الأربعاء 2016/12/21

آخر تحديث: 17:39 (بيروت)

إقصاء ابراهيم العيسى: هل يأكل النظام المصري حلفاءه؟

الأربعاء 2016/12/21
إقصاء ابراهيم العيسى: هل يأكل النظام المصري حلفاءه؟
ابراهيم العيسى اليوم هو العاقل وسط مجانين
increase حجم الخط decrease
رغم كل ما يُقال، حول عدم إلغاء برنامج إبراهيم عيسى أمس، بحسب تصريحات صحافية عديدة من فريق إعداد البرنامج، ونفي رئيس قناة "القاهرة والناس" أحمد سعيد في تصريح رسمي ما يشاع حول إلغائه، إلا أن ما يحدث مع إبراهيم عيسى منذ الأسبوع الماضي ينبئ بخلاف ذلك.
وصل إلى حد أن يصرح رئيس مجلس النواب في جلسة رسمية أن ما يقوله عيسى يضعه تحت طائلة قانون العقوبات، وبعض الجرائم التي تصل إلى حد التحريض على العنف، وهذه ليست جنحة ولكنها جناية.. هذه التفاهات لن تمر مرور الكرام، لأنها تهدد الأمن القومي"، بل وطالب رئيس المجلس من رئيس هيئة الاستثمار أن تقدم الهيئة تقريراً عما يدور في قناة "القاهرة والناس".

هكذا تحول إبراهيم عيسى إلى مرتكب جناية ومهدد للأمن القومي، على خلفية ما قدمه في إحدى حلقات هذا الأسبوع، حين وصف نواب المجلس بـ"الأفاقين"، إثر الدعوات التي بدأ صوتها يعلو بتعديل الدستور المصري، تحديداً في ما يخص عدد الفترات الرئاسية، ما يعيد للأذهان ما حدث في نهاية فترة حكم السادات حين تعدل الدستور في هذه المادة بالتحديد، ما ضمن لمبارك استمرارية دستورية لأكثر من ثلاثين عاماً، أنهتها ثورة 25 يناير.

اثنان من النواب، يعرف منهما مزاج الأجهزة الأمنية وموقفها من عيسى، هما أسامة هيكل رئيس لجنة الإعلام بالبرلمان، ومصطفى بكري النائب والإعلامي والمقرب من كل الأنظمة كل الأوقات.. هاجما عيسى ووصفا ما يقدمه بالفوضى.

الخبير الاقتصادي هاني توفيق كتب في حسابه الخاص في فايسبوك، تحليلاً آخر وراء ما يراه منع البرنامج: إذ قال: "عيب جداً: عندما يُلغى البث الحى لبرنامج إبراهيم عيسى.. (عرفت ذلك الآن حيث كنت مدعواً بها للحديث عن بعض القضايا الاقتصادية في حلقة الغد)، وعندما يلغى معرض لومارشيه الذي ينظمه طارق نور مالك القناة قبل عدة أيام من موعده بحجة أمنية خائبة لم تقنع أحداً، فهذا يعنى ببساطة ووضوح أن البرلمان قد نجح في قرص ودن إبراهيم عيسى وصاحب القناة".

وتابع: "أنا شخصياً لست موافقاً على كل مايقوله عيسى في برامجه، وعندي تحفظات على الكثير مما يذهب إليه في تحليلاته، ولكني بالتأكيد أرفض هذا الأسلوب" البلدي" والمستهلك في التعامل مع أصحاب الرأي الآخر".

إذن، التصريحات الرسمية تذهب في اتجاه، والإجراءات العملية تذهب في اتجاه آخر، لـ"قرص ودن" إبراهيم عيسى كما كتب هاني درويش، والدلائل ماثلة أمام الجميع في ما يمكن أن يفعله هذا النظام حتى مع حلفائه والمقربين منه، وتغيير مانشتات جريدة "الوطن"، ومنع سفر عمرو الليثي، ليس بعيدا عن الذاكرة.

لا يمكن اعتبار إبراهيم عيسى "حليفاً" مباشراً للنظام، بقدر ما هو واحد من هؤلاء الذين أخذوا خيارات أقل راديكالية من قطاع كبير من المعارضين بعد 30 يونيو، في التمسك بالدولة على حساب التغيير الجذري، بغرض الإبقاء على بنيتهاز وهو الخيار الذي يمكن رؤيته الآن –بعد هدوء الانفعال الثوري- لم يكن مبنيا على حسابات أخلاقية بل براغماتية صرفة، رغم ضحالة هذا النظام، ظانين أن الرافضين رومانسيين في رفضهم، وحقيقة الأمر أنه رغم بعض الرومانسية الثورية فإن الرفض الجذري والقطعي كان لحسابات عقلانية أيضا، وقراءة للتاريخ، أبعد من الخيارات التي بدت آمنة وقتها.

يستطيع أي متابع للمشهد الإعلامي المصري اليوم إدراك أن إبراهيم عيسى اليوم، هو "العاقل وسط مجانين" في وسط إعلامي يعتمد على مجموعة من معدومي الموهبة مرددي الأوامر الدولتية بحذافيرها، إلى درجة جنون غير مسبوقة. ما زال إبراهيم عيسى رغم كل الخلافات مع خياراته ومنطقه، هو الأكثر دفاعاً عن مبدأ حرية الإعلام بصوت عال، وهو من لم يترك قضايا إسلام البحيري وفاطمة ناعوت وأحمد ناجي تمر دون أن يكون له معها وقفات كثيرة، الى حد مواجهة الرئيس عبد الفتاج السيسي بها في مؤتمر الشباب.

لا تبدو أن هذه الهجمة المكثفة على عيسى ستنتهي على خير، رغم كل التطمينات الرسمية، مع نظام يعرف البعيد قبل القريب منه أنه يكره الاختلاف، ويقابله بإقصاء عنيف.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها