الثلاثاء 2016/12/06

آخر تحديث: 18:17 (بيروت)

جسدك.. كلمة سرّك

الثلاثاء 2016/12/06
جسدك.. كلمة سرّك
increase حجم الخط decrease
إذا كنتم تعشقون أجسادكم، فسوف تزيدكم هذه التقنية شغفاً به، وإذا كنتم غير متصالحين مع ذلك الجسد، فلربما آن الآوان لعقد صلح ولو كان الوسيط هو... هاتفك الذكي!
أولاً، إنّه الجسد مجدداً. الأرجح أن لا شيء أكثر بروزاً منه في الذائقة الثقافيّة المتصاعدة منذ مشروع الحداثة، لكنه تحوّل إلى أكثر من مجرد ثقافة وعواطف في الآونة الأخيرة. يكفي تذكّر ظاهرة الوشم أو الـ"تاتو" وانتشارها في الأجيال الشابة والمراهقة. أنظر إلى لاعبي كرة القدم مثلاً، تكاد الأوشام تحتل معظم المساحات "المكشوفة" من أجسادهم، وكل وشم يحمل معنى وإشارة. تكاد الأوشام تحوّل الأجساد إلى لوح "تابلت" مكتوب عليه بحبر لا يمحى، أو بالحناء أو الليزر أو الأحبار المستوحاة من أزمان قديمة. ألا يوحي ذلك بشيء ما؟ 

من الوشم على الجسد، يأتي البُعد الثاني: همّ الخصوصيّة وحماية البيانات والأجهزة الذكيّة. لم يكن الأمر محتاجاً إلى الخبير المعلوماتي الأميركي إدوارد سنودن ووثائقه الفضائحيّة عن تجسّس "وكالة الأمن القومي" على سكان الأرض، كي يكون همّ امتلاك "كلمة سر" مناسبة ملء العقول والمخيلات. ومنذ سنودن، صار ذلك الهم هاجساً مقلقاً لجمهور واسع، لكنه أشد إثارة لقلق صُنّاع التقنيات الرقميّة بأنواعها كلها. 

بين وشوم الأجساد وفضائح سنودن، بين سعي الجسد إلى الانكشاف على العيون بمعاني الأوشام، وبين العيون الإلكترونيّة للاستخبارات الأميركيّة، برزت فكرة تربط بين الإثنين. ماذا لو صار الجسد هو نفسه "كلمة السر" للأجهزة التي ترافق الأجساد على مدار الساعة، كالهاتف الذكي و"التابلت" و"اللاب توب" وغيرها؟ 

عملت مجموعة من اختصاصيي التقنية في جامعة واشنطن على تطوير تقنية تتعامل مع الجسد البشري مباشرة، بطريقة سلسة وغير مؤذية، لتجعله "مفتاحاً" لأجهزة يستعملها الناس في الحياة اليوميّة. ولفتت نظر تلك المجموعة، تقنيات "جسديّة" مستخدمة فعليّاً في العوالم الإلكترونيّة. ألا تمثّل الأصابع وبصمتها "كلمة السر" لمجموعة من أجهزة "اللاب توب" والهواتف الذكيّة؟ ألا تستخدم المطارات "بصمة العين" للتثبت من هويات عابريها، بل إن مؤشّرات العين والابهام تستعمل في وثائق السفر الحديثة تحت مسمّى "بيومتري"  Biometry، ومعناه "قايسات بيولوجيّة"؟

موجات الراديو تخترق الجسم
استناداً إلى تلك المعطيات، ركّزت المجموعة على تقنية التعرّف إلى بصمة الأصبع. وعندما يوضع الأصبع على المكان المخصص له، يعمل مجسّ حسّاس على جمع معلومات عن تركيبة بصمة الأصبع وخصائصها المميّزة في كل إبهام. ووفق البروفسور شيام غولاكوتا الذي قاد المجموعة، جرى العمل على قلب دور ذلك المجس، بمعنى جعله أداة لبث المعلومات عن بصمة الإصبع إلى الجسد. ولأن تلك المجسّات تعمل بموجات راديو تقارب الـ30 ميغاهيرتز، أدّت الدراسات التي أجرتها المجموعة إلى أنها تصلح لبث موجات راديو ضمن نطاق يتراوح بين 2 و10 ميغاهيرتز، فتكون صالحة كي "تسير" عبر الجسد، من دون أن تؤذيه. 

وكذلك تيقنت المجموعة من كون ذلك البث يعمل بثبات في ظروف مختلفة، بمعنى اختلاف الأجساد في الطول والوزن والتركيب والحرارة، وكذلك الحال بالنسبة للأحوال الجويّة.

وركّزت مجموعة غولاكوتا، التي ضمّت اختصاصيَّين آخرَين هما ميرداد هيسار وفيكرام آيير، على المجسات المستخدمة في هواتف "آي فون" والكومبيوترات المحمولة التي تصنعها شركة "لينوفو" Lenovo. ومع الانقلاب في دورها، صارت مجسّات التعرّف على بصمة الأصبع في تلك الأجهزة، قادرة على بثّ بيانات تلك البصمة إلى الجسد باستخدام موجات راديو ضعيفة. وتصل تلك البيانات إلى مجس آخر يلصق على أي منطقة في الجسم (الساق، البطن...)، يتولّى أمر "التصديق" على صحة تلك البيانات.

وعرضت المجموعة نتائج دراساتها (مع مجسّ التصديق على صحة بصمة الأصبع)، ضمن مؤتمر متخصّص استضافته جامعة "هايدلبرغ" الألمانيّة أواخر خريف 2016.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها