الأربعاء 2016/12/07

آخر تحديث: 18:49 (بيروت)

زين الشام... مدوِّنة حلب في NBC الأميركية

الأربعاء 2016/12/07
زين الشام... مدوِّنة حلب في NBC الأميركية
الناشطة والمدونة زين الشام
increase حجم الخط decrease
بابتسامتها التي تتحدى الواقع المأساوي المخيف حولها، توثق الناشطة زين الشام يوميات الحصار وحرب الإبادة التي ينفذها النظام السوري في حلب، من خلال مدونات فيديو شديدة الصدق والحساسية، ينشرها موقع قناة "NBC" الأميركية.


وتتحدث زين عن كثير من التفاصيل الصغيرة مثل طقوسها اليومية في الاستيقاظ صباحاً وشرب القهوة التي لم يتبق منها الكثير وحواراتها الحزينة مع الأطفال حول الجوع واشتهاء مأكولات معينة، وكلما زادت بساطة التفاصيل ازدادت معها أهمية التدوينات لكونها تعطي سياقاً إنسانياً حميمياً وشخصياً لواقع الحرب في حلب، يقربه للجمهور الغربي الذي قد لا تشكل له الأنباء التقليدية الجافة المتداولة في الإعلام عن سوريا عموماً، مادة ذات أهمية خاصة.



ابتسامة زين لا تدوم طويلاً، ففي مقاطعها الأخيرة يبدو وجهها مثقلاً بالحزن والهموم وتشرف على البكاء وهي تتحدث عن الواقع الطبي المتردي وحالة المصابين بعد تدمير المشافي في حلب الشرقية، وكذلك الأمر في مقطع فيديو آخر بعد نزوحها من بيتها الذي دمره القصف، واصفة المشهد ككل بأنه "يوم القيامة في حلب".



زين التي تبلغ من العمر 26 عاماً، كانت طالبة ماجستير في اختصاص تربية الطفل، التحقت بالثورة منذ بداياتها السلمية واعتقلت من قبل النظام السوري لمدة 14 شهراً، قبل أن تتطوع في المشافي الميدانية في مدينتها حلب إلى حد الآن، كما تطوعت لتعليم الأطفال في مدرسة ميدانية تم إنشاؤها في قبو بأحد المنازل، كما تعمل كناشطة إغاثية في المدينة.

بداية التعاون بين زين والقناة الأميركية تعود لمنتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، في مقطع فيديو عرفت فيه عن نفسها للجمهور الأميركي من شرفة منزلها، علماً أنها تواصلت مع "NBC" خلال مشاركتها قبل عام تقريباً في مؤتمر للناشطات السوريات الموجودات في الداخل، أقيم في الولايات المتحدة التي زارتها مرتين.

وتضيف زين في حديثها إلى "المدن"، والذي كانت أصوات القذائف تقطعه من حين إلى آخر، أن ما دفعها لتسجيل يومياتها هو رغبتها في إيصال معنى مختلف لسياق الحرب في حلب بوصفها مجرد إنسانة مدنية، بطريقة تترك أثراً أكبر من الطرق التقليدية التي يتبعها الناشطون والصحافيون المحترفون عادة لبث المعلومات، مثل المنشورات المكتوبة في "فايسبوك" أو التغريدات في "تويتر"، كما أن مدة المقاطع التي لا تتجاوز خمس دقائق عفوية تجعلها قابلة للمشاهدة والانتشار، بحيث يصبح الفيديو تجربة تفاعلية حية تنقل المشاعر بشكل سريع وصادق للمتلقي الذي يراقب انفعالات وملامح من يحدثه ويعيش نفس الأجواء المروعة، ما يترك أثراً مختلفاً عن قراءة المعطيات نفسها في مقال مكتوب مثلاً في صحيفة أو موقع إلكتروني.



وتؤكد زين أنه لم يكن لديها في السابق أي نشاطات إعلامية، وإن كانت تنشر صور الجرحى والشهداء الذين تشاهدهم خلال عملها التطوعي في المشفى: "لابتوبي كان مليئاً بأرشيف ضخم لصور الشهداء والجرحى، وتحديداً الشهداء المجهولون الذي يتم دفنهم من دون التعرف على هويتهم، وكنت أحرص على نقل أخبار هذه الفئة عبر صفحتي في فايسبوك كي يعرف أهاليهم ما جرى معهم"، علماً أنها بدأت مؤخراً بالعمل الإعلامي التطوعي مع مجموعة "Instant Reporting Team" الإخبارية الشهيرة في "فايسبوك" والمتخصصة في الشأن السوري.

في السياق، تصور زين مقاطع الفيديو بهاتفها المحمول، بمساعدة أصدقائها إن كانوا موجودين أو بطريقة "سيلفي"، أما المونتاج واللقطات الإضافية الملاحظة في المقاطع، فتقوم بها القناة الأميركية نفسها، وتصف زين المعاناة والصعوبات التي تواجهها هنا، مع غياب الإنترنت والكهرباء لأوقات طويلة.

للأسف لا تستطيع زين تسجيل يومياتها بانتظام، بسبب الوضع الأمني والقصف في أخطر مكان على الكوكب حالياً. الأسبوع الماضي على سبيل المثال مع اقتحام قوات النظام لأحياء حلب الشرقية، اضطرت زين مع عائلتها للنزوح وترك منزلهم: "في كثير من الأوقات لا يمكنني الخروج إلى مكان أستطيع فيه شحن هاتفي أو تصوير مقطع ما"، مضيفة أن حالتها النفسية أحياناً تمنعها من تسجيل كل ما تشعر به وتراه من أهوال يومية.

زين ليست الفتاة الوحيدة التي ترفع صوتها عالياً لإيصال واقع الحياة اليومية في حلب، فالناشطة لينا الشامي تنشر مقاطع فيديو ذاتية عبر "تويتر" توثق فيها الحياة اليومية في المدينة المحاصرة باللغة الانجليزية، بطريقة أكثر إخبارية تركز فيها على الضحايا وأعداد الجرحى والعمليات العسكرية التي يشنها النظام، محاولة تقديم ما يقوم به النظام من مجازر بطريقة مباشرة وسهلة ضمن صرخة إنسانية حادة وموجعة لكل من يشاهدها ويتابعها.

من الفتيات الناشطات أيضاً في نفس المجال، بانا العبد ذات الأعوام السبعة فقط، والتي تغرد وتصور مقاطع فيديو لها في حلب باللغة الانجليزية، لتثير تعاطفاً واسعاً حيث يتابعها أكثر من 200 ألف شخص، علماً أنها اضطرت للهرب من منزلها بعد تقدم جيش النظام في الحي الذي تقيم به في حلب الشرقية مطلع الشهر الجاري، ما أثار مخاوف واسعة من اعتقالها وأسرتها بعد اختفائها عن الأنظار لعدة أيام.

بانا التي تمثل الطفولة السورية، تبتعد عن السياسة في تغريداتها التي تكتبتها بمساعدة أمها فاطمة معلمة اللغة الانجليزية، وتركز على الدعوة للسلام وتوثيق حياتها لحظة بلحظة كي تشارك العالم الصامت ما يجري. هي ليست أصغر مراسلة حربية من داخل حلب كما يحب الإعلام العالمي وصفها، بل هي فقط واحدة من آلاف الأطفال المحاصرين الذين جعلتهم حرب الإبادة البشعة يفقدون طفولتهم وأبسط حقوقهم، وهي باستخدامها السوشيال ميديا بهذه الطريقة المؤلمة تحاول إرسال رسالة عن هذا الحرمان من السلام: "أرجوكم أوقفوا قتلنا، أريد سلاماً لأصير معلمة، وهذه الحرب تقتل حلمي"

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها