطه: "عندما يعرفون الفرق بين العالم والكاهن سيستعيدون عقولهم".

رغم صغر سنه، بدا لافتاً أنه يعرف نفسه في حائطه بعبارة بليغة ومقتضبة : "لا أجيد ثقافة القطيع"و"لست طائفياً أنا". أما المقولة المفضلة التي تظهر في معرف صفحة عمر محمد، فهي: "استمع ثم ابتسم ثم تجاهل، فليس من الضروري أن تأخذ كل شيء بعين الاعتبار".

حتى الآن، لم تكشف الأجهزة الأمنية في عدن أي معلومات عن الحادثة، أو المشتبه فيه بالضلوع فيها، كما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها بعد مرور أكثر من 48 ساعة، رغم اعتقاد العديد من المراقبين بأن القاعدة هي من تقف وراءها.

ووقد جدد الحادث تفجر أسئلة ومطالبات الإصلاح الديني بقوة في المجتمع اليمني، جراء مخاطر انتشار فكر التكفير والكراهية والقتل عبر المساجد والمؤسسات والجمعيات.

وبعد ساعات من انتشار خبر الجريمة وظهور صورة عمر مضرجاً بدمه عبر طلقة استقرت في رأسه من الخلف، قام بمتابعة صفحته أكثر من 3 آلاف متصفح، وتدافع أصدقاؤه المقربون إلى تدوين رثائهم.

ويقول أحد أصدقاء عمر: "كان يبحث عن حقائق شوّهتها شبهات في الدين.. يبحث عن الله عن فكر وقناعة لا عن تقليد وتلقين".

في السياق أعلن مركز إنساني عن جائزة بقيمة 20 مليون ريال لمن يدلي بمعلومات عن قاتل شهيد الكلمة الحرة. ودعا نشطاء إلى وضع قائمة بأسماء كل من يبرر لقتل عمر ويكفره للملاحقة القانونية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها